نقاط على الحروف

انتقال بيضة القبان من جنبلاط إلى باسيل!

 ناصر قنديل

 

لم تكن رغبة النائب السابق وليد جنبلاط بعد الانتخابات النيابية أن يعيد الاصطفاف في معسكر 14 آذار، ولم يكن تصويته لانتخاب الرئيس نبيه بري رئيسا لمجلس النواب إلا تعبيراً عن هذه الرغبة، ومثلها اللقاء الذي جمعه بحزب الله طلباً لمد الجسور وفتح القنوات، لكن العلاقة التي تربط بين جنبلاط والسعودية تسببت بتكبيل حرية المناورة والحركة التي كان يسعى لامتلاكها وتسييلها في الاستحقاق الرئاسي، ضمن معادلة تستعيد التصويت لرئاسة بري، أي اجتذاب ثنائي حركة أمل وحزب الله الى البحث عن مساحة مشتركة تنتج رئيساً للجمهورية، لا يكون التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية جزءاً منها. والسيناريو الذي تدفع به السعودية جنبلاط هو سيناريو غسان سكاف رئاسيّ، أي مطالبته بتقديم تسمية لا تنسجم مع دفتر شروط الثنائيّ، تسعى السعودية لتجميع الأصوات لها، بأمل أن تؤدي الحركة التي قام بها السفير السعودي، ومن ضمنها تحرك دار الفتوى، لتعويض فارق الأصوات الخمسة التي لم تتحقق لسكاف، وتأمل السعودية بتأمينها لمرشح رئاسيّ موازٍ.

في الحساب الجنبلاطي ربما توفر هذه المناورة الفرصة لأحد خيارين، الفوز بالرئاسة لمرشح من كنف الاشتراكي، أو توظيف الفشل لاستدراج العروض نحو مرشح آخر في الجعبة الجنبلاطية يمكن تقديمه مرشحاً وسطياً مع ثنائي حركة أمل وحزب الله، يكون لجنبلاط نصيب أسهم رئيسيّ في ولائه وإيصاله إلى الرئاسة. وهذه المناورة التي تسهم في حفظ موقع بيضة القبان محفوفة بالمخاطر، فهي في الذهاب تواجه قلقاً مسيحياً قواتياً وكتائبياً من المساهمة في إيصال رئيس يتحكم بوجهته وخياراته نحو التسويات والتموضعات، رئيس الاشتراكي الذي لا يضمن أحد كيف تتجه رياحه مع المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية؛ أما في الإياب فتواجه المناورة مخاطر عدم موافقة الثنائي وحزب الله خصوصاً على التخلي عن مرشح حليف مثل سليمان فرنجية، والسير بمرشح جنبلاطي تكون حصيلة فوزه خسارة الحلفاء المسيحيين دون كسب شيء بالمقابل، إلا مخاطرة سياسية واستراتيجية، لا يبدو الفراغ أسوأ منها.

بالتوازي مع مصاعب قدرة جنبلاط على لعب دور بيضة القبان الرئاسيّة، تحرك رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بذكاء نحو احتلال الموقع، فهو أخلى عملياً صفة المرشح الرئاسي الطبيعي لصالح الناخب الرئيسي، باعتبار وجوده ضمن تحالف سبق واختبر فرصة الحصول على الـ 65 صوتاً في ثلاثة سيناريوهات، واحد منها فقط بالتشارك مع جنبلاط، واثنان بدونه، وواحد منهما في مواجهته، وقرار باسيل بالتصويت بورقة بيضاء يمنحه هامش مناورة أوسع مع حلفائه، ومراقبة حركة الخصوم، واختبار ما يتم تداوله عن قدرة المرشح سليمان فرنجية على تجميع 15- 20 صوت إضافيّ لثنائي حركة أمل وحزب الله، بحيث يكفي انتقال التيار الوطني الحر الى التصويت له ليصبح رئيساً، لبدء التفاوض حول شروط هذا التصويت.

في جلسة اليوم، إذا قام جنبلاط بترشيح صلاح حنين وأبقى ترشيح ناجي البستاني للتفاوض، سيجلس وهو يشاهد الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس قلقاً، بينما سيجلس باسيل مرتاحاً، فلا خطر بأن يحصل أي مرشح خصم على الأغلبية، والتنافس الفعلي بين مرشح جنبلاط والقوات أو مرشح لكل منهما، سيكون مع ترشيح فرنجية على كيفية توزع النواب المستقلين، وسيكون لباسيل بالحصيلة أن يقرر اذا اقترب فرنجية من عتبة الفوز بدون تصويت التيار، بفرضية تكرار سيناريو انتخاب بري، وصارت الخيارات بين انضمامه او انضمام جنبلاط، كيف يفاوض. واذا بدت المسافة الفاصلة عن فوز فرنجية غير قابلة للتجسير بدون حجم نواب التيار، كيف يفاوض، والتفاوض لا يعني خياراً أحادياً هو الانضمام للتصويت لمرشح محدد كفرنجية، بل التفاوض أيضاً على مرشح توافقي معه ومع الحلفاء، فالتحالفات أيضاً ترسم قواعدها موازين القوى.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى