قراءة في كتاب «الحب خارج البرد» لكامل صالح
مهى عبدالكريم هسي
يقول د. كامل صالح: «كل ما حولنا وهم مشترك في ذاكرتنا كبشر، الحضور يتوالد كلما رحلنا بعيداً في النظر، ويزول تدريجياً بانحناء زاوية الرؤية».
يأخذنا الكاتب كامل صالح إلى أوهام المستقبل، ويصوّر حال العالم بعد سنوات عدّة من الآن. يُفتح الستار على الحافظة الزجاجية حيث يقبع الموت – موت هند. يتركنا الكاتب في حيرة وشغف لمعرفة حقيقة هند.
«هند» الحبيبة الثلاثينية التي ماتت في زلزال مدمر في مدينة بيروت عام 2032. فقد استشرف الكاتب أحداثاً لهذه المدينة ولحال العالم بعد سنوات عدة، إلا أنه وعلى الرغم من دخول الروبوتات والأبحاث العلمية وغيرها من التطورات التكنولوجية والعلمية في مصر وبيروت وغيرها، لم يتغير حال البلاد السياسية والاجتماعية حتى أنّ الكاتب بدا متمسكاً بالعادات والتقاليد السائدة في مجتمعاتنا العربية، ويرفض هذا التغيير من خلال كرهه للروبوتات والإشارة في أكثر من موضع إلى عادات بقيت هي هي، إلا أنه يخضع للأمر الواقع بعد العثور على «شريحة» هند الجينية بعد تأكيد الطبيب المصري – الذي استطاع إعادة مومياء إلى الحياة – إمكانية إعادة هند إلى الحياة عن طريق الاستنساخ.
في روايته الواقعة في 151 صفحة والصادرة عن دار الحداثة – بيروت، يتلاعب الكاتب بالزمن الذي مهما تقدم أو رجع به إلى الوراء فصراع الموت والحياة يبقى قائماً، وخاصة في ما يتعلق بذاكرة الإنسان، فـ (كاف) الراوي البطل الذي فقد الحياة بعد هند، إنما كان يعيشها في ذاكرته، و(هند) التي عادت إلى الحياة طفلة صغيرة وسُجلت على أنها ابنة (كاف)، لم تعُد إلى حياتها الواقعية فحسب، إنما عادت إلى حياة جديدة مختلفة كلياً ولن يعيدها شيء إلى حياتها السابقة سوى ذاكرتها. (هند) التي كانت تكبر كإبنة في أحضان (كاف)، و(هند) الماضي الذي يتشبث – كعشيقة – بذاكرة (كاف)، و(كاف) الذي أصبح كهلاً وبقي يتخبط بين ماضيه وحاضره.
تمكّن (كاف) الاحتفاظ بمشاعره في عالم بارد جامد تحول الإنسان فيه إلى شريحة تسيّره التكنولوجيا، وتمكّن الكاتب من إدخالنا إلى ذلك العالم والذي مهما تغير إلا أنه سيبقى محكوماً بالقدر المحتوم.
«فيما أنا، أذكر الحياتين… وأذكر أني أحببتها مرتين: حبيبة وابنة..».