أخيرة

نافذة ضوء

الـعـزُ رُسـِّخَ بـالفـدى وتـحـَصـَّـنا

 

} يوسف المسمار*

لى روح ِ الـذي قـال: «إنّ أزكى الشهادات شـهادة الـدم»

والذي أتـمَّ رسـالته وخـتمها بدمه، أرفعُ هـذه البـاقـة من

الخـواطـرِ في ذكـرى استـشهاده

 

بـينَ الـمحـبـةِ والعـبــادةِ جـامــعٌ

حَضَنَ البـدايةَ والنهــايةَ والسَــنـا

 

إنْ شـابـنـا الـوهـمُ اسـتـحـالَ وجودُنا

ويْـلاً بألــوانِ الشــقـاءِ تَـلـوَّنــا

 

الحــبّ يـسـمـو بالعـبــادةِ مـثـلـمــا

رُوحُ العـبــادةِ بالمـحـبـةِ تُبـتَـنى

 

فـعــبــادةُ اللهِ التَجَـليِّ والهُــدى

ومـن اهـتدى جـازَ المدى والمُمكـنـا

 

واجـتــازَ آفــاقَ العُـلى مستـشـرفـاً

دربَ التــألــهِ وارتـقـى وتـمـكَّـنــا

 

وعلى مــدارِ الضـوءِ أطـلقَ زورقـاً

خــرقَ المـحـالَ وبالضـياء تزيَّـنـا

 

وارتـادَ أمــواجَ الأثـيـرِ مـلاطـفـاً

بـأصـابـعِ الإلهــامِ أحــلامَ الـمُـنى

 

أما المـحـبـةُ فـالســعـادةُ روحُـهـا

وعـلى الســلامِ سبـيلها قـد شُرعـنـا

 

مـن رامَ ان يـحـيـا الحـياةَ جـمـيـلةً

عـاشَ المـحـبـةَ صـادقـاً وتـفـنَّـنـا

 

اصـل ُ السـمـوِّ مـحـبـة وعـبــادة ٌ

من ضـلَّ ما إكـتـشفَ السموَّ وعيّـَـنـا

 

إن المـحـبــةَ بالعـطـــاءِ عـبـــادةٌ

وكــذا الـتعــبُّـدُ بالفــداءِ تَـدونـا

 

والعـقــلُ يـعـني أنـنـا بـفــدائِـنــا

نخـتـارُ أبهى ما ارتـقى وتـكـوَّنـا

 

ولـذا افـتـتحـنا بالبـطـولـةِ دربـنـا

حـتى اســتجابَ الانـتصارُ وأذعـنـا

 

هـذي عـقـيـدتُـنا التي شــئـنـا بـهـا

أن نعـتـلي قِـمَـمَ السـموِّ ونَسـكُـنـا

 

لا نـسـتـهــيـنُ ولا نُهـــانُ وإنـما

نســعى لـتـزدادَ الشــعـوبُ تَـمَـدُّنــا

 

إن الـتَـمَــدُّنَ للـرقـيِّ مـحــطــــةٌ

وبـلا التَـمَـدُّنِ لا مـحـطّ سوى الفـنا

 

ما فــازَ من ألـِفَ التـوحُّـشَ عـيـشةً

بل فازَ من عـاشَ الحـضـارةَ مـُؤمـنـا

 

تـمـوزُنـا يـعـني الفــداءَ وروحــهُ

ديـنُ المـحـبـةِ والعـبــادةِ عـنـدنـا

لــولا العــطـاءُ لما تـمـيـَّـز عـابـــدٌ

لــولا الفــداءُ لـما المُحِّـب تـروحـنـا

 

حــبُّ الحـيـاةِ دلـيـلُـنـا بـفـدائـنـا

وعــبـادةُ ألأسـمى التألّـقُ والغـِنى

 

ومسيـرةُ الأحــرارِ نـهـج ُ عـدالـةٍ

مـن سارهـا بـلَـغَ السعادةَ والهَـنـا

 

تـمّـوزُنـا العــزمُ الـذي لا يـكـتـفي

إلاَّ بـجـعـلِ بـلادنــا بَـلَـدَ الجَـنـا

 

تـمّـوزُنـا العـشـقُ الـذي لا يـرتـوي

إلاَّ إذا صَـرْحَ الحـضـارةِ رُكَّــنـا

 

تـمّــوزُنــا الـروحُ الـذي بـالعــزِّ

آيــاتِ البطـولةِ والكـرامـةِ أتـقــنــا

 

مـهـما يقـولُ النـاسُ في تـمّـوزنـا

قـد صـارَ للأجـيالِ فـجـراً بَـيِّـنـا

 

فـطـريـقُـنـا أبــداً صـعـودٌ دائــمٌ

مهـما الصعابُ تـراكمت في دربـنـا

 

بـالحــقِّ تـبـدأ، بالعــدالـةِ تسـتـوي

وعـن التـراحـمِ لـن تحـيـدَ وتـظـعـنـا

 

قــد عـُـبّـِدت بــدمِ الأبـــاةِ ومُهِّـدتْ

بـالعـبـقــريـةِ واســتـقـامـتْ بالسـنـا

 

في عـالمِ الـوعـيِّ الحـقـيـقـةُ يـقـظـة

لـكـنَّـهـا في الـجـهـلِ وهـمٌ هَـيْـمَـنـا

 

ويـلُ النـفـوسِ خـمـولُها وسـلامُهـا

بـتـفــتّـحِ العـقــلِ السليـمِ اسـتـأمـنـا

 

إنْ لـمْ نـجـدْ في الوعيِّ سـرَّ أمانـنـا

لا شـيء يُـمـكـنُ أن يُـوَفِّــرَ أمـنـنـا

 

فـالأمـنُ وعيٌّ دائـــمٌ مُـتَـطَـوِّرٌ

بالعــزِّ مـمـلـكـةَ الــدوامِ اسـتـوطـنـا

 

لا يـقـبــلُ اللهُ العـــزيــزُ أذلـَّــةً

فـقـط الـكـريمُ مـن الإلـوهـةِ قـد دنــا

 

نـحـنُ الألـوهـة قـد ألِـفـنـا دربـهـا

فـهي َ الحـقـيـقـةُ والعـدالـةُ والـغِـنى

 

وهيَ التَـبَـصُّـرُ والتَـفَـكُّــرُ دائـمـاً

وهيَ التَـفَـوّقُ في التَحَـضُّـرِ والبـِـنـا

 

وهيَ التسـامي لا يُـطـالُ شـعـاعُـهُ

أُفُـق التسـامي في التـألُّـقِ أمـعـنـا

 

شَــرَفُ الحـياةِ بأن نكـون زوابعـاً

لا تـنـتـهي أبــداً ولـن تَـسْـتَـسْـكِـنـا

 

نـهــرُ الـوجـودِ تـزوبعٌ متـواصلٌ

أبـداً زوابـعـهُ الملاحــمُ والســنـا

 

تاريـخُـنـا نهــرُ الجــراحِ تَــدفُّــقٌ

بـيـن التـشرُّدِ والسـجـون استـوطـنـا

سنـظـلُّ في أُذنِ السميعِ تَـنَـغُّـماً

ونـدومُ في عين البصيرِ تَحَسُّـنـا

 

حتى تعي الأجـيـالُ أن صـراعـنـا

ما كان إلا َّ بالـتـراحـمِ مـوقـنــا

 

تـمـوزُ رسـَّـخ َ في الوجـود تراحماً

بهُـدى العبـادةِ والمحبـةِ مَـتَّـنـا

 

إلاَهُ مـا اخـتـارَ المسيحُ صليـبـَهُ

ومـحـمَّـدٌ إلا َّ الفِـدى مـا استحـسـنـا

 

إنَّ الـفـــداءَ مـحـبـةٌ وعـبـــادةٌ

بـهـما الخـليـقـة ُ تستـطـيعُ الأثـمـنـا

 

لا شيء مثل التضحيات يـصونُـنـا

ويـزيـدُنـا ألـقـاً وسـحـراً بَــيِّــنـا

 

نحـن الـذيـن تـوحـدتْ أرواحهـُم

بـعـقـيـدةٍ من عـاشـهـا ما استجـبنـا

 

من رامَ أن يـحـيا الحـيـاةَ كـريـمـة ً

غـيـر الفـدى ما اخـتار نهـجاً آمِــنـا

 

لـولا انـهـمار دمـائـنا لاسـتـمـلـكَ

اليهــودُ كــل تـراثـِـنـا وإبـائـنـا

 

لـولا الجـراح لأصـبـحـت بـيـروتُ

ماخـورَالفضائحِ والـدعارةِ والـزنى

 

لـولا مـلايـيـن الضحـايـا لانـتـهـى

تـاريـخُ بـابـل واهـتـرى وتَـعَـفَّـنـا

 

لـولا شـموخُ دمـشـقـنـا لتزعزعتْ

آمـالُـنـا، والحـقُّ أصـبَـح َ مُـنـتـِنـا

 

شــرفُ الحـيـاة كـرامـةٌ ولأجـلهـا

حـبُ العـطـاءِ هـوَ العبادةُ في الـدنـا

 

فـمـن اســتـمـرّ على العـطـاء ِ فإنـه

قد فاز في الدنيا وفي ألأُخرى اغـتـنى

 

ســرُّ الحـيـاةِ هــو الخـلـودُ بـعـزةٍ

وبـخـسةٍ لـغـز الـوجـودِ هـو الفـنـا

 

هـيـهـات تـنـهـضُ بـالتـخـاذل أمـةٌ

مـهـمـا التخـاذلُ بـالخـداعِ تَـزَيـَّـنـا

 

فالحـقّ تـحـريـرُ الـديـارِ وصـونُـهـا

والعـدلُ يـكـمـنُ في كـرامةِ شعـبـنـا

 

والعــزُّ يـقـضي أن نـكـونَ أعــزة ً

وبـلا الـفــداءِ فـلـن نُـعـِـزَّ نـفـوسـنـا

 

شـهـداؤنـا بـدمـائـهـم قـد أنـعـشــوا

شجـرَالحـياةِ فـزاد في ألأرضِ الجـنـا

 

شـهـداؤنـا هـمْ وجـهُ أمـتـنـا الـذي

بـنـضـارهِ انـتعـشَ الوجودُ ونَـوْرَنـا

لـولا الشـهـادة مـا تَـمَـيَّـزَ ثـائــرٌ

واللهُ مـا ســوَّى الـوجـودَ وكَـوَّنـا

 

فـاللهُ أفــردَ للشــــهـادةِ جَــنَّــةً

وبـهـا تـرآى بـاســمـاً وتـأنـسـنـا

 

فـالـذلُّ في بُـخـلِ الجـبـان ِ تَـقَـنَّـن َ

والـعـزُّ في كـَرَمِ الشـهـيـدِ تَـمَـكَّــنـا

 

حـيـّـوا الشهـيـدَ بـمـا يـليـقُ فإنـه

أسـخى الكـرامِ وبـالسـخاءِ تَـعَـنـونـا

 

تـمّـوزُنـا بِـمَـحَـبَّـةٍ إنـجـيـلُــنــا

وبـرحـمـَةٍ تـمّـوزُنــا قُــرآنُــنــا

 

إنَّ التـراحـمَ والتَـجَـلّي والهُـدى

قـِيـَمٌ بـها روحُ الفـِداءِ تَـسلطَـنـا

 

خيـرُ الصـلاةِ هـوَ الفِدى بمحبةٍ

لِسموِّهـا سَجَـدَ التـصَوُّفُ وانحنى

 

روح ُ العبـادة ِ بالمحبةِ قُــدِّستْ

والـعـزُّ رُسـِّخَ بـالفِـدى وتَـحَـصَّـنـا

*باحث وشاعر قوميّ مقيم في البرازيل

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى