أخيرة

دبوس

رابح رابح…

هكذا تحدث بايدن البارحة، يتطلع الى التعاون مع نتنياهو في المرحلة المقبلة، وبالذات لمواجهة التحدي الإيراني، هذه بالضبط هي الفلسفة التي وضعها مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان لخوض الصراع ضدّ أقطاب القوى التي تتحدّى الهيمنة الأميركية في العالم، مع روسيا تتصدّى أوروبا للمهمة، دم أوكراني، ومال وسلاح أوروبي، ولتنزف أوكرانيا دماءً كما يشاء لها ان تنزف، ولتنزف أوروبا اقتصاداً وتضخّماً وصقيعاً كما يشاء لها ان تنزف، المهمّ ان يستمرّ القتال، ويستمرّ نزيف روسيا وأوروبا وأوكرانيا، وتستمرّ أميركا ببيع الغاز بخمسة أضعاف سعر الغاز الروسي، بالنسبة لأميركا رابح رابح…
يريد بايدن الآن ان يطبق الاستراتيجية ذاتها في الشرق الأوسط، جبهة أعرابية تقودها «إسرائيل» ضدّ إيران، ولينزف الطرفان حتى النزع الأخير، ستبيع أميركا السلاح بأضعاف سعره الى الأعراب، وستسعى أميركا الى وضع رابح رابح كذلك في الشرق الأوسط.
شخصياً أرى انّ الوضع الأمثل هذه الحالة هي توجيه 90% من الضربات إلى كيان الإحلال، وعدم توجيه أيّ ضربات الى الأعراب إلّا في حالة الضرورة القصوى، وفي واقع الحال فإنّ المشروع برمّته سيتداعى في حالة تحطيم إرادة كيان الإحلال، وسحق رغبته في الاستمرار في القتال.
سيتمّ استدعاء ذات الفلسفة الاستراتيجية ضدّ الصين في شرق آسيا، اليابان بدأت في إحياء ماضيها العسكري من خلال التزوّد بالسلاح، ومضاعفة ميزانية الدفاع، ثم قامت بتصرف استفزازي ليس له داعٍ سوى الإعلان من خلاله باللامباشر بأننا آخذين في رصّ الصفوف ضدّ الصين حينما أرسلت وفداً برلمانياً لزيارة تايوان.
التنظير وتوقّع نتائج باهرة مفعمة بالتفاؤل هو واحد من سمات قوى التغوّل، بارع في التكتيك، أحمق في الاستراتيجيا، لا يكاد يرى أبعد من أرنبة الأنف، اقتحم العراق واحتلّها ولم يحسب ماذا سيحدث في اليوم التالي، تماماً كما اندفعت قوات شارون حتى سقوط بيروت، ولم يسعفه التألق التكتيكي لملاحظة انه ارتكب خطيئة استراتيجية قاتلة، والتي سيكتشف في قابل الأيام انّ مقاومة قد ولدت، وهي تحمل بذور زوال كيانه كردّ فعل لهذا الاجتياح، وأنه وبكلتي يديه دقّ مسامير نعشه وتباشير نهاية كيانه…
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى