مقالات وآراء

بين سيارة ياسر عرفات وبيك أب أحمد جبريل

} حمزة البشتاوي

بينما كان ياسر عرفات عائداّ بسيارته من منطقة الأغوار صودف على الطريق نفسه مرور أحمد جبريل بشاحنته، وحين شاهدا بعضهما توقفا على جانب الطريق قرب صخرة مهجورة وسأل عرفات جبريل: إلى أين وماذا معك فأجاب: إلى القواعد ومعي عدد من الألغام والمتفجرات والذخائر التي استطعنا الحصول عليها بطرق مختلفة، شارحاً له أهميتها للعمل الفدائي، وسأله: وأنت إلى أين وماذا تحمل معك، فأجاب: كنت في زيارة للقواعد ومعي الكثير من البيانات والتقارير وسوف أذهب بجولة سياسية وإعلامية على عدد من الدول للحصول على الدعم والتأييد السياسي لأنّ العمل العسكري وحده لا يكفي.

يمكن لهذا الجزء من اللقاء بين من ارتبطت اسماؤهم بالثورة والقضية ومسيرة الصراع مع الاحتلال طوال أكثر من خمسة عقود أن يشير إلى بعض الاختلاف وصولاً إلى الخلاف حول الاستراتيجية والوسائل والآليات، ولكنهم كانوا يلتقون حول فعل المقاومة وهذا ما حصل في انتفاضة الأقصى عام 2000، وقد شكل هذا اللقاء علامة مضيئة في مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة بالرغم من اتفاق أوسلو الذي أعطى «شرعية» للاحتلال وللتفاوض معه بعيداً عن المنطلقات والأهداف والمبادئ التي انطلقت من أجلها الثورة وقدّم فيها الفلسطينيون الكثير من التضحيات، وهم يحتفلون اليوم بها في ظلّ تراجع المشروع الوطني القائم على أساس تحرير كلّ فلسطين من النهر إلى البحر، وأيضاً في ظلّ عدم وجود مراجعة جدية للمسيرة ولوحدة العمل الكفاحي الذي تضرّر كثيراً بسبب الخلافات التي وصلت إلى حدودها القصوى بسبب الانقسامات.

وكان «الإسرائيليون» قد أدركوا مبكراً خطورة حركة ياسر عرفات وجبهة أحمد جبريل مع الخوف من الوحدة والتكامل بينهما، وهذا الخوف كان يكبر منذ أن أصبح ياسر عرفات رمزاً ومدرسة يهتمّ بالسياسة والإعلام ويقرأ ما هو ضروري وخاصة الملخصات التي يعدّها له مساعدوه، بينما كان أحمد جبريل رمزاً ثورياً للفدائيين وأكثر انغماساً في قراءة وإعداد الخطط والخرائط العسكرية وابتكار وسائل قتالية لتجاوز العوائق والصعوبات، التي رغم اتساعها سيحيي الفلسطنيون ذكرى انطلاقة ثورتهم المعاصرة وهم بلا ثورة شاملة وبلا دولة قائمة وفي أوضاع لا يُحسدون عليها في الداخل والشتات، ويحتاجون أكثر من أيّ وقت مضى إلى ثورة ومقاومة شاملة يكون فيها للشباب الدور الأساسي في مسيرة التحرير والعودة، بما يليق بمرحلة البدايات ويبعدهم عن السقوط في خيبة النهايات.

*كاتب وإعلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى