أولى

في يوم الأسير الفلسطينيّ
تحيّة إلى كلّ أسير نذر نفسه
في سبيل تحرير فلسطين

 المحامي سماح مهدي _

لا يختلف اثنان على أنّ فعل المقاومة وحركة الصراع من أجل تحرير جنوب الأمة السورية ـ فلسطين من دنس الاحتلال اليهودي، تطلبا جهداً استثنائياً من كلّ أحزاب المقاومة وفصائلها ومن ضمنهم الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي نشأ ليكون الخطة النظاميّة المعاكسة في مواجهة المشروع اليهودي وحركته السياسية المسماة الحركة الصهيونية.

وكما يرتقي الشهداء خلال عمليات المقاومة، لا بدّ من أن يقع أسرى بين يدي قوات الاحتلال مقاومون أبطال، هذا فضلاً عمّن تقوم سلطات الاحتلال باعتقالهم خلال المواجهات اليومية أو حتى عبر مداهمة منازلهم.

وتكريساً لعدالة مسألة الأسرى في سجون المحتل الطاغي، اعتمد المجلس الوطني الفلسطيني في العام 1974 تاريخ السابع عشر من نيسان ليكون يوماً للأسير الفلسطيني، فأصبح يوماً وطنياً من أجل حرية الأسرى الذين تشير إحصاءات الهيئات والمؤسسات الرسمية الفلسطينية التي تعنى بشؤونهم إلى قيام سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» منذ عام 1948 باعتقال نحو مليون من أبناء شعبنا الفلسطيني، من بينهم الآلاف من الأطفال والنساء وكبار السن.

لم تشكل كلّ الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية، وفي مقدمتها القانون الإنساني الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة، ومبادئ حقوق الإنسان، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أية حماية للأسرى من أبناء شعبنا الفلسطيني في سجون الاحتلال.

فقد سجلت قوات العدو»الإسرائيلي» نفسها أنموذجاً لا ينافسه أحد في إساءة معاملة الأسرى، واعتقالهم في ظروف لا تمتّ إلى الإنسانية بصلة. هذا فضلاً عن أبشع أساليب التعذيب النفسي والجسدي، وحرمانهم من حقهم في زيارة أهاليهم إليهم. ناهيك عن الاعتقال الإداري والعزل الانفرادي الذي قد يمتدّ إلى سنوات، هذا إن لم تقتحم غرف الأسرى من قبل وحدات قمع خاصة في جيش الاحتلال تعتمد غالباً أسلوب رش الأسرى بالغاز.

أما عن العناية الطبيّة فحدّث ولا حرج، ففي معتقلات الاحتلال ما يقارب من 700 أسير يعانون من أمراض مختلفة تعود أسبابها للظروف اللاإنسانية لاحتجازهم والمعاملة السيئة التي يتعرّضون لها بالإضافة إلى سوء التغذية. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ حوالي 70 أسيراً مصاباً بأمراض مزمنة يحتاجون لعمليات جراحية ومتابعة طبية متخصصة كأمراض السرطان والقلب.

كما تشير التقارير المختصة بمتابعة حالات الأسرى في سجون الاحتلال أنّ المرضى منهم الموجودين في مستشفى سجن «مراج» الواقع في منطقة الرملة المحتلة، جميعهم يعانون من حالة صحية متردّية.

وجاءت جائحة «كورونا» لتزيد من معاناة الأسرى والاستهتار بحياتهم من قبل سجانهم الذي يرفض تنفيذ إجراءات الوقاية لهم لحمايتهم من ذلك الفيروس عبر عدم توفير مواد التعقيم لا وبل سحب المنظفات من بين أيدي الأسرى.

لم يكتف كيان الاحتلال بكلّ تلك الانتهاكات حتى وصل به الأمر إلى «شرعنة» سلسلة من «القوانين» العنصرية، وفي مقدمتها ما سُمّي بقانون «إعدام الأسرى»، فبلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال 222 شهيداً.

نحو 5000 أسير في معتقلات الاحتلال من بينهم 180 طفلاً قاصراً بعضهم لم يبلغ من العمر 14 سنة، وما يقارب من 37 أسيرة يرتكب الاحتلال بحقهن عشرات الانتهاكات، بالإضافة إلى 450 أسيراً تحت ما يُسمّى بقانون الاعتقال الإداري التعسّفي الذي بلغت حالاته 30,000 حالة اعتقال منذ انتفاضة الأقصى التي انطلقت عام 2000.

حتى النواب الفلسطينيون لم يسلموا من الاعتقال والأسر لدى كيان الاحتلال حتى بلغ عدد الذين مرّوا بتجربة الاعتقال 60 نائبا، فيما يقبع في الوقت الحالي 11 نائباً داخل معتقلات العدو.

في يوم الأسير الفلسطيني نوجّه التحية إلى بطل عملية الشهيدة دلال المغربي الرفيق الأسير يحيى سكاف عميد الأسرى في سجون الاحتلال، إلى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، إلى المقاوم مروان البرغوثي، إلى الأسرى من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، وإلى كلّ الأسرى الذين أفنوا زهرة شبابهم وسنوات طوالاً من أعمارهم في معتقلات الاحتلال، فما وهنوا وما تراجعوا وما استكانوا. فمنهم من حُرّر، ومنهم من أصيب بالمرض العضال، ومنهم من ارتقى شهيداً، ومنهم من لا يزال صابراً مؤمناً بأنّ رفقاء السلاح لن يهدأ لهم بال حتى تحرير كلّ أسير.

يميننا زاوية قائمة بالتحية إلى كلّ أسير نذر نفسه في سبيل تحرير فلسطين إيماناً منه بأنها جزء من أرضنا القومية، كانت ولا تزال وستبقى ملكاً عاماً لكلّ أجيال الأمة على تعاقبها، فلا يحق لأيّ كان أن يتنازل عن أيّ شبر منها.

*عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى