أولى

كل تحويل للأموال بعد 2016 جريمة

مصرف لبنان هو الجهة المسؤولة عن السلامة المالية والنقدية للدولة، وفقاً للقانون، وهو المشرف على تقيد النظام المصرفي بالقواعد التي تضمن تحقيق هذا الهدف، وبمعزل عن كل ما جرى ارتكابه بحق ودائع اللبنانيين والاقتصاد والمال العام عبر تسهيل إنفاق موازنات الدولة المتضخمة عبر مزيد من الديون وبفوائد مرتفعة قبلتها المصارف طمعاً وجشعاً وهي تعلم عدم ملاءة الدولة وقدرتها على السداد، وقيام مصرف لبنان بتشريع نظام فوائد قام على تحويل الودائع الى أموال ضائعة كديون على الدولة، وجعل أرباح الفوائد أموالاً للمصارف لقاء الشراكة بهذه الجريمة، يبقى موضوع تحويل الأموال إلى الخارج بسيطاً وواضحاً بصفته عملاً جرمياً.

منذ عام 2016 دخل اختلال ميزان المدفوعات أي فارق العملات الأجنبية الداخل الى لبنان والخارج منه، مرحلة الخطر لجهة فقدان العملات الصعبة من الأسواق، وبرّر مصرف لبنان بذلك قيامه بما سمّاه بالهندسات المالية مشترياً الدولار بضعف ثمنه، معلناً سعراً جديداً للدولار هو 3030 ليرة تحت شعار الضرورة والحاجة لتأمين ستة مليارات دولار تحت لافتة شراء الوقت، لكن مصرف لبنان المؤتمن على السلامة المالية للدولة لم يصدر أي تعميم يتصل بفرض رقابة مشددة على تحويل الأموال الى الخارج، وهذا من ضمن صلاحياته. ويكفي بالمقارنة القول، كيف سمح مصرف لبنان للمصارف بالتوقف عن الدفع لأصحاب الودائع، وهي أسوأ مراحل الخلل في النظام المصرفي، وتمنّع عن تقييد حركة تحويل الأموال، لجهة ربطها بما يسمى بالأسباب المشروعة، بحيث جرى تحويل قرابة 30 مليار دولار منذ ذلك التاريخ حتى اليوم، غير موجبات الاستيراد، وهي كناية عن ارباح المصارف المحققة من الفوائد المرتفعة التي منحها لها مصرف لبنان وأتاح لها توزيعها على المساهمين، وأموال تعود لكبار المودعين النافذين الذي همس أحد ما في آذانهم بأن المركب المالي يغرق وعليهم القفز منه. وكل ذلك تحت أعين مصرف لبنان وصمته. وهو بالمعنى القانوني لوضعية جهة مسؤولة تواطؤ في الجرم.

عندما يكون حاكم المصرف متورطاً شخصياً بتحويلات مشابهة يصبح الأمر أكثر من سوء ائتمان، والقضاء اللبناني الذي يعود الفضل بتحريكه للقضاء السويسريّ في هذا المجال، مطالَب بالتوسّع في التحقيق للسؤال عن كل الأموال المحوّلة وطلب كشوف تفصيلية بها، وبأسماء أصحابها، واستدعائهم للتحقيق، وتخييرهم بين ضمّهم الى لائحة المشتبه بهم أو إعادة أموالهم المحوّلة الى لبنان.

العمليات الورقية المالية التي يقوم بها مصرف لبنان لإخفاء الخسائر والتلاعب على الواقع، لتغييب صورة الكارثة التي تسببت بها سياساته، وهي احتيال موصوف، يتحمله الحاكم ونوابه ولجنة الرقابة على المصارف بأشخاصهم وأموالهم الخاصة، ويكفي أن الأمرين اللذين يتحمل مصرف لبنان مسوؤليتهم وهما سعر النقد الوطني وودائع المودعين قد أصيب كل منهما بكارثة كاملة للقول إن فشلاً ذريعاً قد وقع بما يشكل سبباً كافياً للبدء بتحقيق يهدف لتحديد المسؤوليات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى