مرويات قومية

من مذكرات الرفيق فرج كريشة

الأحداث الواردة أدناه التي زوّدنا بها الرفيق فرج كريشة(1) حدثت في الفترة بين 09/02/1977 وآخر الشهر السابع من العام 1982 في بلدة مؤسسة حديثاً في ذلك الوقت وتدعى العالم الجديد (MUNDO NOVO) تقع على الحدود بين ولاية ماتوغروس

الجنوبية (البرازيل) والبارغواي.

لما دخلت «موندو نوفو» وجدت فيها عدة افراد وعائلات سورية «شامي – لبناني – فلسطيني»، وكان يقيم في تلك البلدة كاهن كاثوليكي بولوني متقدم في العمر، ولغته البرازيلية بلكنة بولونية لا يفهم منه جيداً. وكانت الكنيسة الكاثوليكية صغيرة بالنسبة لما صارت عليه البلدة، فتأسّست فيها ايضاً عدة كنائس «بروتستانتية» بأسماء مختلفة. وبغيرة من اهل البلدة الكاثوليك وهم الأكثر عدداً وبتحريض من الكاهن قرروا بناء كنيسة جديدة أضخم من الأولى.. وابتدأت التبرعات واقامة الحفلات كل ثلاثة أو أربعة أشهر. تبدأ كلّ حفلة اعتباراً من مساء نهار الجمعة وتنتهي صباح يوم الاثنين، وفي كل حفلة كانت الحصيلة مئات الآلاف من النقود البرازيلية.. وبعد عدة حفلات وبناء الكنيسة لم يرتفع عن الأساسات.. الأموال التي تجمع كانت تودع في البنوك على اسم الكاهن وحده دون شريك معه..

وبعد مراقبتنا، نحن السوريين، لهذا الكاهن تبيّن لنا:

أولاً: نظرة الكاهن لنا كغرباء عن البلدة وملامح العداء لنا.

ثانياً: لا يقيم حفل عماد لطفل ومهما كان الظرف سوى يوم السبت دون الأيام الأخرى..

وبعد ملاحظاتنا هذه وتساؤلاتنا مع بعضنا نحن السوريين اجتمعت آراؤنا على ان هذا الكاهن قد يكون يهوديّاً او متهوّداً، اذ لا يعقل ان يترك بلاده بولونيا وأهله وأقرباءه وهو المتقدم في العمر ويأتي ليخدم في قرية صغيرة نائية..

وحدث مرة ان قامت اللجنة بجمع التبرعات وجاءتني تطلب منّي التبرع فرفضت.. فقالوا لي لماذا هذه المرة لا تريد ان تتبرّع لنا؟

فسألتهم: وهل معه شريك؟

قالوا: في الحساب المصرفي لا حاجة لذلك فيجب ان نثق به ككاهن.

قلت: انا لا أثق. فهذا الغريب قد يأخذ هذه الأموال ويذهب من البارغواي دون عودة. وانني أشك كلّ الشك به وهو بالنسبة لي يهودي بلباس كاهن مسيحي كاثوليكي والأيام ستظهر الأبيض من الأسود، والآتي قريب.. كان مع اللجنة شخص يملك محلاً تجارياً قريباً من محلي، انزعج وانتفض وقال لي: انتم التوركو لا تعرفون الله.

فأجبته للحال: أولاً نحن لسنا توركو بل سوريون من أمة هي أمّ الأمم.

وثانياً انّ المسيح الذي تعبده وتصلي وتركع له هو ابن بلادنا..

وأضفت: لماذا لا يوجد كاهن برازيلي ليخدمكم بدلاً من كاهن غريب لا يقوم بعمله مجاناً ولا منطلقاً من غيرة على الدين..

قبل مرور عام واحد على ذلك الحديث، علمت ان الكاهن سافر بزيارة الى وطنه بولونيا. ومرت اشهر عدة والكنيسة مغلقة والكاهن لم يعد. وبحشرية مني ذهبت الى الذي قال اننا لا نعرف الله وسألته: لماذا الكنيسة مغلقة منذ مدة طويلة؟ هذا لا يجوز فيجب ان يعيّن كاهن بديل حتى عودة الكاهن الأصيل وكان مني هذا الكلام بلطف الخبثنة.. فأجابني: ابن… يهودي لقد سرق كلّ الأموال وهرب. لقد طلبنا كاهناً جديداً..

وبالفعل جاء كاهن برازيلي شاب، وخلال حفلتين أكمل بناء الكنيسة، وفيها راح يقيم الصلاة.

ان الكشف عن هذا اليهودي الذي ادّعى انه كاهن كاثوليكي قد سجّلْته لي إنجازاً قومياً إزاء أهالي البلدة الذين اكتشفوا المكر اليهودي.

وفي تلك البلدة وبمشاركة أبناء جاليتنا السورية أسّسنا فريقاً لكرة القدم باسم «فلسطين» ضمّ ابناء الجالية من عمر العاشرة وحتى الرابعة عشرة وقد حصلنا على مساعدة رئيس بلدية البلدة بالاضافة الى تشجيع جميع أبنائها.

وفريقنا «فلسطين» كان في طليعة الفرق للبلدات المحيطة لنا في ولايتي ماتوغروسّو دوالسول وبارانا.

هوامش:

الرفيق فرج كريشة: للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى