أخيرة

الواجب الحق ليس المقاومة وحسب بل هو المهاجمة واستئصال العدو

} يوسف المسمار*

بين حق المقاومة وواجب المهاجمة فرقٌ كبير لا يعيه إلا ذوو البصائر النافذة. وأبناء الحياة العزيزة من حقهم التساهل والتسامح ببعض حقوقهم التي لا تؤثر على وجودهم بعامل الكرامة الإنسانية، ولكن ليس من حقهم أبداً أن يتخاذلوا عن القيام بواجب الحفاظ على وجودهم وحياتهم وتقرير مصيرهم العزيز بأنفسهم.

 إن الواجب الوحيد الأوحد هو خيار مهاجمة الباطل الذي هو العدوان. وردع الظلم الذي هو نقيض العدالة. والحرام الحرام الحرام هو أن يتساوى المعتدي مع المعتدى عليه أمام قضاء تطبيعيّ ظاهره حق وباطنه باطل، وأمام قضاة يعرفون مَن هو المجرم ويعرفون مَن هو البريء فيبرّئون المجرم عن سابق تصميم، ويدينون البريء باسم القانون عن سابق إصرار، كما حُكم على السيد المسيح بالصلب وأعطي المجرمون شهادة براءة.

 واليوم يسعى المجرمون المعتدون بالاحتيال والخداع والمكيدة أن تقوم الضحية التي هي أبناء أمتنا في فلسطين بمن تبقى منهم على قيد الحياة بالاعتذار من مغتصب أرضهم، وقاتل مئات الألوف منهم، ومشرّد ملايينهم، والمهدّد سائر أبناء الأمة بالتشرّد والقتل والفناء.

القضاء على العدو الوجوديّ هو الواجب

إن عدواً وجودياً حياتياً مصيرياً من هذا النوع لا سبيل الى التعامل معه الا بالقضاء عليه مهما كان الثمن باهظاً، والواجب المقدس هو مهاجمته والقضاء عليه حتى ولو وقف العالم كله ضدنا والى جانبه، لأن العالم حين يصبح الى جانب العدوان يكون عالم باطل وعدوان، والأفضل فناء العالم من أن يكون عالم باطل وظلم وعدوان وشر. ولذلك فإن السطو على كتاباتنا نثراً وشعراً وقصةً وفنوناً وفلسفة وعلماً لم يعد بذي بال. فالذي أبدع الحضارة والثقافة وكل ما تحتويه من آداب وعلوم وفلسفات وفنون ومعارف قادر أن يبدع أفضل منها وليس كالذي يسطو عليها ويدّعيها وتتحوّل إلى جراثيم فواحش، ومكروبات رذائل في تصرفاته وممارساته وارتكاباته وفواحشه وبث أحقاده وفتنه. إن النفوس الجميلة تبدع الجمال لمن يستحقه ليزداد جمالاً، وأيضاً لمن لا يستحقه لتنقذه من البشاعة، ولكن النفوس الجميلة لن تساوي أبداً بين الجمال والبشاعة، ولن تنخدع بتعويض مهما ارتفع مبلغه بقرار يصدر من محاكم خبيثة تحكم به القوانين لأصحاب النفوس الجميلة بالتعويض لأن في هذا التعويض تكمن جرثومة التطبيع بين الحق والباطل وبين العدل والظلم وبين الجريمة والبراءة. والحق الذي يتصالح مع الباطل لم يعد حقاً ولا العدل الذي يقبل الظلم يبقى عدلاً ولا البراءة التي تؤاخي الجريمة تستمر براءة.

والإهابة بالاتحادات العالمية، والهيئات الثقافية والحقوقية، والوزارات الثقافية العربية والدولية أثبتت بأنها ما نفعت ولا تنفع ولن تنفع. ولو كانت نافعة لوضعت حداً لشرور ومظالم هذا الكيان العدواني السرطاني الخطر الذي قتل ويقتل ويستمر بقتل أطفال فلسطين ونسائها ورجالها بدم بارد، وشرّد ويشرّد وسيستمر يشرّد الملايين من أبناء أمتنا ويمنعهم من العودة الى وطنهم وبيوتهم وأرزاقهم.

ليست عملية سطو العدو جديدة

ليست عملية سطو اليهود على تراث غيرهم وسرقته جديدة بل هي قديمة في التاريخ وقد حصلت ولا تزال تحصل باستمرار في جميع الأوطان وجميع الشعوب التي يعيشون فيها ومعها. وفي مقال قديم للعالم الاجتماعي والفيلسوف السوري مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعاده نشر في مجلة «المجلة» في سان باولو في البرازيل بتاريخ 1 / 2 / 1925 جاء فيه: «إننا نعلم، كما يعلم العالم كله، كيف يعيش اليهود جماعات مستقلة وسط شعوب يأخذون من مالها وتهذيبها دون أن يفيدوها في شيء. لقد قام في بلدان كثيرة نوابغ يهود، ولكن قيام نوابغ يهود لا يعني أن هؤلاء أرادوا أن يعطوا الشعوب التي يمتصون دماء قلوبها بدل ما يأخذون. فالهيئة الاجتماعية لا تحكم لمجموع أو عليه بمجرد النظر إلى أفراد قلائل منه. ومتى أردنا التحليل سألنا سؤالاً بسيطاً، هو: هل غيَّر النوابغ اليهود صفة اليهود؟».

 «لم يقم قط نابغة يهودي تمكن من أن يغرس في قلوب اليهود صفة التقرّب من الشعوب التي يعيشون بينها، والتضامن معها في أعمالها الاجتماعية والعمرانية. فظل اليهود بنوابغهم كاليهود بلا نوابغهم يعيشون كالحلميات، آخذين من قلب الهيئة الاجتماعية بلا مقابل. أفبعد هذا يتذمّر اليهود من اضطهاد الشعوب الحيّة لهم؟».

باحث وشاعر قومي مقيم في البرازيل.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى