أولى

هكذا تدار عملية إسقاط الليرة اللبنانيّة..

 

باريسنضال حمادة

تواصل الليرة اللبنانيّة رحلتها نحو المجهول في ظل غياب حلول ناجعة لمواجهة هذا الانهيار المتسارع الذي تتداخل فيه عوامل كثيرة منها ما هو اقتصادي واقعي بفعل المديونية الكبيرة للدولة اللبنانية والنقص الكبير في العملات الصعبة نتيجة الفساد وثلاثين عاماً من دولرة الاقتصاد اللبناني، ومنها ما يتعلّق بالمضاربات اليومية التي تظهر بعض المنصات أنها تدار من الخارج، وحسب معلومات أمنية لبنانية تدار بعض المنصات التي تضارب على الليرة اللبنانيّة من العراق ومن الإمارات العربيّة المتحدة وبعضها يحدّد سعر تداول الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي في عملية مضاربة على الليرة اللبنانية بإدارة خارجية وفي شرعنة للسوق السوداء.

في السياق، تظهر الرسوم البيانية لعمليات المضاربة بالليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي عن عمليات منظمة لدفع الليرة نحو الانهيار السريع، وفي الوقت نفسه اللعب على وتر الهبوط السريع لليرة ورفعها بوتيرة اقل سرعة لخلق جو من الفوضى والهلع في أوساط حاملي النقد الأجنبي لدفعهم الى بيعه بأي سعر متوفر بسبب عاملي الخوف والضغط. ولا تساهم تصريحات المسؤولين في لبنان وبيانات المصرف المركزي سوى في تعزيز هذا الجو من الشعور بالخوف وعدم الثقة بكل ما يجري في البلد.

ويظهر في الرسم البياني الذي ننشره في هذه المقالة ثلاثة أنواع من الارتفاع وهبوط لليرة مقابل الدولار تظهر التنظيم الكبير الذي تدار من خلاله عمليات المضاربة. وهذا ما لا يدع مجالاً للشك أن عملية الانهيار التي تتعرض لها العملة الوطنية اللبنانية إنما تدار من أجهزة مخابرات ودول لها نفوذ وسيطرة في لبنان ودول لديها اطلاع كبير على القطاع المصرفي اللبناني وتمسك بكل خفاياه فضلاً عن وجود جيش من العملاء الماليين يعملون بإدارتها وإرشاداتها.

في الرسم البياني يظهر الخط الأسود الذي يبين عملية صعود الدولار السريعة والمفاجئة يوم 18 حزيران الماضي من حدود الـ 4900 ليرة لبنانيّة لكل دولار الى 9800 ليرة لبنانية للدولار والذي حصل يوم 3 تموز الحالي في عملية منظمة فقدت فيها الليرة اللبنانية

(التتمة ص8)

خلال أسبوعين خمسين بالمئة من قيمتها بعدما كانت فقدت خلال ثمانية أشهر حوالي خمسة وسبعين بالمئة من قيمتها الأصلية. وفي مقارنة مع عملية الارتفاع التقني لليرة اللبنانية التي لم تستمر أكثر من 72 ساعة والتي نشير اليها بالخط الأحمر يظهر جلياً أن عملية جني أرباح سريعة نظمت خلال ثلاثة أيام تم فيها سحب جزء من ودائع الناس من العملة الصعبة ومعها بعض ما حمله المغتربون اللبنانيون بأسعار أرخص عشرين بالمئة عن نهاية الارتفاع المشار اليه بالخط الأسود، يضاف الى ذلك أن عملية صعود الليرة لم تصل الى مرحلة استعادة الخسائر التي تكبّدتها بين 18 حزيران و3 تموز حتى يمكن القول إن هناك عودة الى ما تحت الخمسة آلاف ليرة للدولار الواحد، وما لبث المضارب الأساس الخارجي الذي يدير عملية المضاربة والإسقاط لليرة اللبنانية أن عاد ليرفع سعر الدولار الى حدوده القصوى التي وصلها يوم 3 تموز عام 2020 وهذا المسار أشرنا اليه باللون الزهريّ في خريطة الرسم البياني لعملية المضاربة المنظمة التي تمارس على العملة الوطنية اللبنانية التي يظهر انها تتعرض لحرب إسقاط منظمة لم تعد التصريحات الإعلاميّة تجدي نفعاً لوقفها بل يلزم لوقف هذا الانهيار عودة جدية وصادقة لسياسة مكافحة الفساد واستعادة جزء من الأموال المنهوبة بالتزامن مع عملية أمنية منظمة وجدية لضرب مفاصل المضاربة ومراكز تحرّكهم وغير ذلك نكون كمن ينتظر موته البطيء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى