مقالات وآراء

الأردن: لا تَنَحي… كِشْ ملك

‭}‬ شوقي عواضة
لم يهتزّ البيت الأبيض أمام مشاهد المسيرات الشّعبيّة الاحتجاجيّة في المحافظات الأردنيّة ولم يعتلِ على أثرها الرّئيس الأميركي المنبر داعياً الملك عبدالله إلى التّنحي عن حكم (الهاشميين) لأكثر من سبعين عاماً كما حصل في الثامن عشر من آب عام 2011 على غرار دعوة الرّئيس الأميركي باراك أوباما للرّئيس الأسد للتنحي عن الحكم بعد 41 عاماً من حكم آل الأسد على حدّ قوله.
لم تعبّر الأمم المتحدة عن قلقها ولا منظّمات حقوق الإنسان جرّاء ما يجري من أعمالٍ قمعيّةٍ واعتقالاتٍ تعسفيّةٍ وقمعٍ للحراك الشّعبي بالحديد والنّار. ولم يهتزّ (ضمير الاتحاد الأوروبي) كما اهتزّ في سورية ولم تصدر فرنسا ولا بريطانيا والمانيا بياناً مشتركاً يدعو الملك عبد الله للتّنحي عن الحكم كما فعلت في سورية عام 2011. حتى الملك المفدّى عبد الله الثاني الذي تحدّث في مقابلةٍ سابقةٍ مع هيئة الإذاعة البريطانية عام 2011 داعياً الرّئيس السّوري بشّار الأسد إلى التنحي من أجل مصلحة بلاده وتهيئة الأجواء لمرحلةٍ سياسيّةٍ جديدةٍ قبل التنحي، قائلاً (لو كنت مكانه لتنحّيت).
رغم سلمية الاحتجاجات لم يخرج الملك عبد الله معلناً تنحّيه لمصلحة الأردن وشعبه (كما نصح) بل أعلن أنه سيتمّ التّعامل بحزمٍ مع كلّ من (يرفع السّلاح في وجه الدولة) ويتعدّى على الممتلكات العامّة بالرّغم من سلميّة ومدنيّة الاحتجاجات التي أشعل شرارتها قرار الحكومة الأردنيّة في الأوّل من شهر تشرين الثاني المنصرم برفع أسعار المحروقات للمرّة السّادسة على التوالي خلال عامين. بينما حين دعا الملك عبد الله الرئيس بشار الأسد للتّنحي كانت دعوته (إنسانيّة) من أجل إسقاط قلعة المقاومة الأعتى التي واجهت (مسيرات المحتجّين) من إرهابيّي داعش وغيرها.
في سورية يا (جلالة) الملك لم يكن هناك حراكٌ مدنيٌّ بل كانت هناك حربٌ كونيّةٌ وإرهابيّةٌ. أمّا في الأردن فلم تكن تلك الانتفاضة هي الأولى من نوعها، لا سيّما في مناطق الجنوب التي أشعلت أزمة الدّينار عهد حكومة بدران وأزمة الخبز في عهد حكومة عبد الكريم الكباريتي.
أزمات لم تأتِ من فراغٍ بل لها أسبابها في الداخل والخارج فعلى المستوى الدّاخلي جاءت الأزمة نتيجة عدم تفعيل المؤسّسات وحصرها بالأسرة الحاكمة والمسؤولين والحواشي رغم تبنّي الملك عبد الله الثاني خطط التطوير والتّحديث والإصلاح التي بقيت حبراً على ورق شكّلت جرعاتٍ من التّخدير للشّعب ليسود الفساد المتراكم الذي يتنامى ويتعاظم على حساب الشّعب بالإضافة إلى الصّراعات السّياسيّة.
بين أجنحة الأسرة الحاكمة المتمثّلة بالصّراع بين الملك عبد الله وولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين حيث بلغ الصّراع العام الماضي ذروته من خلال محاولة انقلاب (وفقاً لما أشارت إليه وسائل إعلامٍ أميركيّة وغربيّة) حيث تحدّثت محاولة انقلاب فاشلة بقيادة ولي العهد الأردني السّابق الأمير حمزة بن الحسين للإطاحة بأخيه غير الشّقيق الملك عبد الله الثاني بن الحسين أدّت إلى شنّ السّلطات الأردنيّة حملة اعتقالات على خلفيّة الانقلاب الفاشل شملت وفقاً لنفس مصادر الأمير حمزة وهو أمر نفته السلطات الأردنيّة بينما أكده الأمير حمزة بن الحسين في وقتٍ لاحقٍ مشيراً إلى أنّه قيد الإقامة الجبريّة بعد اعتقال حرسه الخاص. وأمام ذلك لا بدّ من طرح مجموعةٍ من الأسئلة الآتية:
1 – بين التّنازلات للعدوّ للحفاظ على استمرار الحكم في السّلطة وبين التنازل للشّعب ما هي أولويّات النّظام الأردني في ظلّ الأزمة الحاليّة؟
2 – ماذا لو تصاعدت الحركة الشّعبيّة المدنيّة بتأييد من العشائر؟ أو حصل تحوّل في أداء المعارضة؟
3 – أليس الأوْلى بالملك عبد الله التّنحي عن الحكم عملاً بنصيحته التي وجّهها للرّئيس الدّكتور بشار الأسد؟
ثمّة حقيقة لم يدركها الغرب ولا أتباعه في ما يجري من صراعاتٍ في المنطقة حقيقة تقول إنّ كلّ من دعوا الرّئيس الأسد للتنحّي رحلوا وبقيَ الأسد في عرينه منهم من أفلس ومنهم من سقط تحت أقدام خيارات الشّعوب ومنهم من أصبح عبرةً لا يملك لنفسه ضرّاً ولا نفعاً. الفرق كبير يا جلالة الملك بين رئيسٍ مقاتلٍ من أجل فلسطين لا زال يدفع ثمن دفاعه صامداً شامخاً فاعتلى قلوب الشّعب والشّرفاء والأحرار في العالم وبين ملكٍ مستبدٍّ رحيمٍ بعدوّه قد نصّب نفسه لحرب الله وكان على شعبه سبعاً ضارياً مغتنماً أكلهم وأرزاقهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى