مقالات وآراء

لِكسر كارتيلات الدواء وإلغاء الوكالات الحصرية

} عمر عبد القادر غندور*

ما من دولة في العالم عانى شعبها واكتوى بجحيم أزماته، مثل ما عانى ويعاني الشعب اللبناني التعيس…

وأصبح مقيتاً ومملاً تعداد مصائب اللبنانيين على كلّ صعيد!! إلا مصيبة فقدان الأدوية وتدني خدمات المستشفيات بسبب هجرة معظم طواقمها الطبية، وحاجتها الى المستلزمات المفقودة والطاقة!

فبات اللبناني المريض الذي يحتاج الى الدواء والاستشفاء أمام خيارين: إما ان يسدّد فاتورة المستشفى الفلكية و20% من قيمتها بالدولار أو يحصل على الدواء (إنْ وُجد) بسعر خيالي لا يقوى عليه، وإما أن يُترك لقضائه.

ولأن لبنان محكوم بمجموعة من الكارتيلات الناهبة والمحصّنة بالشراكة والتحالف مع السياسيين، وفي مقدّمها مافيا كارتيل الأدوية الأقوى من الدولة، لا بل هي الدولة، و… أليس عجيباً أن يعلن المصرف المركزي في لبنان عن رفع الدعم عن أصناف من الأدوية او غيرها من السلع بعد شهر او شهرين؟

وكأنه يقول للتجار: خزنوا الأدوية والسلع وامنعوها عن محتاجيها لكي تبيعوها بعد فترة بأسعار خيالية وتجنوا الأرباح الطائلة على حساب المواطنين المساكين الذين اختصروا وجبات طعامهم بسبب ضيق ذات اليد…!

أليس هذا هو واقع الحال، الا إذا اتحفنا المصرف المركزي بتفسير آخر؟

وصحيح أيضاً، انّ اللبنانيون ليسوا ضحايا كارتيلات المستوردين وحسب، بل هم ايضاً ضحايا التجار الجشعين من ذوي البطون المنفوخة التي لا تشبع والتي لا تخاف الله في عباده.

صحيح انّ الدولة فاسدة وكارتيلات الاستيراد التي هي أقوى من الدولة بل هي الدولة كما ذكرنا، والصحيح أيضاً انّ في لبنان أزمة أخلاق من المستورد الى الموزع الى الوكيل الى التاجر الى السوبر ماركت الى الصيدلية الى صاحب الحانوت هي التي تحكم وتتحكم بسبب غياب الدولة والأجهزة الرقابية، إلا ما رحم ربي في الشرفاء والنبلاء من ذوي النفوس الشبعانة.

ولتنعدم صحة الناس ولتخرس أصوات الموجوعين وحشرجات المحتضرين على أبواب المستشفيات يتوسّلون الدواء والعلاج.

وبات ضرورياً أكثر من أيّ وقت مضى، إلغاء الوكالات الحصرية وإلغاء المرسوم رقم 34 عام 1967 الذي يحصر عقد التمثيل بوكيل واحد، وتفعيل مكتب استيراد الأدوية مباشرة لحساب الجهات الضامنة في الضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة والأجهزة العسكرية والأمنية.

ويستورد لبنان 80% من حاجته عبر كارتيلات الاحتكار، وبات ملحاً وضع حدّ لهذا الاحتكار وتفعيل المكتب الوطني والمختبر المركزي عبر حزمة متكاملة لمنع استمرار جلد المواطنين بأسعار هي الأغلى في العالم، وكسر الحلقة الجهنمية باستيراد أدوية الجينيريك والإسراع في إنشاء مختبر مركزي وتطوير المختبر الحالي القائم لضمان جودة وسلامة الأدوية المستوردة.

*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى