ثقافة وفنون

يوميّات عائلة منكوبة ..

رانية مرعي

تجتمعُ العائلةُ في غرفةٍ واحدة.. ليس شوقًاً.. بل خوفًا من الوحدة.. فتواسي الروح زفرات أوهامها.

صمتٌ عابث.. وابتسامة تتلوّى على شفاهٍ تعضُّ على جراحها.. والجميع متوارون خلف قناع الخجل.

عمّ سيتحدّثون؟!

الأب.. يضعُ يده في جيبه البالي.. يتحسّسُ آخر ما يملك من أموال.. ليعرفَ كم سيُبعد شبح الجوع عن أولادٍ بدأت تخبو ابتسامتهم.

الأم.. تخافُ من غدٍ بارد.. ومن صحونٍ فارغة.. وتقطعُ من لحمها الحيِّ ليقتات فلذاتُ أكبادها الذين جفّت أمعاؤهم من الانتظار.

الطفلُ.. يحلمُ بالحلوى.. وبثيابٍ جديدة يفوح منها عطرُ العيد .. وبألعابٍ نظيفة تملأ مساحات الوحدة التي تسرقُ منه سنيّ البراءة.

الفتاة.. تفكّرُ كيف ستعودُ إلى مدرستها بحذاء مثقوب.. ومريول عتيق.. وتقرّرُ أن تقصَّ جديلتها كي لا تقفَ أمامّ مرآتها المكسورة.. عاريةً من جمالها.

لا تلامسُ العينُ عينًا.. ولا يجرؤ أحدٌ أن يسألَ الآخر إن كان بخير.. يسرقونَ كلّ حينٍ نظرةَ اطمئنان.. ويبحثون عن بقايا حياة في أنفاسٍ متهالكة.

والموت المتربّص بباب منزلهم.. تسمّرت خطواته .

لم يجرؤ بعد أن يقضيَ على حلمهم الأخير.

وما زالَ مثلهم .. يحتضر!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى