أخيرة

سلسلة «شو بخاف» لعفيف حيدر وحسن إدلبي قضايا اجتماعيّة ومواضيع حياتيّة بنهايات مفتوحة للنقاش

} عبير حمدان

اختار كل من المخرج عفيف حيدر والكاتب والمخرج حسن إدلبي خوض غمار الواقع وجعله مادة دراميّة ضمن سلسلة منفصلة بقصصها ومتصلة لجهة الإضاءة على مواضيع حياتيّة لا تتم مناقشتها إلا من زوايا ضيقة ومعلبة أحياناً.

بعيداً عن التكرار والنمطية المعلبة النهايات يقدّم حيدر وإدلبي عملهما الذي يحمل اسم «شو بخاف» بقصص منفصلة لتطرح كل حلقة قضية بنهايات معلقة مما يحثّ المتلقي على النقاش في مختلف الاحتمالات.

حول العمل تحدّث حيدر لـ»البناء» فقال: «بذرة الفكرة تمّت سقايتها من الماء الحي واللحم الحي، حيث تشاركت أنا وصديقي الكاتب والمخرج حسن إدلبي على كتابة حلقاتها الثلاثين، «شو بخاف»  هو من صراعات الحياة الغائبة عن كُتاب الدراما لدواعٍ تابوهية، لقد حاولنا سد الفجوة بين الواقع والدراما وابتعدنا عن السطحية في طرح المواضيع دون التكرار والدوران في فلك قصص الحب والسيارات الفارهة والقصور الفخمة  والأكشن الاسطوري المبالغ فيه  واظهار المرأة بشكل مسيء كعديمة الأهمية او وسيلة للإغراء والإثارة».

وأكد حيدر أن العمل يطرح قصصاً كثيرة ولكل حلقة عنوان، والدراما فيها ليست مجرد سلعة إبداعية حديثة بل ذهبت الى أبعد من ذلك مغامرين في كسر حواجز الصمت وإطلاق العنان لمداد القلم الدرامي .

وأضاف: «غالباً في الاعمال الدرامية التلفزيونية تبدو الدراما كمن يقطع الغصن الذي يجلس عليه، إذ هو يقوم بفعل ما، ولكنه سيؤدي بالضرورة إلى السقوط عن الشجرة، تمسكنا كثيراً بأفكارنا وخطوطنا الدرامية كي لا نقع، في «شو بخاف» لا مناورات ساذجة تستخدم الدين والجنس والسياسة كدروع تختبئ خلفها معفية نفسها من إنتاج ما يدعم  إيجابياً وموضوعياً السيرورة المعرفية للتجمعات البشرية الناطقة باللغة العربية، سبقنا الممنوعات (التابو) بخطوات دون أن  نعفي انفسنا من إمكانية الجدل معه (اي التابو)، هذا الجدل الذي يشكل جوهر الدراما بشكل عام. هذا الجدل يجعل من الفن والإبداع شريكاً حياتياً .حلقات «شو بخاف» عمدت الى تخطي كل التابوات ديناً وجنساً وسياسة (دون خدش حياء المشاهد)».

وتابع: «عكسنا الواقع دون ان نعتبره مرآة لنا، مبتعدين عن اللغط السائد بأن الدراما هي فقط انعكاس للواقع، ما اعتبرناه هو أن الدراما حالة تمرد على الواقع تاركين خلفنا ما اعتدنا المشي خلفه مما يقوله النقاد دون مناقشة أفكارهم، ولم ننسَق مع مقولة إن الدراما بمختلف أنواعها إنما هي صدى للواقع المعاش من كل النواحي سواء السياسية أم الاجتماعية أم الفكرية والاقتصادية والثقافية، من هنا أعلنا تمردنا على الواقع برمّته ورفضنا ما هو قائم، واعتبرنا العلاقة بين ما يراه المشاهد على الشاشة وبين ما يراه على أرض الواقع هو نوع من العلاقة التحريضيّة التي لا ينبغي لها أن تفلت من نقاش المتلقي مع ذاته. وأجزم أن كل عناوين ومواضيع «شو بخاف» ستفرش للمتلقي افكاراً تحريضية وحالات من الرفض للواقع المعاش» .

وختم حيدر: «لكل رؤيته للواقع ولكل تحليله ومنطقه ومنطلقه الذاتي في إطلاق أحكامه على الواقع أما في حالة التمرّد على الواقع، فإن كل الفوارق سوف تبدو أقل حدةٍ وتأخذ شكلاً منحنياً بعض الشيء، ولعلنا لاحظنا في الأعوام المنصرمة عدداً من الأعمال الدرامية لكلا الفريقين لم تلاقِ النجاح المأمول ذلك لأن كتابها كانوا يصرّون على تقديم الواقع كما هو، متغافلين عن حقيقة هامة وهي أن الفن ليس نسخة عن الواقع، وإنما تعبير عن هذا الواقع هذا التعبير الذي يبلغ ذروة وعيه حين يكون حالة تمرّدية تعلن رفضها الواضح لما هو قائم بالفعل. وهذا بالضبط ما قمنا بنقله في سلسلة «شو بخاف». وحين تكون الدراما تمرّداً حقيقياً سوف تكون أقرب للمفهوم الثوري منه إلى المفهوم التصالحي مع القائم وتحمل في طياتها حلماً بالتغيير وقدرة على التأثير في المتلقي متسلحين بقول تشيخوف: قدّموا أي شيء إلا الواقع، بما معناه لا تستسلموا للواقع في كتاباتكم، خلاصة القول إننا نعمد الى تقديم مادة ستشكل صراعاً مع الواقع لجهة الطرح ونترك الحل للمتلقي بنهايات معلقة وإسقاطات درامية تفي الغرض».

من جهته اعتبر الكاتب والمخرج حسن ادلبي أن العمل يطرح قضايا تعني الجميع، وقال: «انطلقت فكرة مسلسل «شو بخاف» بناء على الكثير من الدوافع اهمها دافعان، الاول اجتماعيّ حيث اننا نرى وبشكل يومي قضايا مخيفة تحصل مع أشخاص نعرفهم وحتى معنا ولا يتم تسليط الضوء عليها او الكلام عنها، ربما تمّ طرح اشياء مشابهة في بعض البرامج التلفزيونية لما نقدّمه في المسلسل، ولكن لا يتم التعمّق بها إلا في ما يخدم هذه البرامج، بمعنى آخر هم لا يقولون الأمور كما هي، من هنا أتى التحريض من أنفسنا لنطلق هذا المسلسل للحديث عن القضايا التي تعني المجتمع برمّته كدعوة للخروج من عنق الزجاجة وكسر القيود باعتماد موضوع معين في كل حلقة. ونحن في سياق الحلقات ركزنا على طرح الإشكالية وليس إيجاد الحل لأن الحلول ليست موجودة في الدراما وليست مهمتنا تقديم الحلول بل دورنا أن نتكلم ونطلق العنان ليحاول المتلقي البحث عن الحلول والانتفاض على واقع غير مقبول».

 اما الدافع الثاني فهو فني بمعنى أننا حين ننظر الى الدراما اللبنانية نجد دوماً النهايات السعيدة، مما يضعها في زاوية نمطية. وبعيداً عن التعميم فإن معظم الأعمال متشابهة وبات المتلقي يتوقع النتيجة والنهاية المثالية للأعمال التي تُقدم له، لذلك اخترنا تغير المشهد ونقل قضايا واقعية ضمن إطار فني بحيث نطرح الإشكالية ونترك له التخمين وفق رؤيته وبيئته وخلفيته الاجتماعية والثقافية، نتكلم في العمل عن عناوين مهمة جداً مثل الغلاء وزواج القاصرات والعنف ضد المستخدمات في البيوت…

وختم إدلبي: «تجربتي في هذا العمل هي الأجمل على الإطلاق، وهي الاولى لي كمسلسل مع الاستاذ عفيف حيدر وقد قمنا بعمل رائع ضمن جو عائلي حقيقي بعيد عن التكلف وبكل ما نملك احساس بما نقدمه للناس».

اما ميساء الحافظ وهي من الشخوص الرئيسية في العمل، فقالت: «ما يميز العمل هو روحيته لكونه يضيء على قصص اجتماعية تحصل في البيوت ولا يتم الكلام عنها، وفي «رحيل» تحدثنا عن العنصرية وأظهرنا الجانب الانساني لقصص من هذا النوع، بمعنى أننا غصنا في عمق النفوس الشريرة وأعلمناهم أن هناك من لديه القدرة على مواجهتهم».

واضافت: «غابت المبالغة في الحوار والتعاطي وهذا يُحسب للصديقين عفيف حيدر وحسن ادلبي الذين ابتعدوا عن التكلف واقتربوا من حكايا المجتمع، وبرأيي الثورة ضرورية حتى في الدراما والمادة ستفرض قيمتها المعنوية على المشاهد لتخرجه من السيطرة النمطية المكررة».

وتحدّثت الممثلة فاتن الطويل عن العمل بحماس خاصة في ما يتصل بأولى حلقاته التي حملت عنوان «رحيل»، فقالت: «عملت في العديد من الأعمال المتنوعة ولكن في هذه السلسلة تحديداً كانت العفوية والتلقائية حاضرة وتحديداً في قصة «رحيل» حيث إن النص متماسك الى درجة أني شعرت بها على الاوراق وكأنني أمثلها خلال القراءة، باحداثها المتسارعة بعيداً عن التكرار والملل».

وأضافت: «قد تكون النهايات المعلقة التي سيراها المشاهد في العمل حزينة إلا أنها واقعيّة. وهذا ما يميّزه عن الكثير من الأعمال النمطية التي تأتي حواراتها معلبة وجاهزة».

الجدير ذكره أن سلسلة «شو بخاف» قصة سيناريو وحوار حسن إدلبي وعفيف حيدر، وستعرض على إحدى القنوات اللبنانية التي سيعلن عنها لاحقاً، والإخراج لحيدر وإدلبي مخرج منفذ، مدير إضاءة وتصوير محمد وهبي، وتشارك فيه ايضاً الممثلة وفاء شرارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى