أخيرة

رسالة من أسير إلى يوم التحرير

} د. رائدة علي أحمد

عفوك أيها اليوم المجيد…

يا يوم النصر والعزة والكرامة عفوك… عفوك…

جئتك اليوم بأسمال بالية، وبطون خاوية، وجيوب فارغة، وعيون منكسرة.

جئتك من شعارات قسمت الوطن إلى أوطان ومستعمرات.

جئتك، من قرى لا تزال تنفث دماً على جثامين الشهداء الذين ظلت رفاتهم أرقاماً في مقابر العدو، غير أنً أثمانها تخزّنت في مصارف الغرب بأسماء الفاسدين المتآمرين على جثمان الوطن.

جئتك اليوم، وفي قبضة يدي علامة نصر جائعة تتلوّى من الفساد والخراب والانهيار، غير أنها صلبة متينة مستقيمة، تنغرس في قلب الأرض، فيتفجّر النصر من باطنها وينكسر الإنسان…

نعم انتصرت الأرض، وتحرّرت من نير الاستعمار غير أنّ ذلك النير الأفعوني التفّ على عنق الإنسان وامتصّ رمقه الأخير، فأرداه مشرّداً متسوّلاً تائهاً ضائعاً في متاهات الساسة الأقزام الذين تسلقوا صغاراً على سلّم مجد لن ينالوه، وأدراج نصر خذلوه، وعلياء كرامة وضعوها في الدرج الأسفل.

جئتك يا يوم النصر، وبي انكسار سحيق يبحث لنفسه عن مرقد في أرض تبكي وطناً تحرّر من العدو فاستعبده الحليف.

من معتقل أنصار جئتك، أجرّ أثقال القيود في قدميّ، وبي إصرار على تحطيم القيود… وتحرير الأرض.

جئتك من معتقل عتليت، وقد غدت أرضه بحراً من دماء الشهداء الأبطال، الذين استحالوا سفينة نجاة، فنقلتني إلى ارض الوطن حراً سيداً مستقلاً، فاستعبدني الوطن.

جئتك من سجن الخيام، وقد دمّر عنادي استار السجن وعبر نحو التحرير… جئتك أجرّ خيبتي الثقيلة خلفي، وألعن الزمن الذي جعلني «أسيراً ولم يجعلني عميلاً»!

جئتك، وبيدي كسرة خبز وبقايا كرامة فهلا تفتح لي الباب لأدخله بسلام؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى