مانشيت

الحريري للاعتذار لحساب حكومة انتخابات… فهل تتولّى قطر رعاية المرحلة الانتقاليّة؟ / دياب يحذّر من الانهيار الكبير: الحصار مسؤول… والخارج لن يكون بمنأى / صفي الدين: سنتحمّل مسؤولياتنا… والفساد متحوّر… وجنبلاط لتأميم النفط /

كتب المحرّر السياسيّ

في مرحلة تتسم بالانتقالية على مستوى الملفات الكبرى، لا يبدو أن المناخ مؤاتٍ ليحجز لبنان لملفه مكاناً في اهتمامات الكبار، فالتقدّم في الملف النووي الإيراني، كما تؤكد المصادر الدبلوماسيّة، والتي كان أبرزها ما قاله وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس عن حل الكثير من القضايا العالقة بين واشنطن وطهران، لا يعني أن التوقيع سيتم غداً، والحوار الإيراني السعودي الذي تحدثت طهران عن تقدمه بنجاح، لا يعني أن تناوله للملفات الإقليمية سيتم غداً، وعندما يتم ليس هناك ما يقول إن لبنان يقع في أولوية هذه الملفات.

في هذا المناخ تعاود قطر عبر وزير خارجيتها التحرك نحو لبنان، بما يتخطى مجرد العروض الإنسانيّة كما هو عنوان الزيارة، تحت عنوان تقديم كل مساعدة ممكنة على الخروج من الأزمة، أملاً بأن يقول المعنيون إنهم يرحبون بمبادرة قطرية لرعاية حوار يشبه ما جرى قبيل اتفاق الدوحة عام 2008 الذي أسفر عن تفاهم ثلاثيّ، بنده الأول رئاسي حسمت خلاله رئاسة العماد ميشال سليمان، وبنده الثاني حكومي تشكلت على أساسه حكومة برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة ضمنت الثلث المعطل بيد تحالف الثامن من آذار، وبنده الثالث نيابي على أساس اعتماد قانون انتخابي يعتمد القضاء، وفيما لم تتضح معالم الدور القطريّ الجديد، وما إذا كان منسقاً على الأقل مع واشنطن والرياض، قالت مصادر مواكبة لزيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أنه لم يسمع دعوة صريحة للمبادرة، بقدر ما حاول المعنيون الاستماع لما لديه، والتركيز على الجوانب المالية وشكر كل مساعدة، بينما كانت المعلومات المؤكدة لدى السفارات العاملة في بيروت والعواصم المتابعة للوضع في لبنان تتحدّث عن قرار الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري بالاعتذار عن مهمة تأليف الحكومة، مع ترك التوقيت معلقاً بانتظار الاتفاق على حكومة جديدة وعلى اسم رئيسها، على قاعدة توصيفها كحكومة انتخابات، وتحدثت المعلومات عن بدء التشاور في كيفية تأمين الخروج الآمن من مرحلة حكومة الحريري الى الحكومة الجديدة، التي لم تتضح عناوينها وتفاصيلها، والتي يبدو أن قطر ترغب بالوقوف على رعاية ما قبلها وما بعدها وصولاً للانتخابات، بما يضمن ثلاثية مشابهة لثلاثية عام 2008، رئاسة وحكومة وقانون انتخاب، تشكل عناوين مرحلة ما بعد انتخابات عام 2022، وتنبثق من مجلسها الجديد، وتكون عندها الرياض وواشنطن وطهران وباريس، وربما دمشق على صلة بالتفاهمات المطلوبة.

المرحلة الانتقالية ومصاعبها كانت موضوع كلمة رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب الذي تحدّث أمام السفراء الأجانب والعرب محذراً من خطورة الإنهيار، محملا الحصار الخارجي للبنان مسؤولية تعقيد الصورة، حيث تمنع المساعدة عن لبنان تحت شعار أولوية الحكومة، معتبراً أن الحكومة الضرورية لكل عمل إنقاذي لا يجب أن تكون شرطاً للمساعدة، محذراً من أن وقوع كارثة الانهيار ستطال مَن يعتقدون أنهم بمنأى، وجاءت ردود مستغربة من سفيرتي باريس وواشنطن، للتنصل من مسؤولية الحصار، والحديث عن مسؤولية السياسات الخاطئة والفساد وهو ما يردّده دياب دائماً محمّلاً العواصم التي رعت السياسات المعتمدة من الحكومات السابقة وقدمت لها الدعم والتغطية، رغم علمها بتفشي الفساد، بينما يقدّم ملف النازحين وحده مثالاً كافياً للحديث عن مسؤولية الحصار في مفاقمة الأزمة.

مخاطر الانهيار تناولها رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، مشيراً الى ان الفساد مثل كورونا ينتج متحورات، مؤكداً أن الحزب سيتحمل مسؤولياته، وانه يتابع مساعيه لكنه لن يقف مكتوفاً أمام خطر الانهيار، بينما دعا النائب السابق وليد جنبلاط الى تأميم شركات النفط وملاحقتها لمسؤوليتها عن أزمات المحروقات.

ولم يخرج الدخان الأبيض من بيت الوسط إيذاناً بحسم الرئيس المكلف سعد الحريري موقفه من الملف الحكومي وسط غموض يسود المشهد بين خيارات تتراوح بين توجّه الحريري لتقديم تشكيلة حكوميّة الى بعبدا وإذا رفضها يتوجّه للاعتذار أو يذهب فوراً للاعتذار وتكليف شخصية أخرى بموافقته أو اعتذار واستشارات نيابية لتكليف شخصية جديدة يتم التوافق عليها بعد الاعتذار. وأشارت مصادر «البناء» إلى أن «الحريري اتخذ قراره بالاعتذار لكن يجري التشاور مع الرئيس نبيه بري على تخريجة سلسة للاعتذار تسهل التوافق على المرحلة المقبلة من خلال الاتفاق على شخصية أخرى لتأليف الحكومة تحظى بغطاء الحريري». لكن المصادر لفتت إلى أنه «لم تطرح أسماء جدية مقترحة لتشكيل الحكومة بعد اعتذار الحريري الذي لم يطرح أي اسم بديل عنه».

وأفادت مصادر إعلامية الى أن «الحريري كان حاسماً مع بري برفضه تبني أي مرشح آخر»، وأشارت المصادر الى أن «الحريري يتشاور عبر تطبيق «زوم» مع رؤساء الحكومات السابقين وكذلك الأمر مع المجلس الإسلامي الشرعي للعودة بجواب حاسم في ما خصّ اعتذاره من عدمه».

من جهته، جدّد تكتل «لبنان القوي» خلال اجتماعه الدوري الكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل التكتل دعوته الحريري الى «الإسراع في تأليف الحكومة برئاسته رحمة بالبلد وناسه»، وأكد في الوقت نفسه «استعداد التكتل تقديم كل دعم ممكن للحكومة العتيدة في الإصلاحات التي تنوي القيام بها».

في غضون ذلك، برزت زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الى المرجعيات الرئاسية، وشرح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لبنان للوزير القطري المعطيات التي أدّت الى تفاقم الأزمة اللبنانيّة وتأخير تشكيل الحكومة، وقال «إن قطر وقفت دائماً الى جانب لبنان، وأي خطوة يمكن أن تقوم بها للمساعدة على حل أزماته الراهنة، هي موضع ترحيب وتقدير من اللبنانيين».

بدوره نقل الوزير القطريّ استعداد بلاده للمساعدة على حل الأزمات التي يعاني منها لبنان على مختلف الصعد، مجدداً التأكيد على وقوف بلاده الى جانب الشعب اللبناني في الظروف الصعبة التي يمرّ بها.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أطلق صرخة مدوية أمام البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية في لبنان في القصر الحكومي، ولفت الى أن «لبنان يعبر نفقاً مظلماً جداً، وبلغت المعاناة حدود المأساة، فالأزمات الحادة التي يعيشها اللبنانيون، على مختلف المستويات الحياتية والمعيشية والاجتماعية والصحية والخدماتية، تدفع الوضع في لبنان نحو الكارثة الكبرى التي تتجاوز تداعياتها أي قدرة على الاحتواء، وبالتالي نصبح أمام واقع لبناني مخيف. الصورة أصبحت واضحة: لبنان واللبنانيون على شفير الكارثة». وأكد أن «الخطر الذي يهدد اللبنانيين لن يقتصر عليهم. عندما يحصل الارتطام الكبير، سيتردد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان إلى المدى القريب والبعيد، في البر والبحر. لن يستطيع أحد عزل نفسه عن خطر انهيار لبنان. إن الاستقرار في لبنان هو نقطة ارتكاز الاستقرار في المنطقة. ومع وجود نحو مليون ونصف المليون نازح سوري ومئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، سيكون من الصعب التكهّن بنتائج انهيار الاستقرار في لبنان. إن هذه الوقائع تدفعنا للتأكيد أن العالم لا يستطيع أن يعاقب اللبنانيين أو أن يدير ظهره للبنان، لأن الاستمرار في هذه السياسة سيؤدي حتماً إلى انعكاسات خطيرة فتخرج الأمور عن السيطرة».

هذا الموقف استدعى رداً سريعاً وعالي السقف من السفيرة الفرنسية آن غريو قالت فيه ان هذا الاجتماع يأتي متأخراً، وان الازمة اللبنانية هي نتاج سوء ادارة استمرت عقوداً وليست نتاج حصار خارجي، مذكرة بالدعم الذي تقدّمه باريس وشركاؤها للبنان منذ شهور من دون أن تنتظر دعوة دياب إياهم، لإنقاذ لبنان.

أما الموقف الحاد، فخرج من السفيرة الأميركية دوروثي شيا التي ردت بشكل غير مباشر على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي وجّه انتقادات لاذعة للإدارة الأميركية بحصار لبنان، ما أدّى إلى تفاقم الأزمات المختلفة. فأشارت السفيرة الأميركية خلال اجتماع السراي بحسب معلومات «البناء» إلى أنه «هناك نوع من التهرّب من المسؤولية، وعندما يلوم أحد على التلفاز الولايات المتحدة لا يمكن تقدير ذلك. والمطلوب أن يتحمل المسؤولية الأشخاص المعنيون بها وليس نحن». وأكدت شيا أننا «لن نترك شعب لبنان، ولدي زملاء يحضّرون رزمة إنسانية لأن هناك مشاكل في الغذاء، لذلك نركز على اللبنانبين دون اللاجئين». مضيفة: «لم نتحرك وفق طلب من أحد، بل بناء على حاجة الشعب للخدمات ونقوم بواجبنا. قدمنا 7,3 مليار دولار لدعم القوى الأمنية والجيش اللبناني. ومنذ أسبوعين 59 مليون دولار، وقائد الجيش العماد جوزيف عون يمكنه استخدامه المبلغ لطاقمه».

وخلاصة المداولات بين السفراء والوزراء بحسب مصادر معنية لـ»البناء» بأن «لا دعم مالي وسياسي دولي للبنان، قبل تأليف حكومة جديدة تحظى برضا الشعب أولاً والمجتمع الدولي ثانياً، وحتى ذلك الحين ستتولى الأمم المتحدة وبعض الدول تأمين مساعدات عينية وغذائية، وبعض الدعم المالي الإنساني للحد من الأزمات وتعزيز صمود المواطنين».

وأوضح رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين الى أن «الوقت ليس متاحًا لحل كل الأزمات التي تراكمت على مدى سنوات وقد تنتج ما هو أسوأ، ليس فقط كورونا من ينتج متحورات فيروسية، كذلك الأزمة في لبنان تنتج متحوراً في الفساد ونحن نعيش اليوم الفساد اللبناني المتحوّر 2021، ونحن من الطبيعي أن نتحمل المسؤولية ونقوم بكل ما هو ممكن لإنقاذ الوطن ونحن نصارح الناس أن ما يعيشه لبنان حالة خطيرة ليس لأن لبنان مفلس، بل لأنه أريد له أن يلبس ثوب الإفلاس، فالإمكانات والموارد موجودة، ونحن لم نستقل من مسؤولياتنا ولكن أعطينا فرصًا ولا زلنا نعطي فرصًا للحلول، لا زلنا في الوقت الذي يمكن أن ننقذ فيه لبنان قبل الكارثة الكبيرة».

وبقيت الطوابير أمام محطات المحروقات ولم تخل من الاشكالات بين المواطنين وبين عناصر أمن الدولة أيضاً. وهذا ما حصل امس على محطة في فرن الشباك. في المقابل، تم الحديث عن حلحلة قريبة وأفيد أن «مصرف لبنان خرق جدار الأزمة، بفتح اعتمادات باخرتَين محمّلتين بالبنزين راسيتين في عرض البحر، وستفرَّغ حمولتهما خلال يومين الأمر الذي يحلّ الأزمة لمدة أقصاها 25 يوماً وفق ما قالت مصادر الشركات المستوردة للنفط.

وأشارت أوساط معنية في الملف لـ»البناء» الى أن «أحد أهم اسباب الازمة هو تأخر مصرف لبنان عن فتح الاعتمادات»، كاشفة عن وجود أربع بواخر نفط لم تفرغ حمولتها بسبب تأخر المصرف المركزيّ عن صرف الاعتمادات».

وغرّد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على «تويتر»: «في انتظار تشكيل الوزارة وحل معجزة مَن سيعين الوزيرين والامر قد يطول، لماذا لا نعتمد في موضوع الكهرباء الحل الذي اعتمدته زحلة بعيداً عن أخطبوط وزارة الموارد. أما قطاع النفط الذي يعاني من نفس المرض فإنني ادعو الى تأميمه من قبل الدولة ومحاسبة وتغريم اصحاب الشركات اياً كانوا».

على صعيد قانون البطاقة التمويلية الذي اقره المجلس النيابي لفتت مصادر «البناء» الى أن «البطاقة التمويلية تدرس في اللجنة الوزارية بعيداً عن الإعلام لإعداد مشروع ترشيد الدعم بموازاة إقرار البطاقة التمويلية»، لكنها كشفت الى أن المشكلة الاساس في تنفيذ البطاقة التمويلية هي مصادر تمويل البطاقة التي لم يتم تأمينها حتى الآن».

وبرزت حلحلة على صعيد أزمة الدواء، حيث أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن «الاتفاق مع مصرف لبنان المركزي قضى بتحديد الدعم الشهريّ للدواء بمبلغ 50 مليون دولار وفق أولويات تحدّدها الوزارة».

على صعيد آخر، دعا الرئيس بري إلى جلسة مشتركة لهيئة مكتب مجلس النواب ولجنة الإدارة والعدل يوم الجمعة المقبل لدرس طلب رفع الحصانة في ملف تفجير المرفأ. كما وقّع مشاريع القوانين التي أقرّها مجلس النواب في مقدّمها قانونا الشراء العام والبطاقة التمويلية على أن يحيل مشاريع القوانين إلى ‏السلطة التنفيذية. وشككت مصادر «البناء» بقرار المحقق العدلي طارق البيطار واقتصاره على شخصيات معينة واستثناء شخصيات أخرى، مشيرة الى أن القرار الظني الذي أصدره بيطار لن يؤدي الى نتيجة على المستوى القانوني متسائلة عن عدم صدور التقرير الأمني لكشف سبب دخول الباخرة التي حملت النيترات والجهة التي تملكها والتي سكتت عن دخولها ورسوها في المرفأ لمدة طويلة، كما كشفت المصادر أن باخرة النيترات كانت متجهة الى تركيا فسورية، لكن تم كشفها فاضطرت الى الدخول الى لبنان وذلك لنقل النيرات الى سورية».

وفي سياق ذلك، أعلنت الغرفة الدولية للملاحة في بيروت في بيان، «أن استمرار تراجع خدمات وأداء محطة الحاويات في مرفأ بيروت، بسبب انخفاض عدد الرافعات الجسريّة الصالحة لتفريغ وشحن سفن الحاويات، أدى إلى تجدد أزمة ازدحام البواخر خارج الأحواض، في انتظار حلول دورها للرسو والعمل على رصيف المحطة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى