مانشيت

العالم يلتقط أنفاسه على عتبة المليوني إصابة… وبدء البحث بشروط التأقلم بنصف عزل الحكومة ليست بوارد المسّ بالودائع… لكنها لن تتراجع عن حصّة المصارف لوائح المساعدات تكشف اهتراء الدولة… وقيادة الجيش تتريّث للتدقيق

كتب المحرّر السياسيّ

وفقاً للخبراء يبدو أن التساكن مع فيروس كورونا سيطول، وأن العالم نجح في تخطي الخطر من خلال التعامل الأولي بالإقفال العام وحظر التجول ووضع ضوابط العزل المشدد، وما وفّره ذلك من وعي لدى الشعوب لخطورة الفيروس والخروج بالتالي من حالة الاستخفاف والاستهتار، التي طبعت الأيام الأولى قبل أن تتدفق معلومات الوفيات بالآلاف، ووفقاً لمصادر صحية أممية يمكن للحكومات مع نهاية هذا الشهر البدء بخطوات محسوبة لتخفيف مدروس لبعض الإجراءات المشددة، بالاستناد على ثلاثة شروط، أولها الحفاظ على التعبئة الإعلاميّة المتشددة وما يرافقها من ملاحقة لخرق إجراءات الوقاية وأهمها ارتداء الكمامات والقفازات، والتزام المسافة الضامنة للتباعد الاجتماعيّ ووجود العوازل اللازمة واعتماد التعقيم المستدام والمنتظم في وسائل النقل وأماكن العمل والأماكن العامة، والثاني هو التزود بوسائل الفحص السريعة والمتخصصة وقد باتت متاحة بكميات تسمح لجميع دول العالم التزوّد بها، كما آلات التنفس الاصطناعي، وبالتالي إدارة الأزمة دون حالة ذعر فرضها نقص وسائل الفحص وآلات التنفس، والثالث هو مخاطر أن يؤدي طول مدة الإغلاق الاقتصادي إلى انفجارات اجتماعية تتحول إلى حالات فوضى أمنيّة وتمرّد تزيد من مخاطر التفشي، وتتسبب بمشكلة لا تقل خطورة عن أزمة الفيروس.

في لبنان لا يزال الوضع في مرحلة الاحتواء لتمدد الفيروس حيث الزيادات تحت سقف المقبول والجيد، والقدرة على المواكبة تمتلك المزيد من الخبرات والإمكانات العلمية والمادية، ونسبة التطوع للخدمة الاجتماعية تتزايد، فيما برزت قضية المساعدات المالية التي قررتها الحكومة، وكان يفترض البدء بتوزيعها اليوم، إلى الواجهة مع تريّث قيادة الجيش بالبدء، بعدما تبين أن أغلب اللوائح المعتمدة مليئة بالنواقص والثغرات، وتعكس حالة الاهتراء التي تعيشها مؤسسات الدولة، ووفقاً لمصادر متابعة للملف تضمنت بعض اللوائح أسماء أموات، بينما وفقاً لمصادر نقابية وصلت بعض اللوائح بنصف الأسماء المفترضة الموثقة لدى الدوائر الرسمية المعتمدة، ووفقاً لبعض البلديات والمخاتير يبدو عدم التوزيع أو التريّث في التوزيع أفضل من توزيع يسبب مشاكل ويوحي باستنسابية تفتح مجدداً باب الحديث عن محسوبيات.

الحكومة التي تواجه هذه المشكلة بعدما أرادتها مصدراً لرصيد تحققه من حسن تعاملها مع معاناة الناس، تواجه في خطتها المالية التي تمّت مناقشتها بصورة أولية في الحكومة، حملة شرسة تستهدفها، ويبدو الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري عنوان هذه الحملة مع الإعلان عن عودته إلى بيروت من جهة، والتصريح الناري الذي أدلى به بوصف الخطة الاقتصادية للحكومة بالعمل الانتحاري من جهة مقابلة، بينما قالت مصادر متابعة للموقف الحكومي، إن للحملة أهدافاً مختلفة؛ فالحكومة ليست بوارد أي اقتطاع من الودائع المصرفية، وفقاً لخطتها التي لا تتضمن مسودتها أي إشارة لما يسمى بالهيركات، بينما حديث رئيس الحكومة عن التأكيد إلى أن 90% من الودائع لن يمسّ لا يعني أن الـ 10% الباقية ستمسّ، بل يعني بوضوح أن حسابات حاملي سندات الدين وأصحاب المصارف والحسابات المشكوك بتكوينها من مال عام جرت مراكمته خلال سنوات تجذر فيها الفساد، سيتم التدقيق بها وسيتحمّل أصحابها نصيبهم من المساهمة في خطة مواجهة الأزمة، فالكل يتحدث عن إعادة المال المنهوب، والكل يتحدث عن أرباح طائلة حققتها المصارف وعن استفادتها من الهندسات المالية، ومضاعفة أرقام حسابات حققها كبار المودعين بفوائد مبالغ بها تمّ توظيفها في سندات الخزينة أو في إيداعات مصرف لبنان، وإذا كانت أهداف الحملة على الحكومة هي دفعها للتراجع عن التدقيق في هذه الملفات، والتخلي عن مطالبة المصارف بتحمل نصيبها من المشاركة في الحل، بعدما نالت نصيبها من أرباح الأزمة، فالحكومة ستتوجه إلى مجلس النواب بعدما تنهي دراسة مسودة الخطة، ويستطيع مجلس النواب أن يقر عفواً مالياً على الجرائم المرتكبة بحق المال العام، كما فعل مع جرائم الحرب الأهليّة التي تحلّ ذكراها هذه الأيام، كما يستطيع توفير الحصانة للمصارف وللحسابات التي حققت أرباحاً طائلة من الفوائد ومن سندات الخزينة، بينما الحكومة تتعهد بأن الحسابات التي لا تخص أياً من هذه الحالات، فيرعاها الحق الدستوري بحصانة الملكية الخاصة وحمايتها.

بعدما خضع حاكم البنك المركزي رياض سلامة لاستجواب الحكومة في جلستها الأخيرة، يتوجه الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري للانخراط بالمواجهة للدفاع عن سلامة ومواقع نفوذ المستقبل في الدولة، بحسب ما علمت «البناء» مستغلاً ما سُرب في الاعلام عن ان الخطة المالية والاقتصادية التي تعتزم الحكومة عرضها تمس بودائع اللبنانيين، حيث من المتوقع أن يصل الحريري الى بيروت الاسبوع المقبل بحسب أوساط مستقبلية لـ«البناء» والتي أكدت بأن الحريري لن يقبل المسّ بمواقع المستقبل في الدولة لا في مصرف لبنان ولا في القضاء ومطار بيروت مهما كان الثمن، مضيفة أن الحريري لا يزال يمثل السنة في لبنان وليس الرئيس حسان دياب والأفضل على الجميع أن يعرف موقعه وحجمه.

في المقابل برز الاستغلال المستقبليالاشتراكي لمسألة الودائع في الخطة الحكومية المالية والاقتصادية كعنوان سياسي شعبي للمعركة ضد الحكومة وهم أنفسهم الذين يدافعون عن المصارف وحاكم مصرف لبنان وعن كل مواقع الهدر والفساد! فقد اعتبر عضو كتلة المستقبل النيابية النائب نزيه نجم أن «ما تضمنته الخطة المالية الحكومية حيال الودائع سيؤذي كل الشعب اللبناني، حيث أن المودعين المقيمين والمغتربين الذين وثقوا بالدولة وبالنظام المصرفي سيخسرون جزءاً كبيراً من ودائعهم بدلاً من ان تبادر الحكومة الى مكافحة الفساد ووقف مزاريب الهدر واستعادة الأموال المنهوبة». واشار نجم لـ«البناء» الى ان «نقص السيولة وحجز ودائع اللبنانيين هي مسؤولية الدولة وليس المودعين، ولذلك يجب على الحكومة أن تبادر الى التصرف بأملاكها المقدرة بـ 600 مليار دولار لمعالجة أزمة الودائع والمصارف».

وعما اذا كان تيار المستقبل يوافق على محاسبة الفاسدين من تياره لفت نجم الى ان «الرئيس الحريري كان اول الداعين لمحاسبة كل المسؤولين عن انهيار الوضع الاقتصادي لأي جهة انتمى، لكن أن تقتصر التهم والاستدعاءات والتحقيقات والمحاسبة على موظفين من جهة سياسية محددة فأمر لن نقبل به»، مشيراً الى «الهجوم الشرس الذي يتعرض له الحريري والمستقبل وكل الموظفين والشركات والمواقع التابعة له، في مقابل صمت الحكومة والعهد عن العجز في الكهرباء». وكشف نجم عن عرض نقله وزير الطاقة ريمون غجر للحكومة وللجنة الطاقة النيابية من شركة سيمنز لإنتاج الكهرباء من دولة لدولة بكلفة 7 سنت للكيلو الواحد ولم يعمل بهذا الاتفاق». واضاف نجم ان «الحكومة سقطت عندما مدّت يدها على أموال وجيوب اللبنانيين»، وأكد ان الخطة المالية كما هي لن تمر في المجلس النيابي.

ونفى نجم دفاع المستقبل عن المصارف ولا عن مصرف لبنان، مضيفاً: «ندافع عن حقوق اللبنانيين، فالمصارف أقرضت الدولة وبدورها فرطت بهذه الأموال، محذراً من الضغط على المصارف لأن ذلك سيؤدي الى انهيارها وبالتالي انهيار لبنان من ارتفاع سعر صرف الدولار الى وقف الاستيراد والتصدير الى وقف جميع المعاملات المصرفية في الداخل والخارج».

أما المؤشر الخطير فهو دخول المرجعية الاسلامية السنية للمرة الأولى على خط الصراع السياسي المالي والتصويب على الحكومة، وفي هذا التوقيت بالذات ومن نافذة «امن الودائع»، علماً ان المسؤولين المباشرين عن الازمة المالية وازمة الودائع معروفون، كما ان الحكومة لم تعلن خطتها حتى الآن ولا زالت في إطار الاقتراحات والنقاشات، بحسب مصادر حكومية لـ«البناء».

ولفت مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الى ان «دار الفتوى لن تقبل بأي تدبير أو موقف او قرار يتناول مدخرات الناس وأموالهم التي جنوها بالحلال وبعرق الجبين، ودور الدولة أن تحمي الناس وتحمي مدخراتهم وحقوقهم بكل إمكاناتها وطاقاتها، لا ان تحرمهم من جنى عمرهم، لان هذا سيسبب بدمار المجتمع والأخلاق وإحلال الفوضى».

وترافق السجال والصراع بين الحكومة وتحالف المصارف وسلامة، مع ارتفاع جديد وخطير لسعر صرف الدولار الذي تخطى أمس عتبة 3000 ليرة لبنانية للمرة الأولى في تاريخ لبنان، حيث عبر اصحاب المحال التجارية عن غضبهم جراء هذا الوضع الذي سينتهي بهم الى إقفال مؤسساتهم نظراً لتدنّي مستوى أرباحهم الى حد الخسارة لعجزهم عن شراء الدولار. فيما عبر المواطنون عن سخطهم لتآكل رواتبهم جراء التضخم وارتفاع اسعار المواد الغذائية، خصوصاً أننا على مسافة أسبوعين من حلول شهر رمضان. وحمل خبراء اقتصاديون وماليون حاكم مصرف لبنان والمصارف والصرافين مسؤولية التلاعب بأسعار الدولار والتواطؤ فيما بينهم والمماطلة بمعالجة ازمة الودائع الامر الذي سيهدد بمزيد من الفقر والجوع والانفجارات الاجتماعية في اكثر من منطقة. وسط المعلومات التي أثارتها جهات نيابية وتتحدث عن احتمال إغلاق مستشفيات بسبب الديون المتراكمة على الدولة.

الى ذلك، لفت الانخفاض في عداد الإصابات بالكورونا حيث لم يلحظ الا اصابتين أمس، في رقم يبشر بالتفاؤل بامكانية سيطرة الحكومة على انتشار المرض وحصره تمهيداً للقضاء عليه. لكن مصادر صحية دعت الى الانتظار مدة أسبوعين للاطمئنان لجهة عدم اصابة اي من المغتربين العائدين الى لبنان الى جانب مدى تأثير انتشار الوباء في منطقة بشري على الوضع العام.

وبعد ظهور إصابات عدة في بشري أعلن رئيس القوات سمير جعجع الحجر والعزل الكامل للمدينة، إن كان خارجياً أم داخلياً، وذلك بعد التداول مع رئيس الحكومة ووزيري الصحة والداخلية، موجهاً الشكر لدياب والوزيرين المذكورين على الاهتمام بالمنطقة.

وأعلنت إدارة مستشفى بشري الحكومي، في بيان، صدور نتائج 123 فحص PCR وكانت النتائج كالتالي: ثلاث حالات جديدة في بشري، حالة جديدة في برحليون، حالة واحدة في شكا. وبذلك «يكون العدد الإجمالي للحالات الايجابية في قضاء بشري حتى الآن 64 حالة ايجابية من بينها حالة تتماثل للشفاء». وذكر أن «طاقم المستشفى الطبي في مركز الحجر، كانت نتائجه سلبية».

أما في حلبا فأفادت الوكالة الوطنية أن «نتائج فحوصات الـpcr لعدد من أفراد أسرة عنصر الدفاع المدني في مركز حلبا المصاب بالفيروس أظهرت أن زوجته وابنه وابنته مصابون أيضاً».

وأعلنت وزارة الصحة تسجيل إصابتين جديدتين بكورونا، ليرتفع عدد الحالات المثبتة الى 632. في المقابل، أحصيت خروق لقرار التعبئة العامة في مناطق عدة من شأنها تهديد التقدم الحاصل اذا استمرّت.

وتنتهي اليوم المرحلة الاولى من عملية اجلاء المغتربين اللبنانيين من الخارج، فقد وصلت أمس الى مطار بيروت طائرة من جدة وأخرى من باريس على متنها 132 لبنانياً وطائرة من ليبروفيل في أفريقيا وواحدة من لندن وقد خضعوا جميعاً للفحوصات قبل الانتقال إلى الفنادق.

وكشف السفير اللبناني في بريطانيا عن إعادة 6 لبنانيين لإصابتهم بكورونا من ركاب الطائرة العائدة إلى بيروت واستبدالهم بـ6 آخرين كانوا على لائحة الانتظار.

ولفت رئيس المطار فادي الحسن الى أن «القرار بشأن المرحلة الثانية من عودة المغتربين يعود لوزير الصحة استناداً الى الرحلات التي تضمنتها المرحلة الاولى».

وأكّد وزير الصحة أن مجلس الوزراء يعمل كخلية أزمة لمتابعة كل المقررات والحرص على عدم بقائها مقررات مكتوبة وحسب، معتبراً أن ذلك يعكس التناغم بين الوزارات. وشدد، خلال افتتاح مركز لمعالجة مرضى كورونا في مستشفى بهمن، على أن الحفاظ على كرامة الموظفين وحقوقهم مسؤولية مشتركة، مؤكداً «أننا لن نتأخر في الحفاظ عليها». وطمأن حسن أن لا عوائق مالية أمام الحفاظ على صحة المواطن، لافتاً الى «أننا بخدمة الصحة العامة وعلى كافة الاراضي اللبنانية وما نقوم به ضمانة لسلامة الوطن».

في غضون ذلك، يبدأ اليوم تنفيذ قرار مجلس الوزراء بتقديم مساعدات اجتماعية للمواطنين الذين تعطلت أعمالهم جراء قرار التعبئة العامة، وأعلنت قيادة الجيش أن وحدات الجيش المنتشرة في المناطق اللبنانية كافة، تباشر عمليات التوزيع اعتباراً من صباح اليوم. وأكدت الالتزام باللوائح الإسمية التي وردتها من رئاسة مجلس الوزراء حتى تاريخه كما هي، بحيث تقوم العناصر المكلفة بمهمات التوزيع بالإجراءات المناسبة للتأكد من الأسماء قبل تسليم المساعدات. وأشارت إلى أن جميع العناصر المولجة تنفيذ مهمة التوزيع سوف تتخذ أقصى درجات الوقاية بسبب جائحة كورونا.

ويعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة في السرايا الحكومية برئاسة الرئيس حسان دياب للبحث في مستجدات الوضعين المالي والنقدي ومتابعة البحث في خطة الإنقاذ الاقتصادي بالإضافة الى طلب وزير التنمية الادارية في مشروع إدارة النفايات الصلبة وإضافة مراكز جديدة على لائحة المراكز التي يتم تمويل تشغيلها وصيانتها من خلال مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية.

على صعيد آخر، ذكرت معلومات للـ»أل بي سي» أن «وزيرة العدل ماري كلود نجم ستحيل مشروع التشكيلات القضائية مع ملاحظاتها عليه الى وزيرة الدفاع المعنية به بموجب المادة 13 من قانون القضاء العسكري على ان يحال بعدها الى وزير المال ثم الى رئيس الحكومة ومنه الى رئيس الجمهورية». وأشارت المعلومات الى أن ما يحكى عن التداول به في جلسة مجلس الوزراء اليوم غير دقيق لأنه أصلاً مرسوم عادي لا يُتخذ قرار في شأنه في مجلس الوزراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى