دبوس
أعراض الأفول…
في رائعة ألفريد هيتشكوك North By Northwest فيلم التعليق الممتع، والذي يقوم ببطولته المميّز كاري غرانت، ويشاركه البطولة جيمس ماسون، والجميلة إيڤا ماري سانت، عرض هذا الفيلم سنة 1959، في هذا الفيلم لفتني مشهد واحد فقط خدمة لوجهة نظري التي سأسردها، وذكرني بهذا المشهد، مروري البارحة في محطة قطارات فيلادلفيا، وكوني أنتمي الى المدرسة الكلية الإشتمالية الجشتالتية فلسفياً، فإنني ألقيت نظرة قاضبة نحو الجمهور الذي كان يملأ قاعة الانتظار في المحطة لينطلق بعد ذلك كلّ الى غايته…
لقد قارنت بسرعة وبدون قصد مسبق بين الجمهور في المحطة البارحة، وبين الجمهور الذي ظهر خلال تصوير هيتشكوك لفيلمه قبل 65 عاماً، والمشهد شديد التقارب، أناس عاديون موجودون في المحطة بدون سابق حشد أو قصد، في المشهد قبل 65 عاماً، بالكاد ترى إنساناً Obese، أيّ مكتنز أو فوق الوزن المناسب، في المشهد الذي رأيته البارحة أكثر من 60% من الموجودين في القاعة هم أعلى من الوزن المناسب، تتحدث التقارير الإحصائية أنّ كلّ 5 أشخاص في أميركا بينهم شخص واحد فوق سن الـ 65، بينما كان قبل عشرة أعوام، كلّ ثمانية أشخاص بينهم شخص واحد فوق سن الـ 65…
تستدلّ هذه التدوينات الإحصائية في معرض الاستشراف بأنّ المشكلة آخذة بالتفاقم، وبأنّ المجتمع الأميركي في طريقه الى مزيد من الكهولة ومزيد من الاكتناز، حوالي 40% من التعداد حالياً هم عالة على المجتمع، ايّ غير منتجين، يصرف عليهم من قبل الدولة، وستزداد هذه النسبة باضطراد، المجتمع الأميركي مفعم بأعراض ما قبل الأفول بالنسبة لإمبراطوريات الهيمنة، لقد حقق أهدافه بالازدهار والنمو والهيمنة والشعور بالانتصار، فيمّم وجهه شطر الاستمتاع والاسترخاء وجني ثمار المغانم، ويبقى الأفول والاندثار والتراجع مسألة وقت لا أقلّ ولا أكثر، هل سيكون ذلك بعد عقد أو عقدين او ثلاثة عقود، حينما نرى دولة الهيمنة في الصف الثالث او الرابع، وهي تستجدي دول الصف الأول ليفسحوا لها المجال لمجرد المنافسة!
سميح التايه