ثقافة وفنون

رقصة آخر السنة

‭}‬ عبير حمدان
كل عام وأنت هنا
لا أجرؤ على الكلام
لا أجرؤ على رفع سماعة الهاتف
لمجرد السؤال
لا أجرؤ على البحث عنك
حتى في أفكاري المتعبة
لإلقاء السلام..
..
كل عام…
وما أغرب هذا العام
البعيد عن الواقع
البعيد عن مفهوم المسافة
البعيد عن الذات.
لأنك قاس،
ضاعت مدارات الأفق
وتهاوت انحدارات العيد
إلى ما وراء الألم
إلى ما وراء التداعيات
لأنك قاس،
أخشى الأيام
وأعانق الاندثار
إلى ما وراء رأس السنة
بعد منتصف الليل
على طريقة نزارية
مع الصواعق وأبواق الرعد والأمطار
المتكسّرة على وجنات زجاج
نافذتي
أرسل إليك التحية..
بعد الغرق في متاهات الغيم، بعد
مرور الوقت
أمسك بطاقات المعايدة
لأضعها في بريد الزوابع ووحدتي
وتضيع الطوابع ويغيب العنوان.
عبر الأثير صدى أغنية
رجع رنين الأجراس
تنطفئ الأنوار
ويبقى في داخلي جزء من زمن
من سراج.. جزء منك
وأمل بعناق
برقصة آخر السنة
باحتراق وهمس.
لأنك قاس،
أشتاق الدفء
والتقاط أطراف الخيوط
بين ثنايا حضورك
بين ثنايا تفاصيلك
تلك الثواني
تلك الأهواء
تعبر يتيمة
تقتفي أثر الزوايا
تنحدر كقطرات الندى
على أوراق طرية.
ذاك الأريج يتوق إلى أنفاسك
تشتعل المواقد
بألوان الجمر البارد
تنفخ الهواء زمهريرا
وأصداء.
..
كل عام وأنت تسكن أحزاني
وتحدّد أفراحي
تنسكب مع انسياب
أمطار المآقي المندفعة
عكس التيار
كاقحوانة تتحدّى تشرين
تشرّع أبوابها لرماح الرفض
لدموع السماء البيضاء المتكدسة
المرتفعة بهضاب صنين.
..
كل عام وأنا انتظر الاستثناءات
والتحولات
وأنواء الرنين والكلمات الغافية
المزنرة بالأزرق والأحمر
والطابع البريدي يسألك الرجاء
والأمل
سأظل في كل عام إنسانة خالية
من الانفعالات
أرنو إلى أوقات استثنائية
إلى رجل استثنائي.
كل عام وأنت
كنقطة جليد تتفيأ سنابل الصيف
تستقيل من عناء رحلتها
عند انسكاب المغيب.
كل عام وأنت تؤلف السندس
والأزاهير باقات في مواطن
انكساراتي
وأنت كرداء أيلول تتمادى على
نبضات الأفنان وتتهاوى
انقسامات.
عند منتصف الليل
أراك على بساط صلاتي
ركعة لخالقي
ودمعة تروم إطلالتك.
عند منتصف الليل
أخبرك وأنت تسكن
خيالاتي وحلمي الصاحي
وحقيقتي النائمة بين السطور
بين طيات المجهول.
أكتب إليك ما لا تراه
أكتب إليك ما أراه!
..
عند منتصف الليل
أحبك إلى ما لا نهاية
تلك هي سطوري وتقاسيم
الأيام الآتية
تلك هي الرسالة التي لن تعرف
بريدها
ولن تأبى مغادرة الأجنحة
التائقة إلى معانقة الوهم
إلى روافد المنية.
..
كل عام وأنت .. بخير
وأنت تبعث الوجد والشفق
الخمري
ذاك هو لون احتراقي وانبعاثي
في العالم الآخر ربما
كان في الإمكان مخاطبة عنادك
منتصف العام
.. بداية العام
وفي نهاية العام
وفي كل عام!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى