أولى

في ذكرى نكبة فلسطين وتكريماً لذكرى رحيل كلوفيس مقصود

 بشارة مرهج*

شهدنا مع شيرين أبو عاقلة، شهيدة فلسطين والصحافة، مسيرة الآلام التي يعيشها شعب أبيّ شقيق سائر على درب الجلجلة منذ 74 عاماً، دائماً يحمل على منكبيه آلامه وآلامنا كلنا، يمضي في مسيرته الظافرة غير عابئ بالحصار الضاري الذي لم يترك بيتاً من شرّه ولم يترك فلسطينياً من جوره، حصار يعرف كيف يطعن في الظهر والصدر ويخطئ الخطأ القاتل في ملاحقة الموتى وهم على الأكفّ. بحقدها وعنصريتها وربما بخوفها من المستقبل أحرجت قوات الاحتلال نفسها بقدر ما أحرجت أصدقاءها وحلفاءها الذين اضطر بعضهم إلى إدانة الجريمة البشعة التي هزت العالم بعد أن تناولها الإعلام بالصوت والصورة مع ملحقاتها التي أثارت سخط العالم المنبهر بشجاعة شيرين وشجاعة رفاقها وشعبها الذي أصرّ على التشييع والصلاة والمواراة منتصراً على الحصار والرصاص والوحشية «الإسرائيلية».

لقد استطاعت شيرين ببراءتها وشجاعتها أن تحوّل هذا اليوم التاريخيّ في حياة فلسطين الى جنازة رمزية للكيان الصهيوني الغاصب الذي فقد أعصابه أمام الجموع الفلسطينية التي التمّت في القدس وجنين والناصرة وبيت لحم ورام الله وحيفا ويافا تودّع شيرين وتتحدّى الغاصب.

في وداع شيرين برزت هشاشة الكيان المرتبك وظهرت عظمة الشعب الفلسطيني وشجاعته التي استوت مع استحقاقه للحرية والاستقلال.

بعد شيرين لن تستطيع قوة أن تمنع الناس من حمل أعلامها الوطنية أو تشييع شهدائها أو ممارسة حقوقها. فالنجمة الساطعة في سماء فلسطين وحّدت شعبها في موكب مهيب صغُرت أمامه كلّ محاولات القمع والإرهاب، وكما اعتادت شيرين أن تنقل الحقيقة بأمانة فقد أخبرتنا من نعشها أنّ الاحتلال لا يحترم أحداً ولا يصدقُ مع أحد ولا يوقر الموت ولا يحترم الحياة. مرة جديدة تلحق تل أبيب العار بنفسها وتخسر ما تبقى من سمعتها حتى لدى أصدقاء صعقتهم الجريمة ووضعتهم أمام الحائط.

 ولو كان الراحل الدكتور كلوفيس مقصود أحد أبرز سفراء العرب حياً بيننا لرثى شيرين بأجمل الكلمات وعيونه تدمع من الفرحة كما من الحزن معتزاً فخوراً بالشهيدة الفلسطينية التي قُرعت لها أجراس القدس واحتشد حولها الشعب الفلسطيني ورافقتها زغاريد النساء والفتيات طول الطريق من جنين إلى القدس محمولة على أكفّ شباب فلسطين شباب المستقبل.

سلام من القلب لشيرين في مثواها الأخير.

سلام من القلب لفلسطين.

سلام للقدس من كلّ حيّ وقرية وبلدة ومدينة في العالم العربي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نائب ووزير سابق.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى