ظريف والمقداد لتعزيز وتطوير التحالف الاستراتيجيّ… وولايتي: الردّ أسرع مما يتوقّعون
الحريري يشغّل محرّكاته لملاقاة زيارة ماكرون... الأربعاء لحسم الحقائب السياديّة / ترشيد الدعم يُطلق العنان لارتفاع الأسعار ويتجاهل سعر الدولار... والاحتياط لمن؟
كتب المحرّر السياسيّ
افتتح وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد زياراته الخارجيّة بعد تولّيه الوزارة بالتوجّه الى طهران ليطلق من هناك مع وزير الخارجية الإيرانية الدكتور محمد جواد ظريف الإعلان عن عزم الدولتين، بمعزل عن مستقبل المتغيّرات الدولية والإقليمية، على تعزيز وتطوير التحالف الاستراتيجي بينهما، بينما اختار الدكتور علي ولايتي المستشار لشؤون السياسة الدولية لمرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي، مناسبة استقبال المقداد للإعلان عن عزم إيران على الردّ السريع على اغتيال العالم النووي محسن فخري زادة، قائلاً، إن الرد سيكون أسرع مما يتوقعون.
ترقّب المعادلات الدولية والإقليمية الجديدة، وفي مقدمتها مستقبل العلاقة الأميركية الإيرانية مع تسلّم الرئيس المنتخب جو بايدن مقاليد الحكم، من بوابة التساؤل حول ما سيترتّب على العودة الأميركية الى التفاهم النووي مع ايران والانطلاق من هذه العودة في مفاوضات أوسع وأشمل، فيما قالت مصادر متابعة للملف النووي الإيراني، إن آخر فرص بقاء إيران تحت سقف التفاهم هو شهور قليلة قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران، والتي سيتقرّر اتجاهها في ضوء عودة التفاهم الى الحياة، أو ترجمة قرار دفنه نهائياً بخروج إيران من التزاماتها، ووفقاً للمصادر فإن العودة للتفاهم التي صارت محسومة، سيكون لها تأثيرها على الانتخابات الرئاسية الإيرانية، خصوصاً ان إيران تملك قرابة مئة مليار دولار من عائدات بيع النفط مجمّدة بسبب العقوبات في مصارف عالمية منها في كوريا الجنوبية وحدها عشرين مليار.
في لبنان ترقب موازٍ، يترجمه رصد الحركة الفرنسية التي تستند الى تفاهمات باتت ثابتة بين الرئيس الأميركي المنتخب جو بادين والرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، حيث تقول مصادر مواكبة للمبادرة الفرنسية نحو لبنان إن ماكرون الذي ينتظر منه بايدن دعماً متعدّد الوجوه للتفاهم مع أوروبا وإحياء حلف الناتو وإعادة التفاهم النووي وتعويم اتفاقية المناخ، ينتظر من بايدن شيئاً واحداً وهو دعم مبادرته في لبنان كمقدمة لاستعادة النفوذ الفرنسي فيه، بعدما صار لبنان آخر المعاقل المفترضة لهذا النفوذ.
ماكرون في بيروت بعد أسبوعين، ويبدو هذا الموعد شكل الحافز لتحرك الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري نحو كسر الجمود مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد غياب ثلاثة أسابيع، واللقاء الذي قالت مصادر متابعة للمسار الحكومي إنه كان تأسيساً للقاء الذي سيعقد الأربعاء لم يشهد أكثر من إعادة تلخيص للتفاهمات، التي تطال عدد الوزراء في الحكومة، وتوزيع الحقائب على الطوائف، والتشاور ببعض الأسماء، على أن يشكل لقاء الأربعاء الذي أعلنه الحريري مناسبة للدخول في التسميات بوضوح أكبر، خصوصاً ما قالت المصادر إنه يسعى لحسم الحقائب السيادية، وإن تحقق فيها النجاح يكون قد تأسس ما يتيح مواصلة حسم سلال الحقائب تدريجياً، بهدف ملاقاة زيارة ماكرون بتبلور الحكومة، أو تبلور نسبي لها، قد يحتاج بلوغ نهايته السعيدة لمسات ماكرون نفسه.
على جبهة دعم المستوردات، بدأت المعركة التي تدور رحاها في السراي الحكومي لمحاولة البحث عن تضييق هوامش الدعم بما لا يطال الأساسيّ منها سواء في المحروقات أو الدواء أو الغذاء، لكن في ظل سؤالين كبيرين لا يملك أحد جواباً عليهما، الأول مَن سيضمن سعر الصرف عندما يصبح تمويل الاستيراد من خارج مصرف لبنان، وماذا سيبقى من الدعم عندها؟ والثاني مَن اخترع نظرية الإنفاق لتغطية المستوردات حتى الآن ورسم الخط الأحمر للاحتياط الإلزامي، ما دام الجميع يعلم أن المال الذي تم استعماله للاستيراد مثله مثل الاحتياط الالزامي هو مال المودعين، وما دامت سياسات مصرف لبنان كلها تمّت رغم الخراب الناجم عنها تحت مسمى شراء الوقت، وكله من أموال المودعين، لماذا يتوقف شراء الوقت عندما يصبح الشعب والفقراء هم الأشدّ حاجة إليه؟
وتوزّع المشهد الداخليّ أمس، بين بعبدا والسراي الحكومي والشارع الذي شهد سلسلة تحرّكات احتجاجيّة ومطلبيّة مع عودة مسلسل قطع الطرقات في مختلف المناطق اللبنانية.
وبعد اعتكافه عن زيارة بعبدا لأسابيع عدة زار الرئيس المكلف سعد الحريري بعبدا أمس، والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وإذ لم يقدّم الحريري لعون مسودة للحكومة كما كان متوقعاً، أشارت أجواء مواكبة للقاء عون – الحريري لـ»البناء» إلى أن «اللقاء الذي حصل أمس، هو الاتصال الاول منذ ثلاثة أسابيع ما يشير الى تحرك جديد في عملية تأليف الحكومة وقد حصل نقاش بالجو العام والأسباب التي أدت الى توقف التواصل، كما تم تقديم طروحات بالحلول الممكنة لحل العقد التي تحول دون التأليف». ووفق المعطيات العامة فإنه لو لم يسجل أي تقدّم في لقاء الأمس لما تم تحديد الأربعاء موعداً جديداً.
وبحسب مصادر رسمية، فإن البحث تناول بشكل عام بعض الأسماء المرشحة للتوزير والحقائب لكل اسم وإمكانية إعادة توزيع بعض الحقائب المخصصة للمسيحيين. لكن الحريري لم يقدّم تشكيلة كاملة بانتظار حصوله على أسماء مرشحي ثنائي أمل وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة. على أن يتم خلال اليومين المقبلين تسوية هذا الأمر، إذا حصل الحريري على اسماء مرشحي القوى السياسية ليختار منها. علماً ان مصادر ثنائي أمل وحزب الله أكدت بأن لا مشكلة بينهما وبين الحريري.
واستبعد مرجع نيابي في اللقاء التشاوري «حصول مستجدات تؤشر إلى حلحلة للعقدة الحكومية تمهد لولادة سريعة للحكومة»، وأكد لـ»البناء» بأن ما يقوم به الحريري مضيعة للوقت، وهو يدرك بأن العقدة ليست داخلية بل خارجية، لذلك يعمل على تمرير الوقت بزيارات الى بعبدا واقتراحات لا طائل منها بانتظار انتقال السلطة في الولايات المتحدة ليتمكّن الفرنسيّ من جلب الضوء الأخضر الأميركي لتسهيل ولادة الحكومة في لبنان».
وأكدت أوساط تكتل لبنان القويّ بأن «الرئيس الحريري يواجه تهديداً بفرض عقوبات عليه وعلى مقرّبين منه، بمجرّد لمس أي أثر لحزب الله في التشكيلة الحكوميّة»، داعياً الحريري الى مواجهة هذا الواقع كما واجهه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، «الذي وضع مصلحة الداخل فوق أي استهداف شخصيّ»، وبالتالي عدم انتظار الإدارة الأميركية الجديدة من أجل التحرّر ربما من هذه التهديدات.
واستغربت مصادر وزارية مقرّبة من رئيس الجمهورية الحملة التي تشن على الرئيس عون لا سيما اتهامه بتحويل مجلس الدفاع الأعلى الى سلطة مقرّرة ومخالفة الدستور والقوانين، مؤكدة لـ»البناء» أن الكرة في ملعب الآخرين الذين انتزعوا ورقة التكليف في جيبهم ولا يقومون بواجبهم في التأليف وفق الأصول الدستورية، متسائلة هل طلب رئيس الجمهورية من وزارة الأشغال ترميم أقنية ومجاري الصرف الصحي إثر التساقط الكثيف والمفاجئ للأمطار هو خرق للدستور والقوانين؟
اجتماعات السراي
وخطفت السراي الحكومي الأضواء من بعبدا، إذ شهدت اجتماعات ماراتونيّة استمرت حتى مساء أمس، كان أبرزها الاجتماع الوزاري الذي ترأسه الرئيس حسان دياب وضمّ وزراء المال والاقتصاد والصناعة والزراعة والطاقة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونائب الحاكم سليم شاهين.
وبحسب معلومات «البناء» فقد أبلغ حاكم مصرف لبنان المجتمعين في السراي الحكومي أن لا اموال لديه للدعم وأن على الوزراء تحديد المواد الأساسية والضرورية جداً التي سيتم دعمها. وأكدت المعلومات أن لا توجّهات للمس بالرغيف أما المازوت فسوف يبقى مدعوماً في فصل الشتاء. وأضافت أنه تبيّن للوزراء ان لبنان يستورد مازوت بمليار ومئة مليون دولار سنوياً أما البنزين فيكلف الدولة 800 مليون.
وبحسب المعلومات فقد حمل أكثر من مصدر وزاري سلامة مسؤولية قرار الدعم، وأبدوا انزعاجهم من أداء الحاكم وعدم اكتراثه إزاء الأزمة الوطنية الخطيرة، ولا سيما مقاطعته الاجتماع ومغادرته بحجة ارتباطه باجتماع آخر، متسائلين: أي اجتماع أهم من موضوع الدعم ولقمة عيش المواطن؟ وذكرت قناة الـ»ال بي سي» أن القاضية غادة عون استدعت سلامة للمثول أمامها الخميس للاستيضاح منه في ملف الهدر الحاصل في الدولار المدعوم.
وأكد وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال عماد حب الله لـ»البناء» أن «أي قرار سيتخذ بمسألة رفع الدعم يجب أن يراعي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلد لا سيما الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود»، وجزم حب الله بأن «حكومة تصريف الأعمال لن توافق على رفع الدعم كلياً وعشوائياً كما ترفض تخفيض الاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان لأن هذا الاحتياط ملك الناس والمودعين»، كما كشف أن «اعتماد البطاقة التمويليّة أو التموينيّة ليس مطروحاً في القريب العاجل»، وأكد أن البحث يتمحور حول ترشيد الدعم والاستيراد من خلال اختيار لائحة الدعم وفقاً للأولويات من بين السلع والمواد الزراعية والصناعية والغذائية والدوائية».
وحذّر رئيس تيار الكرامة النائب فيصل كرامي المسؤولين من اللجوء إلى أي قرارات أو خطوات متهورة كرفع الدعم، داعياً إلى البحث عن خيارات وطرق بديلة عن رفع الدعم لا سيما عن الطبقات الشعبية الفقيرة والتي لم تعُد تستطيع تحمل أي عبء إضافي. وأكد كرامي لـ»البناء» أن أي قرار من هذا القبيل سيؤدي إلى انفجار اجتماعي لا تُحمد عقباه.
وأشارت مصادر كتلة الوفاء للمقاومة لـ»البناء» إلى أن «حزب الله لن يسير برفع الدعم مهما بلغت شدّة الأزمة بل سيواجه أي قرار بهذا السياق»، ولفتت إلى أننا «نؤيد أي خيار لا يرتّب أعباء إضافية على كاهل المواطنين ومن الخيارات المطروحة ترشيد الدعم وتقليص السلة المدعومة من 400 سلعة إلى حوالي 59 سلعة، أي دعم السلع الأساسية للمواطن، وبالتالي تخفيض الضغط على الاستيراد وتقنين ما تبقى من احتياطات مصرف لبنان ما يجعلنا نصمد لمدة أطول».
في المقابل قطع محتجون على رفع الدعم طريق الرينغ بالمستوعبات والإطارات المشتعلة بالاتجاهين. وقد حصلت صدامات بين المحتجين والقوى الأمنية في المحلة. ولاحقاً، أُعيد فتح الطريق وتوجّه المتظاهرون إلى شارع الحمرا وطالبوا بحلول لموضوعَي رفع الدعم والدولار الطالبي.
وكان المحتجون قطعوا الطريق أمام بيت الكتائب المركزي في الصيفي، وتجمعوا في ساحة رياض الصلح أمام السراي الحكومي تزامناً مع انعقاد الاجتماع الوزاري في السراي الحكومي حول ترشيد الدعم. كذلك، تجمع متظاهرون في ساحة النور في طرابلس رفضاً لرفع الدعم عن الطحين.
وتجمّع آخرون محتجون على رفع الدعم أمام وزارة الاقتصاد في وسط بيروت. واقتحم المحتجون الوزارة ووصلوا إلى أمام مكتب وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة، وتوجهت له إحدى المتظاهرات بالقول «متل ما وصلنا على مكتبك منوصل لنص بيتك».
ولاحقاً توجّه عدد من المحتجين باتجاه الأشرفية للتظاهر أمام منزل نعمة.
وشهدت طريق تعلبايا والبحصاص وأوتوستراد البالما وساحة النور – طرابلس ومدخل جبل محسن سلسلة تحرّكات رفضاً لرفع الدعم.
على صعيد ملفات الفساد، أفيد أن قاضي التحقيق في بيروت شربل أبو سمرا قرّر استدعاء قائد الجيش السابق جان قهوجي ومعه عدد من الضباط تم الادعاء عليهم في ملف الإثراء غير المشروع إلى جلسة تحقيق نهار الخميس المقبل طالباً تبليغهم عبر القنوات العسكرية اللازمة.
أما في ما خصّ الموظفين المدعى عليهم في وزارة المهجرين، فكشف مصدر وزاري مطلع لـ»البناء» أن «الشكوى التي تقدّمت بها وزارة المهجرين تسربت بطريقة ما إلى الإعلام وبالتالي تسرّبت الأسماء»، مؤكداً أن هؤلاء الأشخاص لم يتم الادعاء عليهم حتى الآن كما لم يحقق معهم على أن تبدأ التحقيقات في أسرع وقت ممكن لإظهار الحقيقة». ولفت المصدر الى أن «الإحالات الى القضاء في وزارة المهجرين جاءت في إطار قانون الإثراء غير المشروع وانطلاقاً من الإخبار الذي تقدم به وزير المهجرين السابق غسان عطالله بوجود فساد وإثراء غير مشروع في الوزارة وفي صندوق المهجرين»، مشيراً الى أن «الكشف عن هؤلاء جاء بعد إجراء عملية مقارنة بين الحسابات والممتلكات والعقارات التي يمتلكونها مع رواتبهم كموظفين في مؤسسة ووزارة حكومية، وجاء الفارق كبير جداً لذلك وجب الادعاء عليهم للتحقق من الأمر».