الوطن

لتكن مصلحة الجبل وأهله
أساس كلّ اللقاءات والتفاهمات…

} رائد الصايغ*

صار من الواجب الوطني والأخلاقي إعلاء الصوت بالحقيقة المطلقة، وصار السكوت وغضّ النظر بمثابة المشاركة في ارتكاب الخطايا المميتة، خاصة في هذه الظروف القاسية والصعبة التي يعيشها لبنان واللبنانيون، إذ لم يعد بمقدور الناس تحمّل المزيد من الارتكابات والمحاصصات التي تحصل باسمهم وبحجة تمثيلهم، بينما يدلّ الواقع والوقائع على أنها تحصل فقط لمصلحة المتحاصصين أنفسهم ومعهم بعض الحاشية من هنا وهناك.

لقد بات لزاماً علينا مصارحة أهلنا ومكاشفتهم ووضع كلّ المعطيات أمامهم، علماً أنّ الكثير من هذه المعطيات مكشوفة أمام الجميع ومعروفة وغير سرية، وبعضهم يتباهى بها من دون خجل، فقط هي بحاجة إلى تجميع لتتضح الصورة.

ما تقدّم ينطبق بلا شكّ على لبنان بأسره، لكنني في هذه العجالة أودّ أن أحصر كلامي بأوضاعنا نحن في الجبل، خاصة بالتزامن مع اجتماعات تحصل هنا وهناك بين بعض ممثلي هذا  الجبل والذين يحاولون اختصار أهله وناسه جميعاً.

طبعاً لا مشكلة بأيّ لقاء أو تفاهم يحصل بين كلّ الأطراف، بل هذا هو المطلوب بشكل دائم، ومرحّب بكل مَن يسعى إلى التوفيق والتوحيد. ولكن يجب أن تكون الأمور واضحة ومؤسَّسة على قواعد صلبة، ولكن الأهمّ من كلّ ذلك يجب أن تكون لمصلحة الناس لا أن تحقق فقط مصالح الأطراف التي تبرم الاتفاقات وتعقد التفاهمات.

وحتى نكون أكثر وضوحاً وصراحة لا بدّ أن نعيد إلى الذاكرة ما حصل منذ ثلاثين سنة إلى اليوم، حيث أتت المساعدات وأتى التمويل لهذا الطرف أو ذاك، سواء تسلّم هذه المساعدات والأموال حلفاء السعودية والخليج أو تسلّمها حلفاء المقاومة وسورية والجمهورية الإسلامية في إيران.

وتقول الحقائق والوقائع أنّ ما وصل إلى الناس من تلك المساعدات والأموال لم يكن إلا القليل القليل، بينما ذهب الباقي لشراء القصور والعقارات والسيارات الفخمة والأراضي الشاسعة الواسعة أو لزيادة أرصدة هذا أو ذاك ممن يسمّون أنفسهم قادة الجبل، والذين يظهرون أحياناً أمام الناس أنهم متخاصمون، ولكن مع الأيام يتبيّن أنّ الخصومة تقتصر فقط على «القسمة»، وأنّ الخلاف يكون على حساب الناس ودمائهم ثمّ تأتي الاتفاقات أيضاً على حساب الناس ودمائهم وحياتهم اليومية ومستقبل أبنائهم.

لم تقم في الجبل منذ العام 1992 حتى اليوم، لا بتمويل من الخزينة العامة ولا بتمويل من الحلفاء والأصدقاء الداعمين لهذا أو ذاك من الأفرقاء، لم تقم مؤسسة واحدة لتكون في خدمة الناس في الأيام الصعبة، على كلّ الصعد الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والصحية! وما أنشئ من مؤسسات لم يكن على المستوى اللائق، بل ربما كان من أجل صورة تصل إلى من يعنيهم الأمر حتى يدفعوا المزيد من الأموال والمساعدات!

وإذا كنا نتحدث عن تقصير كبير ومزمن تجاه الجبل وأهله وناسه، فإننا لا نستبعد أن يكون الأمر مقصوداً لكي تبقى الناس خائفة ومرتهَنة للسياسيّين الذين يستمرّون في زرع الأوهام بأنهم هم القادرون عل تأمين لقمة العيش لأهل الجبل.

هناك الكثير من التفاصيل التي يمكن أن نوردها في هذا المجال، لكن نكتفي اليوم بالقول: كفى يا أيهاكفى متاجرة بالناسوللحديث صلة.

*رئيس الحركة الإصلاحية اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى