رياضة

طوني الراعي: … ويبقى الراسينغ بيتي ومدرستي خلاف النادي مع الاتحاد دفعته إبعاداً عن المنتخب!

 

} إبراهيم وزنه

عندما يجتهد اللاعب ويخلص للعبة الأحبّ إلى قلبه على حساب مواصلة تعليمه، ثمّ يرتقي بمستواه الفني ملتزماً بملاحظات المدرّبين حتى ينجح بارتداء قميص منتخب بلاده، لا بدّ أن يكون سخطه كبيراً في ما لو عمد القيّمون على اللعبة إلى إبعاده عن تشكيلات المنتخب كرمى لتصفية حساباتهم الضيّقة مع إدارة ناديه!

نعم، هذا ما حصل مع لاعب نادي الراسينغ طوني الراعي الذي ارتأى الابتعاد عن اللعبة وهو في عزّ عطائه في العام 2008 ولما يبلغ الـ 28 من عمره. ويسجّل للراعي قربه من الجميع وتعاونه الايجابي مع الفرق واللاعبين كافة، حتى أن صيته الكروي وصل إلى كل محافظات لبنان، لعب في الدورات الشعبية وفي معظم البلدات اللبنانية، جنوباً وشمالاً وبقاعاً، حتى ملعب «أبو عضل» لم يعتب عليه. انطلاقاً من هذه الحيثية، وتكريماً لإخلاص بذله طوني في غير محلّه، وجدّيّة قوبلت من الآخرين بلا مسؤولية، نسلّط الضوء في هذا التقرير على مسيرته، وعلاقته مع اللعبة الشعبية، التي لا يرى نفسه يوماً بعيداً عنها، وهو اليوم يشرف على أكاديميته الخاصة بصقل المواهب وتفريخ اللاعبين.

البداية مع نادي العلم

بدأ الراعي مسيرته الكروية على الطرقات المجاورة لمنزله في منطقة برج حمود، ولما أصبح في العاشرة من عمره انضمّ مع مجموعة كبيرة من رفاقه إلى نادي العلم في الكرنتينا، ويدور في فلك نادي الراسينغ ويشرف عليه فنياً كميل كلش. وفي العام 1994 التحق بنادي الراسينغ مع جميع لاعبي فريق العلم الواعدين ومن بينهم رفيق دربه ريمون عضيمي.

في تلك الفترة تراجعت همّته عن مواصلة تعليمه، ومع ذلك تساهلت معه العائلة لا بل شجّعه والد مخايل الراعي إبن بلدة دبل الجنوبية على المضي قدماً في تثبيت خطواته لاعباً مرموقاً، خصوصاً أنه صغير البيت وترتيبه الـ 11 في عائلة مكوّنة من 9 بنات وولدين. وهنا يخبرنا طوني: «شجعوني أهلي أكثر عندما تمّ استدعائي للالتحاق بمنتخب الأشبال في العام 1996 ، ولا أنكر بأن الدور الكبير في تطوير مستواي الفني يعود للكابتن أوبيك موسكوفيان الذي كان عرّاب انتقالنا من العلم إلى الراسينغ وأيضاً للكوتش كميل كلش، مدربي الأولعلماً بأنني بدأت كحارس للمرمى، لكن تأثري بأداء وصلابة وفدائية مدافع الراسينغ طوني كبابجي واجتهادي لتقليده مع نصائح أوبيك الفنية جعلتني أتحوّل إلى مركز قلب الدفاع».

أيّامي مع الراسينغحلوة ومرّة

عن البدل المادي الذي قبضه لقاء توقيعه الأول، يقول طوني الراعي: «كنا نقبض بدل مواصلات ولكن ابتداء من العام 1997 صرنا نقبض 250 دولار شهرياً، وهذا ما أسعد والدي وأرضاه، أي أن أكون منتجاً ومسروراً، لقد بنيت شخصيتي بالكدّ والجدّ والكفاح، ولاحقاً حملت شارة القيادة خلفاً للكابتن الصديق سعيد جريديني في العام 2000، وبقيت الشارة على زندي لحين اعتزالي في العام 2008». وعن سنواته الأولى مع الراسينغ يقول: «أوّل مباراة لعبتها بقميص الراسينغ كانت في موسم 1997 ـ 1998 ضد الاخاء الأهلي عاليه الذي كان يضمّ في صفوفه آنذاك الفنان حسن عبود  وذلك على ملعب الصفاء، يومها استدعاني المدرب حسن أحمد الأموري في الشوط الثاني من المدرجات وأشركني بديلاً للمصاب كلود خرما ومن يومها ما غادرت أرض الملعب واستفدت من خبرة المدرب المصري فريد الجندي الذي تسلّم المهمّة بعد «الأموري»، وآخر مباراة لي مع الراسينغ كانت ضد النجمة على ملعب المدينة الرياضيةوللتاريخ، أمضيت مع الراسينغ 16 سنة، فيها الكثير من الحلاوة والمرارة، الفرح والحزن، سقوط ظالم إلى الثانية أكثر من مرّة، فراغ في موقع رئاسة النادي أكثر من مرّة، ظلم إداري من القيّمين على اللعبة، ضاعت علينا فرص كثيرة، دفعنا فاتورة العلاقة غير الجيّدة بين إدارة النادي واتحاد اللعبة، وخصوصاً في ضوء الخلاف بين الرئيس ناجي عازار وأمين سر الاتحاد رهيف علامةبالمحصّلة أبعدوني عن المنتخب مراراً رغم أحقيتي بالتواجد، والسبب تواجدي مع فريق درجة ثانية!». وفي حديثه عن المدرّبين أصحاب الفضل عليه، يقول الراعي: «بعد مرحلة الرعاية من كميل كلش والتوجيه من أوبيك جاءت مرحلة الارشاد والصقل ومنح الثقة من المدرّبين الذين أمسكوا بدفّة النادي، كفريد الجندي الذي قدّمت بعهدته مستوى جيداً، وناطق هاشم وأسامة الصقر والكابتن أبو طالب برجاوي ومدرب الحرّاس محمد الشريف، وجميعهم ساهموا بارتقاء مستواي الفني مع النادي وفي المنتخبات الوطنيةومن الجانب الرعائي والأخوي لن أنسى أفضال الأخ والصديق والداعم جورج أبو مراد نجل عرّاب النادي التاريخي الراحل جوزيف أبو مراد الذي أفتخر بشهادته حين تنبّأ لي بمستقبل كروي جيد».

تراجع الوهج!

وفي حديثه عن الراسينغ بين الماضي القريب والحاضر المريب، يقول طوني الراعي: «أمضينا أياماً رائعة في بيتنا، الراسينغ، كنا نلعب بروح واحدة، وبقلب واحد، نواجه الصعوبات متّحدين، نخسر فنبكي، نربح فتغمر الفرحة قلوبناربما هذا الجوّ يفتقده نادي الراسينغ وغالبية الفرق في هذه الأيام. أفتخر بأنني لعبت مع نادٍ اسمه يملأ الآفاق، وتاريخه مشّع بالإنجازات وله صولات وجولات على امتداد الوطن العربي، نادي الراسينغ العنوان الأبرز للتلاقي بين جميع أطياف المجتمع اللبناني، تاريخه يشهد وتشكيلاته منذ عقود تؤكّد ذلكوهنا أذكر عندما كنتُ في مصر مع بعثة المنتخب الأولمبي، سأل رئيس نادي الزمالك كمال درويش، كم لاعباً يوجد من نادي الراسينغ بينكم؟ فوقفت وحدي، ليقول أمام الجميع «كنت فاكر نصكن حيكون من نادي الراسينغ».. وفي ذلك دلالة على تاريخ الراسينغ الناصع بالإنجازات الغني بالنجوم عبر السنوات». ليختم الراعي لافتاً وناصحاً: «أي نادٍ يتخلّى عن أولاده وكباره وينسى تاريخه لا بدّ أن يتراجع إلى الوراء، فالجوّ العائلي ضروري جداً بين الادارة واللاعبين والجهاز الفني، ولغاية اليوم يسعدني أن أكون إلى جانب النادي، فمتى يطلبني النادي سأكون إلى جانبه بكل جوارحي وبحسب استطاعتي».

عروض بالجملة

بعد كل موسم كان يسقط فيه الراسينغ إلى دوري المظاليم في الدرجة الثانية، كانت العروض تنهال على طوني الراعي من كل حدب وصوب، وهنا يوضح: «لقد طلبني الاخاء الأهلي عاليه لألعب معه مستنداً إلى العلاقة الطيبة التي تربط بين رئيسه الشيخ بهيج أبو حمزة ورئيس نادينا النائب السابق عاطف مجدلاني، وفي ضوء تعثّر الصفقة نتيجة ارتفاع أصوات المعارضين وفي مقدّمهم الأب الياس فرح انتقل اللاعب لويس ترنتيك إلى الاخاء تحت عنوان التعويض عن إتمام الصفقة، كما طلبني عرّاب الحكمة اميل رستم للانضمام إلى فريقه بعد الوقوف على مطالب الراسينغ طبعاً، بالإضافة إلى ذلك تلقّيت عدداً لا يستهان به من فرق المقدّمة كالنجمة والهومنتمن والسلام زغرتا، وذات مرّة عرض عليّ أمين سر نادي شباب الساحل جلال علامة الانتقال للساحل نتيجة ما قدّمته من عرض جيّد خلال دورة المرحوم الدكتور فخري علامة التي حملت كأس المركز الأول، وأيضاً لم تسفر الأمور عن زحزحتي من قلعتي البيضاء».

حكايتي مع المنتخب

وبالانتقال للحديث عن مسيرة طوني الراعي مع المنتخب الوطني، فيقول: «أول مرّة تمّ استدعائي للمنتخب الوطني للأشبال كانت في العام 1996 تحت قيادة الكابتن أسامة الصقر، إلى جانب أبو طالب برجاوي وسمير سعد، ولاحقاً تمّ ترفيعي إلى المنتخب الأولمبي وأبليت معه البلاء الحسن وخصوصاً في مباراتنا في مصر، يومها كنا تحت إشراف الكوتش محمود سعد وفزنا على منتخب مصر الأولمبي بنتيجة 2 ـ 1». وحول المظلومية التي لحقته عندما تمّت تسميته للالتحاق بالمنتخب الأول ثمّ حُذف اسمه في ليلة ليلاء! يقول متحسّراً: «ذات مرّة في العام 2003 وبعدما سلّمت جواز سفري تحضيراً للسفر مع المنتخب الأول إلى كوريا، وخلال تواجدنا في فندق السمرلند قبل التوجّه إلى سورية للمشاركة في دورة الصداقة، أُبلغت باستبعادي عن المنتخبعلماً أن الفيزا الكورية كانت على جوازي!». ليعلّق الراعي على ما حصل معه: «ربما دفعت فاتورة علاقة نادي الراسينغ مع الاتحاد».

أكاديمية T F A  في خدمة اللعبة

بعد أن عمل في أكثر من أكاديمية تعنى بصقل المواهب الكروية وتفريخ الأجيال، وضع طوني الراعي نصب عينيه إنشاء أكاديميته الخاصة، وكان له ما أراد في العام 2017 ، في منطقة الجديدة مع إطلاق أكاديمية T F A  ، والتي ارتفع عدد المنضوين اليها من 20 إلى 120 في غضون أشهر عدّة فقط، وهنا يشرح: «لم يكن الهدف من انشاء الاكاديمية مادياً بقدر ما كنا نسعى إلى تجميع المواهب وصقلهم وتزويدهم بالفنيات وتوجيههم نحو الخير والمحبّة والتلاقي بروح رياضية، يشرف على اللاعبين الصغار خمسة مدربين، وفي العام 2018 توافقنا مع نادي الراسينغ أن نرفده بما يريد من اللاعبين وأن نكون بتصرّفه، واليوم عدنا إلى إطلاق الأكاديمية مع الالتزام بإجراءات الحماية الصحيّة لمواجهة كورونا بالوعي والعلم والالتزاموفرحتي كبيرة بوجود ولدي الياس ولوكاس في عداد المتدربين».

خطاك راوح في ظل غياب الاحتراف!

في حديثه عن الكرة اللبنانية، وأسباب تراجعها، يسارع طوني الراعي إلى إلصاق التهمة بغياب الاحتراف، وعدم جدوى مبدأ نصف الاحتراف السائد عند العديد من الأندية، ليقول: «سنبقى محلناخطاك راوح، ولن نتقدم خطوة إلى الأمام طالما تدار اللعبة بارتجالية وعدم مواكبة الحداثة، فالاحتراف هو الأساس لتحقيق التطوير والارتقاء، وللأسف اللاعب في لبنان مظلوم قبل أن تطأ أقدامه الملاعب، خصوصاً في ظل انعدام الامكانيات وعدم توفّر الراحة النفسية والمادية للاعبين، وجميع الخطط المعتمدة للأندية والمنتخبات محددة المدى وعلى قياس الاستحقاقات فقط، فيما المنطق يفرض علينا التخطيط والعمل للمستقبل، مع المراقبة وتفادي الأخطاءمتى وصلنا إلى هذا الوضع ستتحسن اللعبة بتفاصيلها كافة».

 

بطاقة شخصيّة

ـ طوني مخايل الراعي

ـ 1980 ـ دبل

ـ الوضع العائلي: متأهل من سمر عيسى وله منها ولدان، إلياس (2010) ولوكاس (2011).

ـ الفرق التي لعب معها: العلم والراسينغ ومنتخب لبنان الوطني.

ـ المركز في الملعب: قلب دفاع.

ـ العمل: موظّف في بنك بيروت.

أفضل حارس محلي: علي فقيه.

ـ أفضل مهاجم محلي: وارطان غازريان.

ـ فريقك المحلي المفضّل: الراسينغ دائماً.

فريقك الأجنبي المفضّل: ريّال مدريد.

ـ هواياتك: السباحة وشمّ الهوا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى