الوطن

عون: المشكلة الكبيرة تكمن في تأمين الأموال لوضع المعالجات والحلول موضع التنفيذ

عرض الأوضاع الاقتصادية مع الاتحاد العمّالي

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بذل الجهود المطلوبة كي تأتي التدابير الاقتصادية والمالية التي يتم اتخاذها متناسقة مع الوضع الحالي الذي نعيشه، ولاسيما على صعيد إيجاد الحلول والمخارج للأزمات المعيشية المتلاحقة. وكشف أن الأزمة المالية بدأت منذ العام 2011 عندما زاد الخلل في ميزان المدفوعات، لافتاً إلى أن المشكلة الكبيرة التي يعاني منها لبنان تكمن في تأمين الأموال اللازمة لوضع المعالجات والحلول موضع التنفيذ.

كلام عون جاء خلال استقباله أمس في قصر بعبدا، رئيس الاتحاد العمّالي العام الدكتور بشارة الأسمر على رأس وفد من الاتحاد، عرض معه الواقع الاقتصادي الراهن وتحرّك الاتحاد العمالي في موضوع رفع الدعم عن المواد الأساسية، إضافةً إلى الحلول المطروحة.

في مستهل اللقاء تحدث الأسمر مشيراً إلى أن لقاء اليوم «هو مناسبة لنقل معاناة الشعب اللبناني في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها، والتي تكوّنت نتيجة سياسات اقتصادية مالية خاطئة منذ الاستقلال حتى اليوم وترسّخت أكثر بعد التسوية التي حصلت عام 1990.»

أضاف «نحن كحركة عمّالية نعاني الأمرّين من الوضع الاقتصادي الصعب وغياب المعالجات في ظل حكومة تصريف أعمال وعدم القدرة على تشكيل حكومة جديدة. ونضع هذه المواضيع أمام فخامتكم لنقول نحن كشعب وكعمّال مطلبنا الأول تشكيل حكومة من نظيفي الكفّ ليتمكنوا من إدارة الحلول في هذه الأيام الصعبة التي نعيشها بعيداً عن المصالح والمحاصصات التي كان على أساسها يتم تأليف الحكومات السابقة، حكومة جديدة تؤلّف على أساس اتفاق استعمال المناصب العامة للخدمة العامّة وليس للمصالح الخاصة».

وقال «نحن نعاني من ظروف اقتصادية صعبة أدّت بالبلاد إلى شفير الانهيار في ظل غياب معالجات حقيقية و خطة اقتصادية آنية أو مرحلية أو مستقبلية. ونعيش كل يوم بيومه ونستيقظ يومياً على مشاكل لا تُعد ولا تُحصى. فالدعم كان عشوائياً للسلع الأساسية ومعالجة رفع الدعم أتت بصورة عشوائية أيضاً ولم يتم في إطار عملية منظمة. وقد حضرنا كأعضاء اتحاد اجتماعات اللجان التي حصلت في السرايا الحكومية وبعض الاجتماعات التي حصلت في مجلس النواب أيضاً ورأينا أن الأمور تراوح مكانها. لذلك لجأنا إلى عملية تصعيدية لأن الناس تطالبنا برفع الصوت وأعلنّا الإضراب، وقد حصلت بعض الاتصالات مع بعض الوزراء المعنيين ودولة رئيس مجلس الوزراء وتوصلنا إلى تفاهمات معيّنة، و يهمنا دعمكم الأساسي في هذا الإطار. فالتفاهمات تقوم على عدم المسّ بالطحين والرغيف. وإذا تم تخفيض فاتورة الدواء المستورد من الخارج بنحو 20 % والاعتماد على الجينيريك اللبناني نوفّر بذلك على الناس عملية رفع الدعم عن الدواء. كما أن هناك تفاهمات تحصل حالياً مع دولة العراق الشقيق بخصوص استيراد النفط التي قد تؤدي إلى حلول ما من أجل عدم رفع الدعم عن المشتقات النفطية لأن ذلك سيكون له تداعيات كارثية على الشعب اللبناني».

وتابع «نحن يا فخامة الرئيس نتمنى دعمكم ورعايتكم لهذه التفاهمات التي حصلت والتي سترفع الى مجلس النواب. فرعايتكم الرئاسية والأبوية تؤدي إلى تنفيذ هذه التفاهمات ووضعها موضع التنفيذ، ونحيّيكم على جهودكم الرامية إلى إعادة إحياء الدولة اللبنانية، دولة المؤسسات القائمة على محاربة الفساد وتحقيق الإصلاحات وعلى القضاء النزيه. نشدّ على أيديكم، لأن همّنا الأساسي كعمّال ومواطنين هو مكافحة الفساد وتحقيق الاصلاحات والقضاء النزيه، الأمر الذي يؤسّس لحركة نهضوية دائمة في البلد

أضاف «نحن نعاني من أوضاع صرف للعمال، وإقفال المؤسسات وانهيار القيمة الشرائية لليرة اللبنانية. وكل هذه الأمور يتحمّلها بالدرجة الأولى المواطن اللبناني العادي. لذلك من الضرورة معالجة هذه الأمور من قبل الوزراء المعنيين. فحكومة تصريف الأعمال بحاجة إلى تفعيل في هذه المرحلة كي تتمكن من مواكبة هذه الأعمال والحلول لأننا نعاني من الجزء الأكبر من هذا الانهيار الذي يترسخ ويزيد سوءاً يوماً بعد يوم

وختم الأسمر «نتوجه بالتحية إلى فخامتكم وإلى عملكم الجبّار في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ لبنان، وإن دعمكم الأساسي للتفاهمات التي حصلت تؤسّس لبدء معالجة بسيطة للوضع وتبعد عنّا شبح رفع الدعم الكارثي في المرحلة المنظورة»، مشيراً إلى «موضوع التهريب وواقعه الذي يتطلب معالجة، لأننا من جهة نعمل على دعم بعض السلع ونراها من جهة أخرى تتسرّب خارج لبنان

وردّ الرئيس عون، مشدداً على موافقته على ما جاء في كلمة رئيس الاتحاد، وقال «أنا أشعر بكل هذه المعاناة وأعرفها مباشرةً من قبل الشعب، إذ إن أصدقائي ليسوا من الأثرياء، بل من عامّة الناس الذين يعيشون اليوم كل هذه الأزمات، من أزمة تأمين التعليم لأولادهم إلى أزمة تأمين المأكل والمشرب وغيرها. نحن اليوم نعاني من مشكلة تأمين الأموال. فالمال الموجود في الخزينة محدود جداً ونعمل على تأمينه، ونحن من يعمل على ذلك وليس من صرف هذه الأموال

ولفت إلى أن لبنان «سيحصل قريباً على بعض المساعدات من قبل البنك الدولي، وهي بقيمة 246 مليون دولار نتيجة لاجتماع دعم لبنان الذي عُقد أخيراً في باريس»، مشيراً من جهة أخرى، إلى أن «التفاهمات مع دولة العراق حول تأمين المشتقات النفطية هي في طريق التنفيذ».

وأكد  أن «الأزمة الحالية التي يعيشها اللبنانيون هي من أكبر الأزمات ونعمل كي تأتي التدابير الاقتصادية والمالية التي نقوم بها متناسقة مع الوضع الحالي الذي نعيشه. وقد أصدر حاكم مصرف لبنان تعميماً يقضي بإعادة المصارف قسم من الأموال التي أرسلوها إلى الخارج، وكذلك زيادة 20% إلى رأسمالها

وكشف أن «الأزمة المالية بدأت منذ العام 2011 عندما زاد الخلل في ميزان المدفوعات وصولاً إلى عام 2016، حيث تمّ وضع الهندسة المالية الأولى التي لم يُعمل بها لأكثر من عام، وزادت الأزمة الاقتصادية سوءاً، ولاسيما أن من خلال الاقتصاد الريعي تمّ دعم الليرة اللبنانية عبر اعتماد سياسة الدين فازداد الدين العام».

وأوضح أن «الخطورة الشديدة هي ما يحصل ولأسباب سياسية عبر عرقلة التدقيق المالي الجنائي، ويتم مهاجمتنا بشكل دائم لأننا نحن أصحاب هذا المشروع»، لافتاً من جهة ثانية، إلى افتعال البعض مشكلة بين الرؤساء والسياسيين. وقال «إن ما جاء في وسائل الإعلام حول اجتماعي بمجلس القضاء الأعلى من ادعاءات كاذبة خير دليل على ذلك، ويتمّ الآن التحقّق من مصدره

وحذر عون «من خطورة الشائعات التي تصدر من قبل وسائل الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، نظراً لتداعياتها السلبية على الرأي العام والمجتمع، حيث أنها تزيد من حدة الانقسامات وتضرب جسر الثقة بين اللبنانيين»، مشيراً إلى «أهمية التأكد من المعلومات قبل توزيع الاتهامات، وذلك يأتي من ضمن تحمّل المسؤولية الوطنية، خصوصاً أن هذه الشائعات التي تعمّم يميناً وشمالاً أدّت إلى ضرر كبير ولاسيما على صعيد بناء الثقة بين اللبنانيين والقضاء الذي جدّد الرئيس عون دعمه المطلق له، ووقوفه الدائم إلى جانبه في مواجهة الضغوطات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى