أولى

مقاطعة لا مبرّر لها

بشارة مرهج*

امتناع لبنان عن استقبال طائرات «إيروفلوت» الروسية في لبنان بحجة الحصار الاقتصادي الأميركي لم يعد له من مبرّر اليوم كما لم يكن له من مبرر بالأمس. وإقامة الدولة اللبنانية في مدار الامتناع والمماطلة بات يشكل عبئاً مالياً كبيراً على اللبنانيين، ورضوخاً للتغوّل الأميركي الذي يرغب في الهيمنة مرة أخرى على العالم وموارده وحركته التجارية.
وللمفارقة فإنّ واشنطن قالت لنا عام 1973 إبان أزمة النفط العالمية، اثر حرب أكتوبر/ تشرين الأول المجيدة، انه لا يجوز للدول العربية استخدام سلاح النفط لأهداف سياسية بل ينبغي عليها ترك الحركة الاقتصادية تنساب بغضّ النظر عن الخلافات القائمة على الصعيد السياسي.
نفس المنطق استعمله لاحقاً هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق والرئيسان الأميركيان جورج بوش الأب وبيل كلينتون وسواهم عندما ضغطوا على الدول العربية لإلغاء المقاطعة العربية لـ «إسرائيل» قائلين إنّ المقاطعة والحصار والعزلة هي ممارسات رجعية من الماضي ينبغي التخلي عنها.
أما كيف تغيّر واشنطن مواقفها بين ليلة وأخرى وتجيز لنفسها ما تمنعه عن غيرها فذلك أمر بديهي بالنسبة للامبراطوريات المصابة بمتلازمة التعالي والعجرفة كالامبراطورية الأميركية المتهالكة التي تعتبر نفسها قائدة ورائدة للعالم فيما هي تعاني من الفساد السياسي والتدهور الاقتصادي والتمزق الاجتماعي.
ومما يُذكر في هذا المجال انه أثناء ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان تناست واشنطن كلّ مواقفها الزجرية و»الأبوية» تأميناً لمصالحها في أوروبا والبحر الأبيض المتوسط، حتى انها تناست العقوبات الظالمة التي فرضتها على لبنان في لحظة المحنة والمعاناة.
إنّ لبنان الذي ظهر على حقيقته متماسكاً، متمسكاً بحقه في مفاوضات الترسيم البحري يجب أيضاً أن يكون جريئاً واستقلالياً في التعامل مع قضية الطيران الروسي المدني فيفتح مطار رفيق الحريري الدولي ذراعيه لطائرات «إيروفلوت» الروسية وخصوصاً تلك الطائرات التي تحمل مساعدات روسية عاجلة للشعب اللبناني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى