الوطن

نصرالله في ذكرى استشهاد بدر الدين: لمباشرة العمل في البلوكات الملزّمة للشركات ونحن نتابع الموضوع

أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «أننا أكثر المعنيين بالحفاظ على البلد وهويته»، وقال «نحن وُلدنا هنا ونُدفن هنا ولا يتوقعنّ أحد أننا سنضعف أو نتخلى عن بلدنا الذي دفعنا من أجله كل هذا الدم الغالي». وشدّد على أنّ التحدّي الداهم هو الأزمة الاقتصادية والمعيشية وليس سلاح المقاومة، معتبراً أنّ هذا الأمر يتطلب حركة طوارئ للمجلس النيابي والحكومة الجديدة. ورأى أنّ استخراج النفظ «هو باب الأمل الأساسي للخروج من أزمتنا لا التسوّل وقروض البنك الدولي. فلتباشروا بالعمل على البلوكات التي وافقتم كدولة عليها وألزمتموها للشركات ونحن سنتابع هذا الموضوع».

مواقف السيد نصرالله جاءت في كلمة له خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله أمس، بمناسبة الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد السيد مصطفى بدر الدين (ذو الفقار)، وتناول في مستهلها شخصية بدر الدين، معدّداً مزاياه، وقال «أصبح معروفاً من خلال كلّ التقارير التي أضاءت على شخصية الشهيد القائد السيد بدر الدين والكثير من ملامح هذه الشخصية. بعد شهادة القادة تُعلن أسماءهم الحقيقية وتنتشر صورهم وسيرهم ويبين حالهم للناس وأما الذين همّ على قيد الحياة، حالهم حال الوضع السابق».

وتابع «الشهيد بدر الدين لديه شجاعة عالية وشهامة وهمّة كبيرة وإرادة وعزم وجدّية وغيرة وحماسة وذكاء وإبداع وبيان قوي وقدرة خطابية عالية، وكان شاعراً ينظم القصائد للقدس وفلسطين والأئمة».

وأضاف «حمل الشهيد بدر الدين كلّ الأوسمة مجاهداً وجريحاً، إلى أن استشهد وقضى عمره في مواجهة الصهاينة والتكفيريين. الشهيد بدر الدين هو أحد رموز جيل بكامله، جيل مؤمن ومجاهد في لبنان والمنطقة، كما الحال بالنسبة لإخوة كثيرين مثل الشهيد القائد عماد مغنية، وهو الذي كان حاضراً باسمه ذو الفقار في كلّ الساحات. أي ساحة فلسطين ولبنان وسورية».

وتطرّق إلى ذكرى النكبة وقال «لم تكن نكبة فلسطين فقط بل كانت نكبة كلّ العرب وهي حادثة لا تنتهي مصائبها ولا آلامها، منذ 74 سنة ما زالت هذه المنطقة وشعوبها يعانون من نتائج تلك النكبة التي أوجدها الكيان الصهيوني، والأهم الآن إزاء هذه النكبة هو موقف الشعب الفلسطيني خلال عقود وما يجري منذ الأسبايع الماضية و»سيف القدس».

وأكد أن «الشعب الفلسطيني حسم خياره منذ وقت طويل وهو اليوم حاضر في الميادين والساحات»، معرباً عن اعتقاده «أن إيمان الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني بخيار المقاومة الآن، أقوى من أي زمن مضى، ولو قُدّر لهذا الاحتلال أن يستمرّ ولم تكن هناك مقاومة، ماذا يُمكن أن يكون وضع لبنان خلال عشرات السنين الماضية وحاضر لبنان؟ أي نكبة يُمكن أن يعيشها الشعب اللبناني؟»

ورأى أنه «كما انتظر الشعب الفلسطيني والشعوب العربية من 1948 إلى 1967 إلى اليوم، كان المطلوب من الشعب اللبناني انتظار إستراتيجية عربية موحدة من أجل تحرير لبنان من الاحتلال الصهيوني، وميزة جيل السيد مصطفى بدر الدين الذي لم ينتظر دولاً عربية ومنظمات إسلامية ومجتمعاً دولياً ومجلس أمن دولي بل المقاومة في لبنان بدأت منذ الساعات الأولى للاجتياح. من قلب المواجهة الأولى المباشرة مع العدو من الميدان خرجت المقاومة وحاربته»، لافتاً إلى «أن عدداً من الذين قاتلوا في معركة خلدة، تولى المواقع القيادية والعسكرية الأساسية في المقاومة».

وأردف السيد نصرالله «لا يتوهمنّ أحد أنّ العالم العربي قادر على حماية لبنان، فهو لم يستطع حماية فلسطين عندما كان موحداً ومتماسكاً، وهو لم يستطع حتى الآن أن يحمي فلسطين ولم يُحرّر لبنان، ولم يساعد على تحريره. الذي يحرّر ويحمي هو شعبنا وإرادتنا ومقاومتنا ووعينا وثقتنا واتكالنا على الله وسواعدنا وهذا الجمهور الشريف والمبارك والمُضحّي».

وتناول السيد نصر الله اتفاقية 17 أيار 1983 مع العدو الصهيوني، فلفت إلى أنّ الأغلبية الساحقة من النواب اللبنانيين من كلّ الطوائف والمناطق وافقوا على هذه الاتفاقية، ما عدا نائبين اثنين هما زاهر الخطيب ونجاح واكيم. وأشار إلى “أنّ اتفاقية 17 أيار كانت مدعومة من فريق لبناني طويل عريض ينادي اليوم بالسيادة! إلا أنه كان هناك رفض واسع من الشعب اللبناني ومن العلماء المسلمين ومن علمائنا، وسورية كان لها موقف حاسم وإيران كذلك وحصلت أحداث أدّت في ما بعد إلى إسقاط الاتفاقية”، مؤكداً أنّ المقاومة بكلّ فصائلها وقواها أسقطت اتفاقية 17 أيار.

وأضاف “ماذا فعلت الدولة والسلطة لحماية لبنان في 17 أيار؟ ذهبوا إلى أسوأ خيار إلى التفاوض مع العدو، من موقع الضعف والاستسلام وفاوضوا ووقعوا اتفاقية مُذلّة للبنان تنتقص من سيادته وتنتقص من كرامته وحريته على أرضه”.

وأوضح أنّ “السلطة التي كانت تُدير هذه الدولة في الثمانينات، وقّعت اتفاقية 17 أيار. الدولة عبارة عن مؤسسات وداخل الدولة هناك السلطة. الدولة في الحقيقة هي الإطار الذي تتواجد فيه السلطة لإدارة البلد. عندما تقول لي الدولة قل لي من هي السلطة التي تحكم الدولة؟” مشدّداً “على أنَّ جيل الشهيد القائد مصطفى بدر الدين هو الذي أوصلنا إلى التحرير في عام 2000، وما ينعم به لبنان من سيادة وبركة وحرية هو ببركة هؤلاء الشهداء وهذه المقاومة”.

وقال إن “الشهيد بدر الدين كان المسؤول العسكري في مواجهة نيسان 1996 وأدار الكثير من العمليات النوعية والاستشهادية وفي مقدمها العملية النوعية في أنصارية. المقاومة ساهمت في كشف وتفكيك الكثير من شبكات التجسس الصهيونية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، والسيد مصطفى بدر الدين كان مساهماً إلى جانب الدولة في تفكيك الشبكات الصهيونية”.

وإذ أكد أنّ الأجهزة الأمنية مصمّمة عى المضي في تفكيك شبكات التجسس، طالب كلّ القيادات بدعم هذا الاتجاه، كما طالب القضاء اللبناني بـ”حسم حقيقي لأنّ هناك قرارات صادمة للشعب اللبناني”.

ولفت إلى أنه في ظلّ تصاعد قدرات المقاومة بات العدو “الإسرائيلي” محتاجاً للكثير من العملاء وبدأ التجنيد بطريقة غير متقنة وغير احترافية، مشيراً إلى أنّ “الشهيد بدر الدين كان يُدير المعركة في سورية في المرحلة الأولى من داخل لبنان، ولكن عند اشتداد المرحلة أصبح يدير المعركة من الميدان في داخل سورية”.

وقال “الأميركيون أنفسهم تفاجأوا بدخول حزب الله في معركة القصيْر وأدّت المعركة إلى تحوّلات إستراتيجية في مسار الحرب. شبابنا وإخواننا والجيش السوري ساهموا في تغيير الخط البياني للمعركة وبدأ التحوّل، ومعركة القصير هي التي أسّست لتحرير المناطق الحدودية”.

وأضاف “في كلّ المعركة كان الشهيد بدر الدين قائداً مركزياً وفي معركة السيارات المفخخة والذهاب إلى عقر دار الجماعات التي تُرسل الانتحاريين كان السيد مصطفى بدر الدين القائد ورأس الحربة”، مؤكداً أنه “بعد أربعين سنة خياراتنا وخيارات فريقنا السياسي هي التي انتصرت”.

وتابع “الذين راهنوا على “إسرائيل” في الداخل اللبناني والشريط الحدودي وتحوّلوا إلى متاريس لحمايتها في المواقع الأمامية، هؤلاء ماذا حصّلوا غير الذلّ والهزيمة والفرار. وفريق ثان انتظر الإستراتيجية العربية ولم يحصل على شيء. فريق آخر هو المقاومة المنطلقة من إرادة الشعب اللبناني هو الذي انتصر وللأسف الشديد بعد 40 عاماً ما زال هذا الانقسام حول الخيارات قائماً لكن أقول بكل اعتزاز إن خياراتنا وخيارات فريقنا السياسي هي الصائبة وهي التي انتصرت”.

وفي موضوع سورية، قال السيد نصر الله “كان هناك خيارات أيضاً، وهناك من وقف على التل، تصوّروا لو أنّ الحرب الكونية في سورية انتصرت؟ هذا النزاع ما زال قائماً، نحن من جملة القوى اللبنانية التي قدّمت تضحيات جسام وعدداً كبيراً من القادة الشهداء وآلاف الجرحى والآلاف من إخواننا دخلوا إلى السجون من أجل كرامة هذا البلد وعزّته”.

وخاطب أولائك الذين يناقشون بالانتماءات الوطنية، بالقول “نحن أكثر المعنيين بالحفاظ على البلد وهويته”، لافتاً إلى “أن الإنقسام في لبنان ما زال موجوداً، وهو اليوم انقسام حاد وبالتالي هناك تحديات كبيرة. نحن وُلدنا هنا ونُدفن هنا ولا يتوقعنّ أحد أننا سنضعف أو نتخلى عن بلدنا الذي دفعنا من أجله كل هذا الدم الغالي”.

ولفت إلى أننا “اليوم في لبنان أمام تحديات كبيرة وخطيرة جداً. مؤسسة الكهرباء تقول البلد إلى عتمة شاملة، ولا يوجد طحين، والدولار إلى ارتفاع، فقد وصل إلى حدود 31 ألف ليرة، وأدوية السرطان غير موجودة وقد تصل تنكة المازوت إلى المليون ليرة”، مشدّداً على أن التحدي الداهم هو الأزمة الاقتصادية والمعيشية وأزمة الخبز والدواء والكهرباء وليس سلاح المقاومة.

وأضاف “أكثر من يعرف الفريق الذي ندعوه للشراكة اليوم هم الأميركيون ومنهم ديفيد شينكر الذي وصفهم بأنهم شخصانيون ولا تهمهم مصلحة البلد، بل همهم مصلحتهم الشخصية فهذا توصيفهم من العارف بهم”.

وقال “استمعت خلال اليومين الماضيين لبعض الخبراء الاقتصاديين العالميين يقولون إن 64 دولة متجهة إلى الانهيار من بينها لبنان ومن بينها دول مطبّعة مع “إسرائيل”. إحدى هذه الدول المطبّعة مع “إسرائيل” بدأت ببيع ممتلكات الدولة وأصولها. هذا يتطلب حركة طوارئ للمجلس النيابي والحكومة الجديدة التي ستتشكل فهذه هي الأولويات”.

وأكّد السيد نصر الله موضوع الانفتاح شرقاً وغرباً وعدم الخضوع لرضى وغضب أميركا وضرورة ترتيب وإعادة العلاقات مع سورية بسرعة، موضحاً أن أكثر بلد يُمكن أن يستفيد من ترتيب العلاقات مع سورية هو لبنان.

وخاطب السيد نصرالله اللبنانيين والقادة السياسيين والنخب في لبنان، بالقول “لا يوجد ترف الوقت ونحن أمام استحقاقات داهمة وصادمة وخطيرة. استخراج النفظ هو باب الأمل الأساسي للخروج من أزمتنا لا التسوّل وقروض البنك الدولي. فلتباشروا بالعمل على البلوكات التي وافقتم كدولة عليها والزمتموها للشركات ونحن سنتابع هذا الموضوع”.

وختم مؤكداً جدية العمل على استخراج النفط والغاز خصوصاً في البلوكات الجنوبية، معتبراً أن “أوضح السبل وأهمها وأشرفها وأكرمها أن نمدّ يدنا إلى الكنز في بحرنا».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى