مقالات وآراء

جائِعٌ ولكنْ

} ابراهيم مصطفى

بالرغم من صغر مساحته الجغرافية وغزارة انتشاره في دول العالم ووسائل إعلامه الكثيرة وجمعياته التي لا تُعدُّ ولا تُحصى وحملات التبرّع العلنية والسّرية إضافةً الى العدد الهائل من البنوك والمصارف المُترامية الأطراف

يبقى في لبنان هذا مَنْ لا ينامُ الليلَ وهو يُفكر كيف سيطعم أولاده في اليوم التالي تحت وطأة ظرفٍ طارئ ومأساوي

رغم تحرك الكثير من الأحزاب وهيئات المجتمع المدني ما زال يوجد عدد كبير من العائلات المستورة أبية النفس وعزيزة الكرامة التي لا تتكلم عن جوعها وعطشها ومرضها كي لا تجرح كبرياءها أو يُذهب بماء وجهها

إذن

كيف السبيل إلى مساعدتها وتقديم يد العون إليها دون ان نُشعرها بالذلّ أو الارتهان

ومن الذي أحصى بحقّ عدد هؤلاء؟

ومن سيقدّم لهم المساعدة للبقاء على قيد الحياة؟

من سيرفع عنهم هذا الوجع وهذا الجوع في زمن الكورونا القاتل؟

من سيتابع أوضاعهم بشغفٍ ومسؤولية؟ بل من سبراقب موتهم عن بعد ليُعلن الحداد على الإنسانية؟

اننا في زمن الموت الأحمرفهذا الذي يُعيلُ عائلته يوماً بيومولا يستطيع أن يُؤمّن المأكل والمشرب ليومين متتاليين فكيف يتصرّف تحت وطأة الحجر المنزلي؟

مَنْ يأخذ بيد هؤلاء ويُحافظُ على ما تبقى من أمل في هذه الحياة؟

أيكفي الإعلان عن المساعدات؟

أيكفي الترويجُ لها في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وغالبية الناس في وطني لا يجدون قوت يومهم

من أين يأتي بالمال والبنوك مقفلة؟

من يأتي برغيف الخبز أو بعلبة دواء

او ببعض ماء ليشرب

او بمعقم يحميه هو والعائلةوالمال مفقود، والوباء عند كلّ باب مولود وفي الأزقة يمشي فرحاً ويسود؟

شكراً لكلّ مَنْ بادرَ

ولكلّ مَنْ سعى ويسعى

ولكن الواقع المرير والمؤلم يُؤكد ويجزمُ أنّ عدداً هائلاً من أبناء وطني (فقراءموظفون من دون رواتبمحاصرون…) يضعون الحصى في طناجرهم ويُوهمون أبناءهم أنّ الطبخة على النار

وانّ عدداً مماثلا ينامون من شدة الجوع

وقلّة الحِيلة

فمن يسمعْمن يعتبرمن يتّعظ من هَوْل أنّاتهم وحرقة آهاتهم؟ فليُبادر بوعي ثاقبْ وعشقٍ لاهبْ وإيمانٍ صائبْ الى تقديم الدعم لمنْ يستحقلِمنْ يستحقُ فعلاً

حتى لا يُقال

مات طفلٌ في وطني وقت الكورونا من الجوع والعطش وهو ينتظر في حضن أمه

حتى لا يُقال

ماتت إمراةٌ وهي تنتظرُ خلف الباب وصول المساعدة

حتى لا يُقال

مات كهلٌ وهو يرى هذا السياسي أو ذاك يعدُ بالمساعدة دون ان تصل

جائعٌولكن….

ويبقىفي هذا الزمن المُرّأن نتمسّكَ بالأمل نهجاً وعِلاجاً وبالصبر سبيلاً وهّاجاً للخروج من أتون الموت إلى الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى