مقالات وآراء

حلفٌ بين سعد 
ومحمد بن سلمان!

د. وفيق إبراهيم

هل هناك حلف فعليّ بين سعد الحريري ومحمد بن سلمان؟

تؤكد المعلومات أن الشيخ سعد فضّل محمد بن سلمان على الأميركيين في الصراع بينهما إيماناً منه ان الولاء للسعودية له مميزات أساسية تفوق العلاقة بالأميركيين لأسباب متعددة.

هنا يعتقد سعد بحزم لا مثيل له أن السيطرة على لبنان هي سعودية مطلقة وتاريخيّة، فبلاد محمد بن سلمان هي الوصي التاريخي على لبنان والكثير من بلاد الشرق الأوسط كمصر والأردن نظراً لامتلاكها ثروات تغطية هائلة وحظوة سياسية في مجمل العالم الإسلامي بسبب الحرمين الشريفين الموجودين فيها.

ما هي الأسباب التي تجعل الشيخ سعد يميل نحو محمد بن سلمان؟

يعرف سعد ان محمد بن سلمان لم يفقد أهميته السعودية والخليجية ولا حتى الأميركية، لأن الاميركيين لم يعلنوه مجرماً او قاتلاً وتركوه يحكم كنائب للملك السعودي، لذلك واصل متابعة مهامه الداخلية وحتى الخارجية من دون أي رفض اميركي واضح.

لذلك، أدرك السعد أن ابن سلمان باقٍ في مهامه فلازمه وأيّده، بعد معلومات أميركية وصلت اليه ومفادها ان ابن سلمان باق لممارسة دور نائب الملك السعودي. لماذا اذاً هذا التأنيب الأميركي ومحاولات المحاسبة؟

هي فقط محاولات إعلامية لكسب الرأي العام الأميركي، اما حكايات سعد في لبنان فهي مسعى واضح للسيطرة على الرأي العام والإمساك بلبنان وخطفه من أمام الرئيس ميشال عون وربما تركه لمزيد من الفوضى كما حدث في الأيام الخوالي، فهل هذا يعني ان سعد لا يأبه للفوضى؟ يبدو أن الاميركيين والسعوديين يميلون الى تعميم الفوضى في لبنان، وهذا ما بدا واضحاً في اليومين الماضيين فلولا الرئيس نبيه بري لانفلت الوضع على اشتباكات دامية، ولما تمكّن سعد من فعل أي شيء باستثناء تصريحات لا تخدم السلم الأهلي اللبناني.

لجهة النقطة الثانية، تجب قراءة ما يريده سعد بعد لقائه برئيس الجمهورية امس، فالواضح أن أبا بهاء لا يأبه لأي انحلال في الوضع الأمني بقدر ما يريد البقاء على رأس الحكومة، ومن دون ان يشكلها وهذا يطرح السؤال التالي: هل يحتمل لبنان البقاء من دون حكومة؟ بالطبع لا. فموضوع الحكومة شائك جداً ويتطلب الإسراع في تشكيلها حرصاً على الوضع الداخلي الذاهب نحو مزيد من الفتن. وهذا ما لا يأبه له الشيخ سعد؟

انما لماذا لا يهتم الشيخ سعد بتشكيل حكومة في المدى القريب؟

يقول الخبراء إن الشيخ سعد لديه تعليمات اميركية وسعودية بتجنب تشكيل حكومة في الوقت الحاضر، لأن الأميركيين والسعوديين يربطون بين صراعهم مع إيران وسورية وحزب الله أكثر من تشكيل حكومة، معتقدين أن عدم التشكيل يؤدي تلقائياً الى فوضى كبيرة في سورية ولبنان وإيران ايضاً.

هذا ما يظهر ان الشيخ سعد يؤدي دوراً اميركياً سعودياً لإرباك الوضع الداخلي في هذه الدول، وذلك على حساب لبنان وسورية وإيران.

فهل يتمكن من إنجاز مشروعه؟

يبدو ان الرئيس عون صاحب الدور الكبير لأن باستطاعته إيقاف سعد عند حدوده عبر اللعبة الإعلامية ويبدو أن من واجبه وضع اللبنانيين أمام ما يجري من صراعات إقليمية ومعادية للبنان ويقودها ابو بهاء بشكل او بآخر لمصلحة الأميركيين والسعوديين.

هناك ملاحظة إضافية تتعلّق بالتقارب الروسي اللبناني المرفوض من الأميركيين.

إذ يبدو أن قادة الكرملين بالغوا قليلاً في مفاوضاتهم مع اللبنانيين، ما أثار الأميركيين الذين يرفضون هذه المبالغات مع بلد كلبنان يواليهم منذ خمسينيات القرن الماضي.

علماً أن العلاقات الروسية الأميركية متدهورة جداً وربما في أسوأ مراحلها، فهل يخنق الصراع الأميركي الروسي لبنان على يد الشيخ سعد؟ إن طريقته في ادارة الازمة اللبنانية تؤدي الى هذا الخنق المفترض، فالشيخ سعد رئيس مكلف لحكومة منذ أشهر عدة يتحمل مسؤولية تشكيل حكومة لم يجر تشكيلها حتى الآن، وهذا أدى تلقائياً الى حالة الفوضى الكبيرة المنتشرة.

فهل يتمكّن عون والحريري في اجتماعاتهم المقبلة من تشكيل حكومة إنقاذ سريعة؟

هذا ما يحتاج اليه لبنان، لكن السعودية والاميركيين يعملون على عدم تشكيلها بأي وسيلة ومعهم سعد الحريري.

الحكومة الى اين؟

المطلوب من الرئيس عون تنكب المسؤولية وتشكيل حكومة سريعة بالتعاون مع سعد الحريري الذي ما عاد ممكناً إبعاده عنها نظراً للعلاقات بين الطوائف.

وهذا يفترض في اجتماع انعقد بينهما امس، الاتفاق على خطوطها العريضة. هنا ليس مهماً مدى اهميتها، إنما المهم هذه الحكومة المطلوب منها أن تحول دون الفوضى والاشتباكات الداخلية وسعد بمفرده ليس كافياً يجب ان يكون الرئيس عون الى جانبه ومعه الرئيس بري حتى يستقيم الوضع وتمارس القوى الكبرى أدوارها في التشكيل.

فهل يتم الاتفاق؟ هناك مَن يؤكد أن الرئيس عون ذاهب الى اتهام الحريري بتفجير الوضع الداخلي اللبناني اذا رفض تشكيل الحكومة خلال اجتماعهما المشترك وإلا فإن عليه إعلانها للمحافظة على الوضع الشعبي ورئاسة الجمهورية ومعظم المؤسسات الرسميّة التي لا تزال تمارس أدواراً منتظمة في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى