أولى

لماذا يتحتم رحيل الجمهوريّين… وترامب؟

 د. جمال زهران*

 

قبل أن توشك فترة العزل للرئيس المتغطرس ترامب على الانتهاء، أعلن البيت الأبيض، أنّ نتيجة الفحص أصبحت سلبية، وبالتالي فقد تمّ شفاء ترامب من دون إشارة إلى زوجته وحالتها، أو المساعدين العشرة له في البيت الأبيض! وخرج ترامب لمواصلة حملته الانتخابية، وبدأ بولاية فلوريدا! وبدأ بالهجوم المتوحّش على هيلاري كلينتونالمرشحة السابقة ضدّه عن الحزب الديمقراطي وذلك بفضح بريدها الإلكتروني، رغم مخالفة ذلك للقانون الأميركي! ولكن ترامب يلعب بآخر أوراقه، وعينه على الاستمرار في كرسي الرئاسة! فضلاً عما يطرح من أنه سيظلّ يطرح مفاجآت حتى يوم الانتخابات! وهو الأمر الذي يؤكد أنه يلعب بكلّ الأوراق التي تؤكد أنه في مأزق حقيقي، وأنه يصرّ على حرق روما، مثل «نيرون»! وفي تقديري أنه مهما حدث فإنّ قياسات الرأي تؤكد على وجود فارق كبير يصل إلى (20%)، مما يشير إلى حتمية سقوطه المدوّي في الانتخابات، وأن المفاجآت تكاد تكون محدودة التأثير.

والثابت من خلال استقراء الانتخابات الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، وحتى الآن، أنّ الرئيس الأميركي من الجمهوريين، يشغل منصب الرئاسة مرتين متتاليتين. بمعنى أنّ من ينجح في الانتخابات الرئاسية، يظلّ لفترة ثانية رئاسية، باستثناءات محدودة أبرزها سقوط بوش الأب في الانتخابات الرئاسية، ولم يكمل المدة الثانية رغم إنجازاته الضخمة أبرزها تفكيك الاتحاد السوفياتي خلال فترته الأولى (1988 – 1992)، وكذلك قيادته حرب الخليج لتحرير الكويت من غزو صدام حسين (يناير/ فبراير 1991)، وأيضاً تنظيم مؤتمر للسلام في مدريد بنهاية عام 1991، واستمرت خلال عام 1992. ومع ذلك فشل في الحصول على مقعد الرئاسة لفترة ثانية في مواجهة المرشح الديمقراطي بيل كلينتون!

وذلك على عكس مرشحي الحزب الديمقراطي، فإنّ الثابت هو، حصولهم على فترة واحدة فقط، وكان الاستثناء رئيسين هما بيل كلينتون رغم فضائحه وفي المقابل إنجازاته الداخلية الضخمة لصالح غالبية الأميركيين. حيث استمر 8 سنوات (2000-2008)، ثم نجح بوش الابن الذي استمرّ ثمانية أعوام (2000-2008)، ليأتي بعده الديمقراطي أوباما، ولفترتين متتاليتين (يناير 2009- يناير 2017)، كاستثناء ثانٍ.

أي أنّ القاعدة هي استمرار الجمهوريين لفترتين رئاسيتين متتاليتين، باستثناءات محدودة للغاية، على عكس الديمقراطيين، فالقاعدة هي استمرار الرئيس الديمقراطي فترة رئاسية واحدة باستثناء (بيل كلينتونأوباما). فقط!

فالسؤال ماذا يعني ذلك؟ الإجابة القاطعة هي أنه مع ثبوت هذه القاعدة، فإنّ ترامب، يمكن توقع نجاحه في الفترة الثانية التي ستجري انتخاباتها في يوم الثلاثاء 3 نوفمبر 2020، باعتباره رئيساً ينتمي إلى الحزب الجمهوري وفقاً لما هو ثابت!

إلا أنّ الرئيس ترامب، منذ أن تولى إدارة البيت الأبيض الأميركي، وهو في صراع مع الجمهوريين أكثر من صراعه مع الديمقراطيين! وهو في صراع مع المجتمع الأميركي، نتيجة الدفع بأولوية التمييز العنصري. ولولا القضاء الأميركي القوي الذي استطاع إيقاف قرارات ترامب العنصرية، والمعادي للهجرة وخاصة عبر المكسيك الجنوبي، لدرجة إقامته سوراً بطول الحدود لتنفيذ قراراته، لاستمرّ ترامب في سياساته العنصرية. كما أن فشله الذريع في التعامل مع الأزمات الداخلية والخارجية. ولعل أبرز الأزمات التي فشل في إدارتها هي مواجهة أزمة فيروس كورونا (Covid-19) – حيث تقترب أرقام الإصابات حتى النشر من 8.5 مليون إصابة، وأرقام الوفيات تقترب من (250) ألف مواطن، ونسب الشفاء لا تتجاوز الـ (50%)! وأصبحت الولايات المتحدة في قمة دول الفشل في إدارة أزمة وباء كورونا. فكيف يستمرّ الجمهوريون، ومرشحهم لفترة ثانية (ترامب)، في الحكم بعد كلّ هذا الفشل؟ ولا شك في أنّ الناخب الأميركي لديه من الوعي والتمييز بين المرشحين بشكل كبير. وأن الجمهور الأميركي ذاته الذي أسقط بوش الأب رغم إنجازاته التي كانت ترجح من كفته في مواجهة الديمقراطي بيل كلينتونالشاب الذي لم يكن يتجاوز (46) سنة آنذاك، هو الجمهور ذاته الذي من المؤكد أن يسقط ترامب، الذي فشل في مواجهة الأزمات المتتالية طوال 4 سنوات، باستثناء «الكرم الترامبي» في دعم الكيان الصهيوني، وهو أمر كبير للصهاينة، إلا أنه غير كافٍ لترجيح كفة نجاحه لفترة ثانية.

وما أطرحه، هو تحليل لاتجاهات الناخبين الأميركيين، التي ترجح من كفة الصراع التقليدي بين الجمهوريين والديمقراطيين، الأمر الذي يؤكد أنّ الجمهوريين إلى رحيل، وسقوط ترامب أصبح حتمياً، وأنّ الديمقراطيين قادمون، وعلينا الاستعداد للمواجهة مع الرئيس الديمقراطي القادم (بايدن)، ولنا عودة أخرى

 

*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، والأمين العام المساعد للتجمع العربي الإسلامي لدعم خيار المقاومة، ورئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى