مقالات وآراء

إذا أردت السلامَ
فـ «استعدَّ للحرب»..

} سماهر الخطيب

«إذا أردتَ السلام فـ استعدَّ للحرب».. مقولة كثر استخدامها في سراديب السياسة وأسواق الأسلحة فبات حال الدول كحال التجّار المندفعين وراء تحصيل الأموال والكسب سواء المشروع أو غير المشروع طالما في المحصلة ستكون الغاية هي توفير أكبر قدر ممكن من «الأموال» أو «المؤيدين» للقرارات أو «الحلفاء» أو «التابعين» وبالتالي انعكس شرط السلام على الاستعداد للحرب.. رغم فداحة الفهم الخاطئ لهذه العبارة والأفدح التنفيذ الخاطئ لحرفيّتها إلا أنها باتت متداولة في عالم السياسة وباتت عنواناً للدبلوماسية بذراعها «القوة الدبلوماسية» أو ما اصطلح تسميته «القوة الناعمة» أو «القوة الذكية» لا فرق ما بين جميع التسميات طالما أن الهدف هو تحقيق الغايات وتوجيه دفة القيادة نحو المزيد من السيطرة على موارد الشعوب ومكامن الثروات وطرق إمدادها..

عبارة بدأت مع البحريّة البريطانيّة منذ حوالي القرن السابع عشر حين كانت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس إلا أنها اليوم باتت تلك العبارة كالشمس الساطعة في أسواق الأسلحة والعلاقات الدولية والشعوب «الجنوبية» باتت هي الضحية للاستعداد للحرب دفعت أثماناً سعياً لتحقيق «سلام» استعماريّ مزيّف يحوي في طياته احتلال واستثمار لبؤر الصراع وأحلام وأمنيات الشعوب لتحقيق مصالح تلك الدول التي تريد السلام المرهون بالحرب!..

ووقاحة المحتلّ أنه بات حريّفاً بمهنته ويصيغ الاستراتيجيات سعياً لتحقيق هيمنة، والسلام المعهود مرصود بكمية المال الذي سيستحصله من إحلاله في اليمن مثلاً، والأمثلة كثيرة، يسعى العدوان لإحلال السلام مستعيناً بالحرب التي أثقلت كاهل اليمنيين وأصابت الشعب اليمني بالمجاعة والفقر وسببت الكثير من الدمار مقابل أموال يدفعها ذاك العدوان «السعودي» لراعيته الأميركية ويشتري أسلحة لضرب معاقل اليمنيين من دون أي ذرة حسٍّ بالإنسانية..

وفي سورية، أثقلت كاهل السوريين عشرة أعوام ونيّف من الحرب التي شنّتها ضدها مجموعة مؤتمرة من دول تتحدث بلسان الديمقراطية ونشر المبادئ الإنسانية والحقوق الدولية فلا شرعة للسانها ولا مشروعيّة لمبادئها المنافية لكل الأخلاق والأعراف الدولية عبر انتهاكها للسيادة وتجاوزها القانون الدولي ومفهوم الحماية الدولية. والحجة استعداد للحرب لنشر السلام بالبوارج على المتوسط والغارات ضدّ جيش دولة عضو في الأمم المتحدة وسيطرة على خزان الغذاء النفطي والقمحي للسكان وفرض حصار «مقيت» على شعب حر بحجة إرساء الحرية والشعارات الديمقراطية والمعنونة بأهداف ليبرالية متوحشة تسعى للنيل من الأرض والشعب والدولة..

ما يعني أنّ عالمنا العربي بات «نموذجاً» للفوضى التي حاول عرّابوها أن يصلوا من خلالها إلى حد التدخل في شؤونه، وسيادة أرضه، واستقلالية قراره، حيث الجماعات الإرهابية المدعومة من تلك القوى الدولية، كما هو الحال في سورية واليمن والعراق وليبيا، ومهما يكن من حلول لكفّ شرور تلك الجماعات ووأد الإرهاب، إلاّ أن الواقع يكشف عن تجاوزات خطيرة تقوم بها دول راعية للإرهاب تمدّ الإرهابيين بالمال والسلاح لمواجهة أي محاولة لوأده واجتثاثه من مكمنه، أو حتى استغلال الأرض للاعتداء المباشر على الجوار الآمن المستقر.

واللاعبون كثر، على الساحة الدوليّة يسعى كل منهم لتحقيق الأهداف الاستراتيجيّة سواء في البلاد الشرق أوسطية أو حتى في المعاقل الصينيّة يسعى كل منهم لتسجيل نقاط قوة في مكمن «اللعبة» الدولية والشعار ما زال عينه «إذا أردت السلم فاستعدّ للحرب» قوة ضاغطة على الدول تستخدمها الدول الأقوى والحجة إحلال السلم..

منهم مَن يعتبرها أحد أذرع الدبلوماسية التلويح باستخدام القوة ومنهم مَن يأخذها قانوناً وشعاراً ينتهك من خلاله سيادات دول ليكتنز بعض القوة ويزداد بالعنجهية وباتت الولايات المتحدة الأميركية عنوان الحروب بجميع أنواعها الاقتصادية والصحية وحتى العسكرية تستخدم تلك الشعارات «الناعمة» كالأفعى بنعومتها وتدسّ السم بالشعارات فيصبح كل ما تنادي به أضغاث أحلام ويبقى الشعب غير واعٍ أسيراً لذاك السجان..

نعم، فهي أرادت السلام مع الصين فاستعدت للحرب الاقتصادية ضدّها وأرادت السلام لليمن العزيز فرعت عدواناً يُشنّ بأمرها، وأرادت حرية للسوريين فصدّرت الإرهاب إلى أرضهم وأرادت السلام لفلسطين فزرعت كياناً غاصباً محتلاً في أرضها وأرادت الرخاء لليبيا فأرسلت عدواناً ثلاثياً عاث فساداً وباتت الأرض بعده رماداً..

وماذا بعد! إن لم نكن صناع السلام وصناع الحرب فلا سلام ولا حرب، إن لم نكن حركة هجوميّة ودفاعية ونستمسك بعروة العمل المقاوم لن نكون كما شئنا وشاء كل حرٍ فينا..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى