مانشيت

مساعٍ فرنسيّة لربط لبنان بالصراع على ليبيا لتجاوز العقدة السعوديّة واستقطاب مصر للتسوية

نواف سلام غير مطروح واسم الرئيس المكلّف ينتظر موقف الرئيس الحريريّ / الغالبيّة النيابيّة وجنبلاط لتفويض برّي بلورة المشهد الحكوميّ... والتحقيق منفصل

كتب المحرّر السياسيّ

تقول مصادر متابعة للمشهد السياسي اللبناني والإقليمي إن ثلاثة أركان تقوم عليها المفاوضات الدولية والإقليميّة هي باريس وواشنطن وطهران، وإنها قطعت شوطاً رئيسياً ومتقدماً في صياغة الحاجة لتسوية سياسية تنتج حكومة لبنانية جامعة، ليست بالضرورة حكومة الصف السياسيّ الأول الذي يرجّح بقاؤه خارج الصورة لما بعد الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها، فيما يتمثل حكومياً بشخصيات غير سياسية من رئاسة الحكومة إلى أعضائها، بما لا يستفز الشارع ويطمئن الخارج ويرضي بالتساوي المكونات السياسية الداخلية. وقالت المصادر إن المقصود هنا ليس أسماء جرى وضعها في التداول الإعلامي من دون أي أساس سياسي كاسم السفير السابق نواف سلام أو نائب حاكم مصرف لبنان السابق محمد بعاصيري، حيث الأسماء ليست في التداول بعد، ومثل هذه الأسماء لا تنطبق عليه المواصفات المطلوبة، كما تقول المصادر، وتضيف أن شوطاً طويلاً لا يزال ينتظر تبلور المشهد الحكومي، منها تريّث الرئيس سعد الحريري في الدخول على خط التسميات، مع تفضيله عدم ترؤسه شخصياً أي حكومة قبل الانتخابات المقبلة، وانتظاره الموقف السعودي الذي لا يزال متحفظاً على كل لغة التسوية مع حزب الله، كما أوضحت كلمة وزير الخارجية السعودية في المؤتمر الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون تحت عنوان مساعدة لبنان.

المسعى الفرنسي على الخط السعودي قائم، وفقاً للمصادر، عبر ربط الملف اللبناني بالصراع القائم مع تركيا حول ليبيا، وحيث تقف فرنسا والسعودية ومصر في ضفة واحدة، والمسعى الفرنسي يهدف لتفويض مصر بالملف اللبناني، طالما لم تتقدّم المفاوضات الإيرانية السعودية حول الخليج وخصوصاً حول اليمن، على أن تسترد الرياض من القاهرة الإدارة عندما يبدأ التقدم على المسار اليمني، ويضع الفرنسيون الدور المصري الذي ظهر في مرحلة اتفاق الدوحة وتسمية العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية مثالاً لما يمكن أن يحدث راهناً، ويرون أن زيارة وزير خارجية مصر سامح شكري يمكن أن تؤسس لدور يشبه ما قام به رئيس المخابرات المصرية يومها اللواء عمر سليمان.

المصادر لخصت المشهد الحكومي خارجياً بثلاثية تتولى باريس تنسيقها بين طرفيها طهران والقاهرة، فيما يبقى ملف التهدئة على جبهة الجنوب اللبناني عهدة أميركية، وفي هذا السياق تعتقد المصادر أنه لا يجب الاستعجال في اعتبار الأمور ناضجة للتسويات الحكومية، بينما قد يستهلك الأمر وقتاً يمتد لأسابيع وربما لأشهر، وهو ما سيظهر في ضوء نتائج زيارة المبعوث الأميركي ديفيد هيل وما سيحمله على مستوى ملف ترسيم الحدود، وفي هذا الملف كما في الملف الحكومي يبدو أن التفويض الممنوح لرئيس مجلس النواب نبيه بري توسّعت دائرته، بعدما تجدد تفويض الغالبية البرلمانية لبري في الملف الحكومي وملف ترسيم الحدود، وأضيف تفويض النائب السابق وليد جنبلاط الذي ربط موقفه بموقف بري من الملف الحكومي.

المصادر المتابعة دعت لعدم ربط المسار السياسي بالمسار القضائي، حيث قالت إن حجم الكارثة والتفاصيل الأمنيّة الخطيرة التي يهتم العالم الخارجي بمعرفتها، خصوصا لاستكشاف الجهة المستفيدة من بقاء المواد المتفجّرة في المرفأ، وهو ما يصعب تصديق أنه ناتج عن الإهمال فقط، والشكوك الفرنسية حول صلة ما بتنظيم القاعدة كانت وراء جزء كبير من الاهتمام بالتفجير، وفي خلفيّة البحث بمستقبل المرفأ اقتصادياً. وتوقعت المصادر أن يتواصل التحقيق بجدية بعيداً عن التسويات والحمايات، وصولاً لكشف الكثير من الحقائق، وتحديد الكثير من المسؤوليات.

وانطلقت المشاورات السياسيّة على أكثر من محور تمهيداً للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس لتأليف حكومة جديدة.

وبحسب معلومات «البناء» فقد نشطت الاتصالات بين عين التينة وبعبدا وبيت الوسط وكليمنصو لمناقشة المرحلة الحاليّة وبلورة رؤية أولية لرئيس الحكومة المقبل وشكل الحكومة العتيدة، لكن مصادر «البناء» تشير الى أن «المفاوضات لا تزال في بدايتها ولم تستقر الأطراف السياسيّة على موقف بانتظار جملة تطورات لا سيّما زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل الى بيروت نهاية الأسبوع إضافة الى الجلسة النيابية المرتقبة التي دعا اليها رئيس المجلس نبيه بري الخميس المقبل والتي ستشكل بحسب مصادر نيابية فرصة لجس النبض بين الكتل النيابية حول مقاربتها للمرحلة المقبلة وموقفها من تكليف رئيس لتأليف الحكومة الجديدة.

عين التينة

وأشارت أجواء الاجتماع الذي جمع مساء الاثنين الرئيس بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والنائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، أن الاجتماع أدى الى وضع تصوّر مشترك لمقاربة مرحلة ما بعد استقالة الحكومة، مع إعطاء الأولوية راهناً لمسألة اختيار رئيس جديد للحكومة قادر على تشكيل حكومة فاعلة ومنتجة وقوية والإفادة من تجربة الحكومة المستقيلة وتحديداً نقاط الضعف التي اعترتها، بدءاً وليس انتهاء بما سُمّي تجربة التكنوقراط التي لم تكن على قدر التطلّعات.

ومن عين التينة اكّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أنّه «لا بدّ من حكومة، سمّوها كما شئتم، تعالج أوّلًا الوضع الاقتصادي وإعمار بيروت، وقبل كلّ شيء، حيث عجزت الحكومات السابقة، الإصلاح»، لافتًا إلى أنّه «بناءً عليه، نكون قد خطونا خطوات تدريجيّة نحو الأمان ربّما».

وأشار جنبلاط في تصريح بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة إلى أنّه «ليس لدي مرشّح لرئاسة الحكومة، وسأنسّق مع بري كالعادة في كلّ خطوة من الخطوات، لأنّ المطلوب اليوم التنسيق الكامل، والآن ليس وقت تمسية مرشح للرئاسة». وذكر أنّ «الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحدّث معي يوم اول امس وقلت له الأمر نفسه، ولا بدّ من حكومة طوارئ كي نخرج البلاد من هذا المأزق».

وأوضح جنبلاط «أنّني لا أضع شروطًا للمشاركة في الحكومة المقبلة، لكن لا بدّ من تشكيل حكومة، كي لا تبقى الحكومة الحاليّة تصرّف أعمالًا».

وكان الرئيس بري ترأس اجتماعاً طارئاً لكتلة التنمية والتحرير، وشددت الكتلة في بيان على وجوب الإسراع بتشكيل حكومة جامعة تكون قادرة على إنقاذ الوطن وإعادة ثقة أبنائه وثقة المجتمع الدولي والعربي بالدولة أدوارها. وجدّدت الكتلة «التزامها وتمسكها بالحوار سبيلاً وحيداً لمقاربة كافة العناوين والقضايا الخلافية وفي مقدّمها الاتفاق والإسراع نحو إقرار قانون للانتخابات النيابية على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس للشيوخ سبق وقدمته الكتلة والعمل مع كل المخلصين من أجل الوصول الى الدولة المدنية التي تحترم الطوائف وتحمي حرية المعتقد على قاعدة أن تعدّد الطوائف في لبنان نعمة والطائفية نقمة».

بعبدا

أما بعبدا، فتنتظر حصيلة المشاورات الأولية لتحديد موعد الاستشارات النيابية، وكشفت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «الحديث في موضوع الحكومة بدأ ضمن إطار المشاورات الجانبية بين كل القوى، ولا نستطيع جزم مدة المشاورات قبل تحديد موعد الاستشارات، ولكن رئيس الجمهورية يفضل تشكيل الحكومة بأسرع وقت. وهذا يتعلق بموقف الكتل النيابية والقوى السياسية والرئيس الذي سيكلف تشكيل الحكومة». وأكدت المصادر على ضرورة قيام المشاورات قبل الاستشارات ليكوّن رؤساء الكتل خياراتهم، معتبرة انه من المبكر الحديث عن رئيس الحكومة المقبل.

وأشارت المصادر إلى أن الجو العام يتجه نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية، ولكن التوجه حول نوعية الحكومة ودورها ومهمتها لا يمكن أن يحسم إلا بعد جس نبض الكتل النيابية.

وعن وجود مانع لدى عون من عودة سعد الحريري لترؤس الحكومة، لفتت المصادر إلى أن الرئيس عون يحترم الدستور وينتظر نتائج الاستشارات النيابية.

ولفتت الانتباه تغريدة رئيس التيار النائب جبران باسيل بأن «التيار سيكون في مقدّمة مسهلي التشكيل».

وأشارت مصادر مقربة من حزب الله إلى أن أحداً لم يفاتح حزب الله بأسماء لرئيس حكومة جديدة.

الى ذلك، لفتت مصادر مقربة من مرجع رئاسي للبناء الى ان العزلة السياسية كسرت منذ اتصالين الذي تلقاهما الرئيس عون لأسباب إنسانية قد تكون مقدمة لنوع من بداية تلمس حلول سياسية انطلاقاً من تأليف حكومة جديدة قد تبدو صعبة المنال حالياً. وابلغ الرئيس الاميركي الرئيس عون ان الولايات المتحدة مستعدة لبناء مرفأ بيروت والمساعدات إنسانية. ولفت الى ان مرفأ بيروت شديد الأهمية ويؤمن 75 في المئة من عائدات لبنان.

وعلمت البناء أن فرنسا وإيطاليا ستلتزمان إعادة بناء وترميم منطقة الجميزة.

واشارت المصادر الى ان القرار الدولي بدعم لبنان يقتصر حتى الآن على المساعدات الانسانية واعادة ترميم ما دمّره انفجار المرفأ.

وطلب الرئيس عون ان تصل المساعدات الدولية مباشرة الى المواطنين وليس عبر مؤسسات الدولة لكي لا يدخلها الفساد.

في المقابل تشير أوساط سياسية الى أن «الاتجاه الخارجي يميل نحو حكومة اختصاصيين اقتصاديين تنفذ برنامجاً اصلاحياً على مدى 6 اشهر من ضمن سلة حل متكامل للأزمة اللبنانية لن تقتصر في المراحل اللاحقة على الحكومة».

وفيما تعيش القوى السياسية سباقاً في استحقاق التكليف والتأليف مع المهلة التي حددها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ايلول المقبل موعد عودته الى لبنان، يصل مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الاوسط ديفيد هيل بيروت نهاية الأسبوع لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين. وتستمر زيارة هيل يومين وتهدف بحسب المعلومات إلى الدعوة إلى استعجال تشكيل حكومة توحي الثقة وترضي الشعب وتبادر إلى العمل فور تشكيلها، تعمل بجدية وتبادر إلى تنفيذ الإصلاحات من خلال إنشاء الهيئات الناظمة في الكهرباء والطاقة والاتصالات والمطار وغيره.

التحقيقات

في غضون ذلك، استمرّت التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت، وبحسب المعلومات فإن مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات كلف ضباطاً في فرع المعلومات بالتوجه الى قبرص للتحقيق مع صاحب سفينة روسوس.

وفيما تقدّم الوكيل القانوني للمدير العام للجمارك بدري ضاهر المحامي جورج الخوري من جانب النيابة العامة التمييزية بطلب ترك موكله بعد أن تخطّى توقيفه لدى الشرطة العسكرية وفقاً للمادة 32 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، متعهداً بحضور كافة جلسات التحقيق والمحاكمة، أكدت مصادر قضائية أن «ضاهر سيبقى موقوفاً بتصرف النيابة العامة التمييزية حتى وإن انتهت مهلة الـ48 ساعة لأن قضيته مرتبطة بملف أحيل الى المجلس العدلي».

ونقلت قناة الـ»أو تي في» عن مصادر في التيار الوطني الحر أن الأخير ابلغ المعنيين الموافقة على أي تدبير يعزّز ثقة المجتمع الدولي بالتحقيقات في انفجار المرفأ. فيما فسر مراقبون موقف التيار على أنه موافقة على إجراء تحقيق دولي، فيما أشارت مصادر مطلعة «البناء» الى أن «إحالة مجلس الوزراء قضية انفجار المرفأ على المجلس العدلي كان أحد اهدافه الاساسية قطع الطريق على أي مطالبة بتحقيق دولي وبالتالي منع تدويل تفجير المرفأ وتسييس القضية وتكرار التحقيق والمحاكمات في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما رتّبه على لبنان من تداعيات وتكاليف سياسية ومالية ولم نصل الى الحقيقة حتى الآن 15 عاماً».

ووعد الرئيس عون اللبنانيين أنه لن يستكين قبل ظهور حقيقة الانفجار، وقال على «تويتر»: «بعد أسبوع على الكارثة، أجدّد عزائي للأهل المفجوعين، ووعدي لكل اللبنانيين المتألّمين أنني لن أستكين قبل تبيان كل الحقائق. وما الإحالة الى المجلس العدلي إلا الخطوة الأولى لذلك».

وفيما سرت إشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود مواد متفجرة في اكثر من مرفأ ومحطة كهرباء، لفت تحذير قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى ضرورة الانتباه لإمكان وجود مواد خطرة في مرفأ بيروت، طالباً إجراء تفتيش عام في المستوعبات، وذلك خلال جولة قام بها عون في مرفأ بيروت. وأكد قائد الجيش أن المؤسسة العسكرية تضع بتصرف إدارة المرفأ كل إمكاناتها للمساعدة، آملاً أن يستعيد مكانته التنافسية في المنطقة، كي يستعيد الشعب اللبناني الثقة بوطنه، وختم: «من مرفاً بيروت نقول، سنبقى دوماً إلى جانب الشعب ومن هنا سنصدّر إيماننا بوطننا للعالم».

وطمأنت مؤسسة كهرباء لبنان الى أن «مستودعات معمل الزوق لا تحتوي مطلقاً على مادة نيترات الأمونيوم». موضحة «ان المواد الكيميائية الموجودة هي مواد تستعمل بشكل دوري في كافة معامل إنتاج الكهرباء في العالم ولديها درجات متفاوتة من السمية للإنسان والبيئة وهي تخضع لشروط معينة في التخزين مذكورة في بيانات السلامة الخاصة بها».

على صعيد آخر، دخل معمل زجاج عدرا التابع لوزارة الصناعة السورية على خط تأمين احتياجات لبنان من الزجاج بعد التفجير الذي شهده مرفأ بيروت منذ أيام. وبحسب مصادر إعلامية سورية «فقد نسّقت وزارة الصناعة ممثلة بمعمل زجاج الفلوت في عدرا الصناعية، مع اتحاد غرف الصناعة، من أجل المساهمة في إعمار مرفأ بيروت والمناطق المتضررة في لبنان، من خلال تأمين مادة الزجاج».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى