مقالات وآراء

دعاوى جديدة ضدّ البيطار لتجميد عمله حتى تفعيل «الحصانة» هل تصدر مذكرات التوقيف؟

} محمد حمية

يواصل الوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق من جهة والمحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار من جهة ثانية، لعبة «عضّ الأصابع» والمماطلة وتضييع الوقت في المدة الزمنية الفاصلة عن بدء العقد العادي للمجلس النيابي في 19 الشهر الحالي، وذلك باستخدام سلاح المناورة بـ «الإجراءات» التي يسمح بها القانون لا سيما دعوى طلب الردّ والارتياب المشروع.

فبعد ثلاثة أيام على قرار محكمة الاستئناف بردّ طلبات الردّ، شكلاً لعدم الاختصاص النوعي بشأن دعويي الردّ المقدّمتين من كلّ من المشنوق لوحده، وخليل وزعيتر معاً بحق البيطار، قرّرت محكمة التمييز المدنية أمس عدم قبول طلب ردّ قاضي التحقيق المقدم من النائبين خليل وزعيتر لاعتبارها أنّ البيطار ليس من قضاة محكمة التمييز المنوطة بالنظر بطلبات الردّ المتعلقة بهم.

للتوضيح فقد نصت المادة 40 من الدستور على أنه «لا يجوز في أثناء دور الإنعقاد إتخاذ إجراءات جزائية في حقّ أيّ عضو من أعضاء المجلس أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً إلا بإذن المجلس ما خلا حالة التلبّس بالجريمة (الجرم المشهود)». كما نصت المادة 90 من النظام الداخلي لمجلس النواب على المضمون ذاته.

وبالتالي يسعى الوزراء الثلاثة عبر تقديم دعاوى بـ «الجملة» ضدّ البيطار إلى تمرير الوقت حتى 21 من الجاري لاستعادة الحصانة النيابية واستخدامها كغطاء في وجه أيّ قرار يصدره قاضي التحقيق كمذكرات إحضار أو توقيف… فهل ينجحون في ذلك؟ ما هي خلفيات قرار محكمة التمييز ومترتباتها القانونية؟ وهل تعيد البيطار إلى منصبه وموقعه لمتابعة عمله محصناً بقرارات محاكم الإستئناف والتمييز ومجلس القضاء الأعلى؟

مصادر مطلعة على ملف تحقيقات المرفأ أوضحت لـ»البناء» أن «محكمة التمييز المدنية غير مختصة فعلياً بالشكل في موضوع تقديم طلب رد القاضي العدلي، لأنها درجة أدنى ولا تتطابق والهيئة التي عينت القاضي العدلي أو المجلس العدلي»، وأشارت إلى أنّ «الوزراء الثلاثة لجأوا إلى الدرجة الأولى، أي محكمة التمييز المدنية، ثم ينتقلون الى الدرجة الثانية، أي أمام محكمة التمييز الجزائية وذلك لتمرير الوقت حتى انتهاء مدة الخطر بالنسبة لهم».

وفي مقابل قرار التمييز علمت «البناء» أنّ «الوزراء سيقومون بخطوة جديدة اليوم كردّ على قرار التمييز، وذلك لتمديد الوقت وتجميد عمل البيطار أطول مدة ممكنة»، ورجحت المصادر بأن يتقدّم الوزراء أمام محكمة التمييز الجزائية بطلب نقل الدعوى لكسب الوقت حتى بدء العقد العادي للمجلس».

فهل يستبق البيطار تفعيل «الحصانة» النيابية ويستغلّ قرار «التمييز» ويصدر مذكرات توقيف على المدّعى عليهم؟

واستبعدت المصادر أن يصدر البيطار مذكرات توقيف بحق الوزراء الثلاثة، مرجحة أن يصدر خلال اليومين المقبلين مذكرات إحضار إلى جلسة جديدة وبعدها سيكون أمام خيارين: إما الاكتفاء بمذكرات الاحضار وإما إصدار مذكرات توقيف غيابية ونكون أمام تكرار سيناريو ملاحقة الرئيس السابق للحكومة حسان دياب عندما أعاد تبليغه مرة ثانية كون الضابطة العدلية المتمثلة بالمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي قرّرت عدم إبلاغه لعدم الإختصاص.

وبحسب المعلومات فإن الجهات الأمنية المختصة لا سيما المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لن تبلغ المعنيين بأي مذكرة إحضار أو توقيف يصدرها المحقق العدلي كما لن تقوم بتنفيذها، كما أنّ وزير الداخلية لن يمنح الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

في المقابل يعود رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية د. بول مرقص الى نص المادة /١٢٣/ أ.م.م. لشرح خلفيات الموضوع: «يقدّم عرض التنحّي أو طلب الردّ في ما يتعلق بقضاة محكمة التمييز إلى هذه المحكمة فتنظر فيه غرفة من غرفها يعينها الرئيس الأول لمحكمة التمييز».

 وبالتالي «كون المحقق العدلي ليس من عداد قضاة محكمة التمييز بل هو تابع لمحكمة جزائية استثنائية من نوع خاص، هي المجلس العدلي، المنصوص عنها في المواد 355 لغاية المادة 367 أصول محاكمات جزائية كما كان قضى اجتهاد محكمة الاستئناف رقم ٢٠٢١/٦٤ بخصوص دعوى الردّ الذي تقدّم بها النائب المشنوق أمامها مؤخراً، وقبلها عام ٢٠٠٧. لذلك يعتبر القرار الذي صدر عن محكمة التمييز المدنية اليوم مماثلاً لجهة عدم اختصاصها نوعياً للنظر بطلب الردّ هذا، كما وكان لافتاً بحسب الخبير القانوني عدم تبليغه للمحقق العدلي طارق بيطار، تفادياً لهدر الوقت ووقف إجراءات التحقيق.

وبهذا تكون المحاولات القانونية والقضائية أمام المدعى عليهم للإطاحة بالقاضي بيطار، قد تعذرت، ولا يبقى سوى تحرك مجلس النواب بعد 19 تشرين الأول من العام الحالي مع تعذر فتح دورة استثنائية فورية لمجلس النواب، وإذاك يضيف الدكتور مرقص تفعّل الحصانات وتصبح القضية في ملعب المجلس النيابي مع بدء عقده الثاني حينما ستسعى كتل نيابية إلى ربط صلاحيته، مع ما قد يثيره ذلك من تنازع اختصاص بينه وبين المحقق العدلي الذي يكون قد سار في إجراءاته قبل عودة المجلس إلى الانعقاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى