أولى

ثلاثيّة النصر تواكب عيد المقاومة…

 نظام مارديني

لم يكن صنّاع أوهام «الربيع» الصهيوني وثورات زعران الناتو في مكاتبهم السوداء يعرفون حقاً مَن سيواجهون في سورية، وماذا تعني دمشق وتاريخها ومجدها العظيم؟

اليوم العالم كله بات يقرُّ بنصر الدولة السورية وبحتمية الحوار المباشر معها بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في سورية أمس… فقد أحرجت سورية الجميع وحاصرتهم سياسياً وأخلاقياً بفضل انتصارات جيشها وصمودها، وهي انتصارات رسمت ملامح وهويّة الحل السياسيّ النهائيّ… ولم يبق لأوراق الإرهاب في إدلب ومشاريع الشمال والشرق الانفصاليّة – التقسيميّة، سوى السقوط والفشل، خصوصاً بعد المأزق الجدّي الذي يعيشه الاحتلال التركي ومرتزقته من الجماعات الإرهابيّة، إضافة إلى سلسلة الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها «قسد» التي لا تزال تحفر قبرها عميقاً ولن يُسعفها الاحتلال الأميركي عندما تحين الساعة وهي ليست ببعيدة.

فالمعركة العسكرية انتهت حسابياً وانتهى معها الاستثمار في الإرهاب… ولن يجدي الحصار الاقتصادي نفعاً، فالسوريّون قادرون على إسقاط مؤامرات الحصار عبر الحدود، بدليل حاجة كافة دول الجوار للمائدة السوريّة… وقد يكون من الحكمة أن لا يتمّ الكشف عن الدول التي تنتظر الحج إلى دمشق برضى ساكن البيت الأبيض الذي يُسرّع هو أيضاً التحاقه بركب النصر السوري ليفوز بماء وجهه… لكن عليه أن يحذر، كي لا يُضيف أكذوبة جديدة إلى سجله الحافل بالكذب، ولعلنا هنا نستذكر بما صدر عن مركز جيمي كارتر لإدارة النزاعات والتي تشارك فيها بمقالة مشتركة كل من الدبلوماسي السابق جيفري فيلتمان ومدير المركز هراير باليان.

تعترف المقالة المشتركة بأن الإدارة الأميركية نجحت في إفقار الشعب السوري، ولكنها فشلت في تحقيق أي تغيير في سياسات الدولة.

 وكان «فيلتمان» قد طرح في وقت سابق مقاربة جديدة تقوم على اتخاذ الرئيس السوري بشار الأسد «خطوات ملموسة ومحدّدة وشفافة لا يمكن العودة عنها في شأن الإصلاح السياسي، مقابل إقدام واشنطن على أمور بينها تخفيف العقوبات على دمشق».. أي أنكم انتصرتم عسكرياً ولكن نحتاج للتفاوض! بمعنى أن تهديد الدولة السورية، لم يعُد عسكرياً بل اقتصادياً وقد جاء قانون «قيصر» في هذا الاتجاه لتحريك الشارع السوري عبر الضغط الاقتصادي، ولكن الاستحقاق الدستوري السيادي في الانتخابات الرئاسية كسر كافة المحرّمات الأميركية والغربية، وبرهن أن السيادة السورية خط أحمر ولا يمكن تجاوزه لا بالضغط العسكري ولا بالضغط الاقتصادي.

يدرك الواهمون أنّ ميزان القوى في سورية رغم الاحتلالين، الأميركي في مناطق من الشرق والشمال الشرقي في البلاد، والاحتلال التركي في مناطق في الشمال السوري، هو لمصلحة الدولة السورية وحلفائها، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن معظم مساحة سورية بما فيها المدن الرئيسيّة، تحت سيطرة الجيش السوري بعد استعادتها من خاطفيها.

***

بين أيار 1948 وأيار 2021، مروراً بأيار الـ 2000 تتمثّل شخصيتنا، وتختصر قضية أمتنا.. ومن خلال التاريخين ننظر إلى حياتنا بفرح الآن.

فعشيّة ذكرى حرب حزيران أغلقت «النكسة» أبوابها اليوم بثلاثية الانتصار: الانتصار السوريّ وقد توّج بالانتخابات الرئاسية، والانتصار الفلسطيني من بحره إلى نهره في معركة «سيف المقدس»، والانتصار الإيرانيّ في إلغاء العقوبات وعودة الولايات المتحدة صاغرة إلى الاتفاق النووي.. وغداً ستستكمل هذه الانتصارات بانتصار المقاومة العراقيّة في طرد الاحتلال الأميركيّ.

لنكن أكثر وضوحاً ونقول إننا في محيطنا القومي وضعنا لعقود، بعد «نكسة حزيران» داخل ثقافة اللامعنى حتى نبتت المقاومة كسنبلة القمح، لأن قوة أمتنا في إيمانها وفي قوتها، وليس في ضعفها، والضجيج التوراتيّ في رؤوس ساسة الغرب والخليج وتركيا و»غلمانهم»، لن يكون أكثر من ضجيج!

***

في ذكرى انتصار المقاومة اللبنانيّة الـ 21 على الاحتلال الصهيوني وطرده، كثيراً ما وجدنا أنفسنا، ونحن نحتفل بهذا العيد، أمام انتصارات متكاملة وفي أوقات زمنية تبدو لنا في الواقع متشابهة وأمام نتائج هي في الظاهر متساوية ومتماثلة، هذا التكامل يضعنا فلسفياً أمام مفارقة تشعرنا بالحيرة في كيفيّة الرد على بعض المغالطات من قبل خصوم محور المقاومة، وهي مغالطات جاءت تحت تأثير دوافع لاشعورية في الأكثر. فتلاثية الانتصار السوري، الفلسطيني، الإيراني + عيد انتصار المقاومة، هي بالنسبة للخصوم والأعداء لحظة قاسية ومؤلمة.. هي لحظة فشل رهاناتهم وتعطل إرادتهم مع وهم القوة، وقد أصبح الفشل «فرصتهم» لإعادة النظر في اختياراتهم، على حد تعبير «فرويد»!.

تلاعب وهمُ القوة عند هؤلاء الخاسرين كما تتلاعب الرياح بأشرعة السُفن. وقد تسلل الوهم إلى فضاء عقولهم من باب خلفي نتيجة الإيمان الساذج الـ «بلا» رؤيةٍ، لأنَّ أوهامهم بُنيّت على غير أساس إلاَّ من امتلاءٍ نفسي داخلي. وهذا ما يفسّر السقوط الأخلاقي لهؤلاء أمام كل ما هو أميركي ـ غربي ـ إسرائيلي. وهو سقوط يمثل ردود أفعال لما يُعبَّأون به من هوام الشعارات والمقولات التطبيعية حتى الثُمالة.

***

في كلّ عام تتوسّع بقعة الضوء المقاومة.. تكبُر وتكبُر، تنمو.. وتصير أغماراً من الفعل المناضل والإرادة الحرة لوقفات عز تتلاحق وتتعاظم.

وفي كل عام تجدّد المقاومة لغتها ونبض كلماتها وسحر حروفها، كي تليق بوطن الحرية والحق، نورثها كتاب عزّ لأجيالنا، الحاضرة وتلك التي لم تولد بعد، لتبني مستقبلها غير هيّابة من عدو أذلّتْه وهو يصرخ «إننا راحلون إننا راحلون».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى