نقاط على الحروف

شنكر «بق البحصة»: «وافقوا على التصوّر»!‏

 ناصر قنديل

يبدأ منطق أيتام جيفري فيلتمان وأتباع ديفيد شنكر من اللبنانيين، بتقديم الأزمة المالية كنتيجة لوجود سلاح المقاومة، ويرفقونه بتوجيه اتهامات لها لا يمكن لعاقل تصديقها، أو تصديق تسبّبها بالأزمة إذا صدق صحتها، فيصير منطق العقوبات مقبولاً ومسلماً به، ويصير التراجع المطلوب هو من المقاومة، وليس من صاحب العقوبات. وهذا النقاش لا جدوى من دخوله، لأنه نفق بلا نهاية، لذلك أراد السيد شنكر أن يهوّن الأمر علينا، فبلغ النتيجة التي كنا نقول إنها هي الهدف الحقيقي للعقوبات، وفي الطريق هي الهدف للحملة على المقاومة، و»بق البحصة» وقال بالفم الملآن، «أنتم في أزمة مالية وتحتاجون الغاز الموجود بوفرة في البلوك 9 والبلوك 10، وقدّمنا لكم تصوراً لترسيم الحدود يمكنكم بالموافقة عليه بلوغ هذا الغاز، والكرة في ملعبكم الآن فوافقوا على التصور». والتصور هو ما عُرف بخط هوف الذي يخسر لبنان بموجبه نصف حقوقه من الغاز، المقدرة بمئة مليار دولار لحساب كيان الاحتلال.

الذين يدعون للسير بما يريده الأميركي ومراضاته ومراعاته، حتى يمنّ علينا عبر صندوق النقد الدولي، او عبر منح الضوء الأخضر لمؤتمر سيدر والبنك الدولي من خلاله، لتقديم بضعة مليارات من الدولارات بصيغة قروض، ويدعون لتقديم فروض الطاعة للأميركي لهذه الغاية وتجنّب كل ما يمكن ان يتسبب بإغضابه، مدعوون لإشهار قبولهم سلفاً وعلناً، بالتراجع عن رفض لبنان لخط هوف. وفي هذا السياق على الذين يتمسكون بالدفاع عن حقوق لبنان في البحر، والمتمسكين بسيادته، أن يتمسكوا بما يقطع الطريق على عبث التحريض الذي يمارسه الأميركي، عبر مقترحات توزعها السفيرة الأميركية ذات اليمين واليسار بالدعوة لتبديل مرجعية التفاوض من رئاسة المجلس النيابي، مرة نحو رئاسة الحكومة، ومرة نحو وزارة الخارجية، وثالثة نحو رئاسة الجمهورية، لأنه بإغلاق هذه النوافذ يقطع الأمل أمام الأوهام الأميركية بفرص فرض التنازل عن الثوابت اللبنانية، وبالتالي بتخفيف للضغوط المرافقة لهذه الأوهام.

الواضح من اللهجة الحانقة لشنكر على خيار «التوجه شرقاً» أنه يخشاه بالفعل، لأنه يقطع الطريق على أوهام تحقيق الأحلام التي ينتظرها قادة كيان الاحتلال بوضع اليد على الغاز اللبناني في البحر، كثمرة للضغوط المالية، فلو كان شنكر غير متأكد من جدية الصين تحديداً بالاهتمام بلبنان كوجهة اقتصادية، ومن فشل محاولات الضغط عليها للتراجع عن الاهتمام بلبنان، لاستهزأ بالدعوة، وسخر منها، بينما نراه يتحدث والغضب ينفجر بين كلماته، متحدثاً عن فضل أميركي على لبنان بمساعدته بـ 25 مليون دولار في مواجهة كورونا، ليسأل ماذا قدمت لكم الصين بالمقابل، ويحذر من خطورة الوقوع في «الفخاخ الصينية»، كحريص يذوب حرصاً على لبنان وحقوقه وسيادته، مقدماً مثال جيبوتي ليقول للبنانيين، احذروا الصين لأنها ستستحوذ على الدولة ومرافقها كما استحوذت على مرافئ جيبوتي لـ 99 سنة لقاء ديونها. وقيمة كلام شنكر القلق فعلاً من الخيار الصيني الاستثماري أنه اعتراف بجدية هذا الخيار من الزاوية الصينية، وفقاً للمعلومات الأميركية، ما يستدعي ولو من باب تحسين القدرات التفاوضية للحكومة اللبنانية، التعامل بجدية مع هذا الخيار، للوصول في النهاية إلى عروض متوازية يختار لبنان منها الأفضل له.

لا ينسى شنكر أن يقدم لجماعاته من اللبنانيين ضيافة أخلاقية، ذات بعد سيادي، فانتهاك الأجواء اللبنانية من طيران جيش الاحتلال ليس خرقاً للسيادة، لأنه لو أتيح لليونيفيل الدخول إلى الأملاك الخاصة في الجنوب، لما احتاج جيش الاحتلال لدخول الأجواء، ونعم المفهوم السيادي، ونعيماً!!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى