مقالات وآراء

ليس للأوروبيين مصلحة باستمرار الحرب في أوكرانيا

عمر عبد القادر غندور*

رفضت بولندا إعطاء تأشيرة دخول لنائب وزير الخارجية الروسي على خلفية سقوط صاروخ على أراضيها بتاريخ ١٥ الشهر الحالي بالقرب من الحدود مع أوكرانيا وأدّى الى مقتل شخصين لم تُعرف هويتهما، ولا مشاهد عن جنازتهما في ما بعد. وتقول أوكرانيا انّ روسيا هي التي أطلقت الصاروخ وهو من طراز أس ٣٠٠، بينما تقول روسيا إنها لم توجه ضربات ضدّ أهداف بالقرب من الحدود الأوكرانية البولندية، وانّ أوكرانيا تمتلك هذا النوع من الصواريخ منذ سنوات.
وقال الرئيس البولندي: لا يوجد دليل على هوية مطلق الصاروخ، ونفى الرئيس التركي أردوغان ان تكون لروسيا علاقة بسقوطه مؤكداً صحة ما قاله الروس بهذا الشأن، واشتبكت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون مع روسيا خلال عرض الموضوع في مجلس الأمن بشأن المسؤولية عن هجوم صاروخي عميق في بولندا، ووصفت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة ماري روز ديكالو الأمر بالخطير والمخيف، وضرورة منع تصعيد الموقف! بينما قال الرئيس السابق لروسيا ديمتري ميدفيديف انّ الهجوم الصاروخي المزعوم على الأراضي البولندية يُظهر انّ الغرب يقترب من حرب عالمية أخرى، بينما دعا الرئيس الفرنسي ماكرون أوكرانيا الى المفاوضات مع الروس.
وبات واضحاً انّ أوكرانيا هي التي أطلقت صاروخ بولندا لجرّ حلف الناتو الى مساندتها في الحرب واتساع مساحتها بدلاً من ان تعاني وحدها ويلات الصراع!
وفي الوقت الذي تقاتل فيه روسيا لدرء حلف الناتو عن حدودها الغربية، بينما تخوض أوكرانيا حرباً بالنيابة عن أوروبا لكسر شوكة “العدو” الروسي، الذي يبتلع ببطء دول الشرق الأوروبي.
أما الولايات المتحدة تسعى جاهدة الى تدمير روسيا من بوابة الاقتصاد، وكما أشرنا في تقارير سابقة، وتوريطها في حرب استنزاف طويلة الأمد الى جانب عقوبات قاسية، والغاية إعادة تصحيح مسار التاريخ على حدّ قولها من خلال احتواء روسيا وتعزيز نفوذها في القارة العجوز.
ومثل هذه الأهداف قد لا تبدو متاحة، وخصوصاً انّ الانتخابات النصفية أسفرت عن انتقال الأكثرية في مجلس النواب الى الجانب الجمهوري الذي قدّم مشروع قرار لمعرفة مجموع المساعدات التي قدّمتها الادارة الديمقراطية الى أوكرانيا والتي بلغت حتى اليوم ١٦.٢ مليار دولار أنعشت مصانع السلاح في الولايات المتحدة ويتساءل مشروع القرار الجمهوري هل أصبحت أوكرانيا الولاية الرقم 51؟
بينما يسود التذمّر القارة الأوروبية التي تشهد انكماشاً اقتصادياً لم تعرفه من قبل الى جانب حاجتها الماسّة الى الغاز، الى جانب خروج المظاهرات الشعبية في أكثر من عاصمة احتجاجاً على الغلاء وفقدان العديد من الحاجيات الاستهلاكية، ورفعت يافطات تدعو الى وقف الحرب في أوكرانيا، وهو الأمر الذي بدأ يتردّد في دوائر القرار، وثمة من يقول انّ مثل هذه الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر لن تؤدّي الى مكان، وانّ روسيا التي تملك فائض الغذاء والطاقة والسلاح والجغرافيا لن تنقصها الوسائل الأساسية للعيش، بينما صرح الرئيس الأوكراني زيلينسكي بالأمس انّ عشرة ملايين أوكراني يعيشون في الملاجئ بدون كهرباء وانّ البنى التحتية للبلاد تتعرّض للقصف على مدار الساعة !
لذلك كان لافتاً ما قالته روسيا بالأمس عن أنها جاهزة لأيّ مفاوضات لها أهداف، والأهداف الروسية معروفة جداً ويمكن تحقيقها سواء من خلال عملية عسكرية خاصة او من خلال المفاوضات المنفتحة…
ونعتقد، انه في زمن الانكماش العالمي والوقود الأحفوري والتغيير المناخي الخطير الذي يضرب الكرة الأرضية والدخول في عصر الفحم الحجري ويهدّد الدول الكبيرة والصغيرة خاصة، واستمرار خفض الإنتاج الذي أقرته “أوبك+” بدعم سعودي وروسي، والتوتر بين دول آسيا البعيدة وخاصة بين الكوريتين واليابان وتايوان التي تقع في حلق التنين الصيني، كلها عوامل تدعو الى التيقظ والتفكر…
أما الولايات المتحدة صاحبة الألف قاعدة عسكرية حول العالم، والتي التقطت فرصة الحرب في أوكرانيا لتصفية حسابها مع الروس، والتي جرّت القارة الأوروبية لمعاداة الروس من غير ان تكون للأوروبيين مصلحة في ذلك، رافعة شعارات القيم الديمقراطية والحرية وتقرير المصير، وهي نفسها التي حوّلت مسار سفينة ضخمة تنقل الغاز من الاحتياط الاستراتيجي الأميركي الى أوروبا، الى جهة أخرى دفعت سعراً أعلى ثمناً للغاز! ولو كانت الولايات المتحدة قادرة على غزو روسيا كما فعلت في العراق وسورية وتونس وأفغانستان لفعلت…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى