ترجمات

كيف تحوّلت كينيا إلى ساحة تنافس استراتيجي بين مصر وتركيا؟

} جمال النشار

تتنافس مصر وتركيا على الوجود في كينيا، حيث تسعى كلا الدولتين إلى توطيد علاقاتهما مع الدولة الأفريقية على جميع المستويات الاقتصادية والتكنولوجية والصناعية، وحول هذا الموضوع، سلَّط الصحافي المصري المستقل خالد حسن، المتخصص في الشؤون السياسية والتحقيقات، الضوء على مساعي كلٍّ من مصر وتركيا للحصول على موطئ قدم في كينيا، وذلك في تقرير نشره موقع «المونيتور» الأميركي.

مصر تحذو حذو تركيا
في القارة السمراء

في مطلع تقريره، يُشير الكاتب إلى أنّ الفريق عبد المنعم التراس، رئيس الهيئة العربية للتصنيع في مصر، استقبل في يوم 9 ديسمبر (كانون الأول) 2021 وفداً كينياً برئاسة اللواء كارلوس كاهاريري، مدير كلية الدفاع الوطني الكينية. وللمرة الأولى، اتفق الجانبان على نقل أحدث التكنولوجيا والتقنيات في مجال الصناعات الدفاعية المصرية وتوطينها في كينيا، ودعم الصناعة الكينية المحلية على المستويين الدفاعي والمدني، وأكدَّ التراس أن الهيئة العربية للتصنيع تضع جميع خبراتها وإمكانياتها البشرية والتكنولوجية للتعاون والشراكة مع أشقائنا في دولة كينيا.

ويوضح التقرير أنّ جهود مصر للتعاون مع كينيا لا تقتصر على المجال العسكري فحسب؛ إذ كشف علاء الوكيل، رئيس لجنة أفريقيا وعضو مجلس إدارة المجلس التصديري للصناعات الغذائية، خلال مؤتمر صحافي يوم 5 ديسمبر أنّ المجلس سينظم بعثة تجارية إلى كينيا خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، بينما صرَّح اللواء محمد الزلاط، رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية، بأن مصر تسعى إلى تعزيز التعاون الصناعي مع كينيا لتنمية العلاقات الاقتصادية وتطويرها بين البلدين.

وحول التنافس بين مصر وتركيا؛ تأتي هذه التحركات المصرية في أعقاب جهود مماثلة تبذلها تركيا لتحسين العلاقات مع كينيا؛ إذ أعلنت شركة «قطمرجيلار» التركية للصناعات الدفاعية في يوم 4 يونيو (حزيران) 2021، فوزها بمناقصة طرحتها الحكومة الكينية تتضمّن تصدير 118 مدرّعة رباعية الدفع ذات عجلات إلى كينيا، مما يجعل كينيا ثالث دولة أفريقية تستورد المركبات المدرعة التركية.

مصر وتركيا… أهداف مختلفة

في هذا الصدد، قال اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع السابق والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، لموقع «المونيتور» إنّ: «مصر تحركت مؤخراً لدعم إنتاج الأسلحة وتصديرها للخارج، وتسويق منتجاتها الدفاعية من خلال معرض الصناعات الدفاعية والعسكرية «إيديكس 2021». وأشار إلى أنّ هذا الأمر يشير إلى توجُّه جديد تتَّبعه مصر في السنوات القليلة الماضية بهدف دخول أسواق السلاح الأفريقية.

وأضاف سالم أنّ نجاح تركيا في بيع طائرات من دون طيار ومدرعات لدول أفريقية دفع مصر إلى أن تحذو حذوها، مرجحاً أن يكون هدف أنقرة المتمثل في إقامة موطئ قدم عسكري واقتصادي في القرن الأفريقي قد يكون بمثابة تهديد للأمن القومي المصري، بالنظر إلى الأهمية القصوى لتلك المنطقة لضمان الاستقرار وحركة الملاحة في قناة السويس.

وينوّه التقرير إلى أنّ رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، وقَّع في يوم 18 أغسطس (آب) اتفاقية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للتعاون في القطاع العسكري بين البلدين، كما أفاد مصدر تركي رسمي لوكالة «رويترز» في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بأنّ المغرب وإثيوبيا قدَّمتا طلباتٍ رسمية إلى تركيا لشراء الطائرات التركية من دون طيار المقاتلة من طراز «بيرقدار تي بي 2»، وفي 30 يوليو (تموز) 2021 كان قد أعرب الشيخ محمد أختر، رئيس الوقف الإسلامي الكيني، عن دعمه الكامل لتركيا وشعبها ورئيسها أردوغان.

من جانبه، يرى اللواء سالم أنّ دخول مصر سوق السلاح الكيني سيؤدي إلى الحد من النفوذ التركي بالإضافة إلى كسب دعم كينيا في أزمة سد النهضة الإثيوبي. وكان وزير المياه والطاقة الإثيوبي، هبتامو إتافا، قد أعلن في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 أن أعمال البناء في سدّ النهضة تسير بصورة مستمرة، وفق الخطة الموضوعة لتوليد الطاقة الكهربائية في أقرب وقت ممكن، على الرغم من حقيقة أن المفاوضات المرتبطة بسد النهضة متوقفة رسميّاً بين مصر والسودان وإثيوبيا منذ شهور.

تقارب مع واشنطن..
ومزيد من الاتفاقيات

وألمح التقرير إلى أنّ كينيا يُنظر إليها أيضاً على أنها الحليف التقليدي للولايات المتحدة في القرن الأفريقي، خاصة أنّ إثيوبيا بحاجة الآن إلى إعادة الإعمار بسبب تداعيات الحرب الأهلية في البلاد؛ ولذلك، تعني قدرة مصر على استمالة كينيا مزيداً من التقارب مع واشنطن لصالح مصر، وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد استقبل نظيره الكيني، أوهورو كينياتا، في البيت الأبيض في 12 أكتوبر الماضي.

وينقل التقرير ما أكَّده اللواء أحمد العوضي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، لموقع «المونيتور» قائلاً: «إن التعاون المصري الكيني غير المسبوق يأتي ضمن إستراتيجية القاهرة لدعم أشقائها في القارة الأفريقية ودول حوض النيل». وأوضح العوضي أن جهود مصر لإقامة علاقات أقوى مع الدول الأفريقية بوجه عام وليس مع كينيا فحسب تتجلى بوضوح من خلال الاتفاقيات العسكرية التي أُبرمت مؤخراً مع عدة دول أفريقية.

وفي ختام تقريره، يُشير الكاتب إلى عدد من الاتفاقيات التي أبرمتها مصر مع دول أفريقية، ومنها اتفاقية التعاون العسكري التي وقَّعتها مصر والسودان في 2 مارس (آذار) 2021، في أعقاب الزيارة التي قام بها الفريق محمد فريد حجازي، رئيس أركان القوات المسلحة المصرية آنذاك، إلى العاصمة السودانية الخرطوم. كما وقَّعت مصر وأوغندا اتفاقية تعاون في مجال الاستخبارات العسكرية لتبادل المعلومات في مقر المخابرات الأوغندية في العاصمة كمبالا في 8 أبريل (نيسان) 2021، بالإضافة إلى توقيع مصر اتفاقية تعاون عسكري مع بوروندي في يوم 10 أبريل (نيسان) من العام نفسه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى