الوطن

ندوة لـ«لمنتدى الاقتصادي» عن التحقيق الجنائي: مدخل لإعادة مؤسسات الدولة إلى سكة القانون

نظّم «المنتدى الاقتصادي الاجتماعي» ندوةً في «دار الندوة» بعنوان «التحقيق الجنائي موجبات مكرّسة ونتائج مرتقبة»، شارك فيها النقيب السابق لخبراء المحاسبة المجازين في لبنان أمين صالح والدكتور عمر نشّابة، وكانت مداخلة لرئيس مؤسسة «جستيسيا»   الحقوقية  الدكتور بول مرقص، وأدار الندوة الدكتور حسن جوني، في حضور شخصيات وهيئات سياسية وحزبية واقتصادية وحقوقية وفكرية ومهتمين.

 بدايةً، رحّب رئيس مجلس إدارة «دار الندوة» النائب السابق بشارة مرهج بالحضور، متمنياً أن «تكون هذه الندوة مساهمة  في ترسيخ  فكرة التحقيق الجنائي في هذا البلد الذي يحتاج إلى مزيد من الرقابة والمتابعة في مؤسساته الحكومية خصوصاً بعد هذه الأزمة الفظيعة التي نعيشها جميعاً، والتي أدت إلى هذه الكارثة التي  صنعها مسؤولون أحياء يتحركون بيننا بحرية ويعطون الأوامر هنا وهناك ويصدرون التعاميم التي تُربك الأسواق، بينما هم يجب أن يكونوا موضع مساءلة ومحاسبة».

واعتبر أن «بداية الطريق  لتصحيح الأوضاع تكمن في وجود الإرادة السياسية وفي  الإرادة الشعبية التي يجب أن تواصل الضغط لتكريس مبدأ المحاسبة، ثم تأتي مهمات التحقيق الجنائي الذي يجب أن يكون علمياً وموضوعياً وشاملاً كي نكتشف معاً من هم الذين نهبوا موارد هذا البلد وأموال أبنائه وسكانه وأشقائه سواء أكانوا في العراق أم في سورية أو فلسطين أو الخليج أو الأردن. هؤلاء خسائرهم يجب أن تعود إليهم كي نستعيد سمعتنا».

 وشدّد على «إجراء التحقيق الجنائي مدخلاً لإعادة مؤسسات الدولة إلى سكة القانون»، مؤكداً «أن هذه الندوة بوجود هذه الوجوه الطيبة والمميزة، وهذه القامات الاقتصادية، وبما لديها من خبرات تكون مدماكاً نضيفه إلى النضال الشعبي الذي لم يتوقف لحظة من أجل تحقيق العدالة في هذا البلد الذي استُبعدت فيه العدالة منذ زمن بعيد».

 بعدها، قدّم جوني المتداخلين، وقال «أشكر لاصحاب الدار وأصحاب الدعوة، خصوصاً في هذه الظروف التي تمرّ بها بلادنا من أزمات معقدة منها الاقتصادية والاجتماعية والصحية . ويختلف  أصحاب الاختصاص في الأسباب التي أدت إلى  ما نحن فيه اليوم، وهنا تُطرح أسئلة عدّة: لماذا وصلنا إلى هنا؟ كيف ومن المسؤول؟  فموضوع اليوم بعهدة أصحاب الاختصاص بغية الإضاءة  على سبب أساسي من هذه الأزمة من الأسباب وهو حال الفساد والهدر. وندوتنا اليوم ستركز اليوم على تبيان الثغرات القائمة ولفت الرأي العام إليها».

 وعرض نشّابة «المتطلبات والشروط الأساسية للسير في تحقيق جنائي وفق منهجية مهنية وأخلاقية تكفل المحاكمة العادلة».  وشرح «بعض التحديات الأساسية وهي: الاتفاق على المرجع الصالح الذي يتولى التحقيق الجنائي والسير بالتحقيقات طبقاً لمنهجية مهنية وأخلاقية والحفاظ على سرّية التحقيقات الجنائية والتعامل مع الحصانات الإدارية والسياسية والدستورية والحمايات الطائفية المذهبية».

 وشرح «الفرق بين التدقيق المالي والتحقيق الجنائي»، مشيراً إلى أن «الهدف الأساسي الأولي للتدقيق والتحقيق هو كشف الأسباب التي أدّت إلى انهيار الوضع المالي في البلاد ومحاكمة الأشخاص الضالعين في جرائم مالية».

 وقال «إن على التدقيق الجنائي أن يبدأ في حسابات المصرف المركزي ويفترض البحث في قانونية العمليات المالية والتحويلات لكل الحسابات. وعلى الجهة القائمة بالتحقيق جمع المعلومات والمستندات ومراسلات وأقوال المديرين والموظفين وأي شخص ذي صلة للإجابة عن الأسئلة التالية: لماذا أجريت العملية المالية؟ وكيف أجريت؟ هل تتعلق العملية المالية بعمليات مالية أخرى؟ ومن المستفيد منها؟».

 ورأى أن «التدقيق الجنائي قد يستغرق أشهراً أو سنوات عدّة والهدف منه الوصول إلى اكتشاف العمليات غير الشرعية ومن ضمنها الغشّ والتزوير واختلاس الأموال العامّة والتحويلات غير القانونية إلى خارج البلاد وتبييض الأموال».

وتحدث صالح عن «مفهوم التدقيق المالي المحاسبي والتدقيق الجنائي وفقاً لاحكام معايير التدقيق الدولي رقم 707،700،240،200». وشرح «مسؤوليات المدقّق المتعلّقة بالاحتيال في عملية تدقيق البيانات المالية، ومفهوم الاحتيال وما يتضمنه من خداع وغشّ وتزوير واختلاس». وبيّن أن «الاحتيال ينطوي على خطط متقدّمة ومنظمة بشكل دقيق لإخضاعه مثل التزوير».

وتوقف عند «واجب المدقّق في إبلاغ السلطات التنظيمية والتنفيذية في حال حدّد المدقّق احتيالاً أو أثبته في حدوثه».

 وتطرق إلى «عقد التدقيق الجنائي مع شركة «الفاريز أند مارسال» – الشرق الأوسط واعتبره «غير قانوني، ولا يحق للشركة التدقيق في لبنان، وفقاً لأحكام قانون تنظيم مهنة خبراء المحاسبة المجازين، إضافةً إلى أن العقد لم يستند إلى أحكام قانون المحاسبة العمومية الخاصة بإجراء صفقات الخدمات، فضلاً عن أن الشركة فرضت على وزارة المال عدم استخدام التقرير لدى جهات قضائية».

 بدوره، سأل مرقص «هل يفضي التدقيق المالي الجنائي إلى نتائج إيجابية لأسباب تتعلق بالعقد ولعدم وضوح المهمة وعدم ضمان استخدام القضاء لها كمادة إثبات؟ أين التوازي في إخضاع سائر الوزارات والإدارات والهيئات والمجالس والصناديق للتدقيق الجنائي؟  أليس ثمّة تشابك والتباس مع مهمة التدقيق المالي العادية؟»، مبدياً خشيته من «عدم الوصول إلى نتائج واضحة للتدقيق الجنائي».

 بعد ذلك، ناقش الحاضرون الآراء التي طرحت وطالبوا بـ»سد الثغرات الموجودة في العقد بين الدولة وشركة «الفاريز أند مارسال» وضرورة التأكد من حسن سير عملية التدقيق وصولاً إلى كشف الحقائق وإحالة كل من تثبت مسؤوليته في كتم الحقائق واختلاس الأموال والتلاعب بالأرقام إلى المحاكمة».

 وأكدوا «أهمية الربط بين نتائج التحقيق الجنائي واضطلاع القضاء بمهماته في هذا الصدد لئلا تذهب الجهود المبذولة لإجراء التحقيق الجنائي هباءً».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى