نافذة ضوء
ميلادُنا الفجر الذي لا يُهزمُ
} يوسف المسمار*
*شاعر وباحث قومي مقيم في البرازيل.
النـاسُ في ســـنـنِ الـتـوالـدِ كـلـهـمْ
مـتـشابـهـونَ وليـسَ فـيـهـمْ أعـلـم ُ
مـنْ قَـطْـرةٍ كلُّ الجُـسـومِ تـنـاسـلتْ
وبـجـيـفـةٍ أجَـلُ الجُـسـوم ِ سَـيُـخْـتَـمُ
كـلُّ النـهـايـةِ للجُـســوم ِ هيَ البـلى
مـا اسـتـأخـرتْ أحـدا ً ولا تَـسْتَـقْـدمُ
لـكـنَّ مَـنْ عـاشَ الحـيـاةَ تـســامـيا ً
لا يـنـتـهـي أبــداً ولا يـتـحــطَّــمُ
في يـقـظـةِ الإنـسـانِ نــورُ إلَــهِــهِ
والـنــورُ بـاقٍ لا يَـمـوتُ ويُـعْــدَمُ
فـمَـن اهـتـدى بالنـورِ ضـاءَ وُجودُهُ
ومـن اشْتَهى عَـتْـمَ السُدى مُتَـفَـحِّـمُ
لـمْ يَـخْـدمِ الإنـسـانَ شـيءٌ مـثـلـمـا
نَـهْـجُ التَـمَـرُّسِ بالـتَـسامي يَـخْـدمُ
فـلـيـفـهـَم الإنـســـانُ أنَّ وُجُــودَهُ
مـا كـانَ لـهْـواً، وليَـع ِ المُـتَـوهِّــمُ
إنَّ الوجـودَ الى السـعادةِ خـطـوة ٌ
إنْ سـارهـا الإنسانُ حَـتْـمـاً يَـغـنـمُ
ميـلادُنـا الأبـهى تَفَـوّقُ وعـيـّـنـا
إنَّ الحـيـاةَ بـغـيـرِ وعيٍ طَـلْسَـمُ
إنَّ الـولادة َ في الـحـقـيـقـةِ مَعْـبَـرٌ
للـنـورِ يخـتـصـرُ البـقـاءَ ويـرسـمُ
ميـلادُنـا مِـنْ مَـولـدِ الفـكـرِ الـذي
امْتَـشَـقَ الشعـاعَ قـضـيةً لا تُهْـزَمُ
وشعـاعُـنا شـعـبٌ تَـمَـرَّسَ بـالـفِـدى
ومضى بـأسـرارِ العُـلى يَـتَـحَـكَّـمُ
ميـلادُنـا الحــقُّ انـبـعـاثٌ باهـِـرٌ
مُخْـضَـوضِـرٌ مُـتَـفَـتّـِحٌ مُتَـبَـرعِـمُ
مـيـلادُنـــا فـَــوَّارُ كــلِّ تَــفَــوّقٍ
بـالـعـبـقـريــةِ يَـبْـتَـدي ويُـتَــمَّــم ُ
مـيـلادُنـا يــومَ ابـتـدتْ أرواحُـنا
بالـعـزِّ آيـاتِ الـنـبـوغِ تُـتَـرْجـِمُ
ميـلادُنـا الـفَـجْـرُ الـذي لا يـنـتـهي
فَـجْـرٌ عـلى فَـجْـرٍ وفَـجْـرٌ يَـبْـسُــم ُ
هـذا هـُوَ المـيـلادُ في عـُرف الأُلى
عـشقـوا الضياءَ وبـالضياء تيـمّموا
أبـنـاءُ نـورٍ حـيـثمـا حَـلَّــوا، ووجـهُ
الـنـــورِ لا يَـخْـفى ولا يَـتَـجَـهَّـــم ُ
بدمـائهمْ رسـموا الطريـقَ ومهَّــدوا
وبـكـلِّ مـا طـلَـبَ الإبـاءُ تَـكَـرَّمـوا
فـتـوحّـدتْ بـالـعـزِّ كـلُّ نُـفـوسِـهـمْ
بـالـعـزِّ تـنـتـصـرُ الـنـفوسُ وتـسلَـم ُ
هـذا هـُـوَ المـيـلادُ فـجـرُ حـقـيـقـةٍ
سَـطَـعَـتْ، نـفوسَ الثـائـرينَ تُـبَلسِـمُ
هــذا هـُـوَ المـيـلادُ يـقـظـةُ أمــةٍ
لا صَـعْـبَ يَـحْبِـسُ عَـزْمَها ويُـقَـزِّمُ
هــذا هـُـوَ المـيـــلادُ نَـهْـرٌ خَـيِّــرٌ
يَـنْـسابُ يـروي الظـامئينَ ويُـطْـعـِمُ
هـذا هـُوَ المـيـلادُ بـعـضُ شُـموخـهِ
في أرضِ غـزة مـاردٌ مُـتـعـاظـِـمُ
هــذا هـُـوَ المـيـلادُ روحُ بـطـولـةٍ
أبـنـاءُ بغـداد الأشاوسُ أضرمـوا
مـيـلادُنـا أحــرارُ لبـنـان الألى
درسَ الكـرامةِ للخـليـقـةِ عَـلَّمـوا
مـيـلادُنـا شـامٌ إذا افـتُـقـِـدَ الإبــا
أبـنـاؤها ابـتـكروا الإبـاءَ وعـَمَّموا
مـيلادُنـا الإبـداعُ بَـعْـضُ جـُذورهِ
وغـصـونُـهُ ارتـفـعـتْ لما لا يُعـلَـمُ
مـيـلادُنـا مـيلادُ نـهـضــتـنا بـفـكرٍ
رائـــدٍ مُـتَـجَـــدّدٍ لا يَـهْـــرُم ُ
لا يُـفْـهَــمُ المـيــلادُ إلّا عـنـدمـا
نَطَـأُ النجـومَ ونَـرْتـقي ونـُخَـيِّــم ُ
ونَطـلُّ منْ فوقِ النُجومِ على السنا
بمـطـامـحٍ أبـداً مــداهـا الأحْـكَـمُ
لـم يَـخْـلُـقِ اللهُ الـخـليـقـةَ للفـنـا
فـقـط الفـنـاءُ نَـصـيبُ من يَسْتَسْلـِمُ
من ظـَـنّ أنّ حـيـاتـنا قـدْ تـنـتـهي
بِئـسَ الظـنون ِ ظـنونُ من يَـتوهَّـمُ
إنَّ الـحـيـاة َ حـقـيـقـة ٌ محـسـومـة ٌ
بالـعـزِّ يَـحْـفَـظُـهـا الإلـهُ الأعْـظَـمُ
هـذا هـُـوَ المـيـلادُ بـسـمـةُ خالـِقٍ
مـنْ قـالَ إنّ اللهَ لا يَـتـبـســـمُ؟!
ولأنـنـا نَـحْـنُ ابـتـســامـة ُ خـالـِقٍ
فـحـيـاتـنـا نَـغَـم ُ الإلــهِ ألأرخَــمُ
يـا أفـهم النـاسِ اعـلموا وتـبصّروا
فـالكـونُ للإنـسـانِ ســرٌ مُـحْـكَــمُ
إنْ شــئـتُـمُ المـيـلادَ نـبـعَ فـضـائـلٍ
فـحـيـاتُـكـمْ أبـداً تـشـعُ وتـعـظُــمُ
أو صرتُــمُ الـنـورَ المُشعَّ كـشـفـتُمُ
ســرَّ الـوجـودِ وللسـماءِ سَــمَوْتُـم ُ
وعَـرَفْـتُـمُ الفـوزَ العـظـيـمَ بأنـه
بـنـضـالـكـمْ لا بـالـمـنى يَـتـقـدمُ
كـونوا الأعـزَّة َ في الحـياةِ فـأنتـُمُ
أبـنــاءُ نــورٍ بـالـولادةِ كُــنْـتُــمُ
وولادة ُ الأحــرارِ كـانـتْ دائـمـاً
تَـجْـتَـثُ مـا شـادَ الطغاةُ وتَـهْـدمُ
هيَ ميزة ُ المولودِ منْ رَحمِ الهُـدى
وجـهَ الإلــهِ ومـا يُـسـِـرُّ تُجَـسِّــم ُ
مولـودُنـا مـا كـانَ شـيـئـا ًعـابـرا ً
بل كـانَ بـدءاً لا أصـحُ وأســـلَــم ُ
إنْ ضُـيِّــعَ الوعيُ انـتهـتْ آمالُـنـا
واسْـتَـهْـوَلَ الـويـلُ الـذي لا يَـرحَـم ُ
والـوعيُ أن نَـحـيا كِـرامـا ً سـادةً
إلّا بأسـمى مـا ســمـا لا نَحْـلُـم ُ
لا نُـدركُ الآمــالَ انْ لـمْ نهـتَـد ِ
بعـقـيـدة ٍ لُـغَــةَ الهُـدى تـتـكلّمُ
لا نُـصْـلـِحُ التـاريـخَ إنْ لـم نَـقـتَـدِ
بفـعالِ منْ قِـمَـمَ التَـجَـلّي صَـمّـموا
لا نُـنْـقِـذُ الإنـسـانَ مـن ظُـلـمـاتـهِ
إلاَّ إذا بــبــلاغـةٍ نَـطَــقَ الـــدَمُ
لا نَـربَـحُ الـدنـيـا بـسـحـرِ خُرافـةٍ
أو نَـربـحُ الأُخـرى بـفـكـرٍ يُـبْهـِـمُ
بل نَربَـح ُ الدنيـا مـع الأُخرى متى
ببـطـولـةٍ أمـرَ التـأرجـحِ نَحـسـمُ
فـالعـزُّ ليـسَ تـردداً وتـقـاعـســاً
الـعـزُّ عَــزْمُ ارادةٍ لا تُــثْـلَـــمُ
الـعـزُّ نَـبْــع ُ هــدايــةٍ مُـتَــوالـِـدٌ
يجـتـازُ أدراجَ الســمـِّو ويَـعـظـمُ
أبــداً مسـيـرتُــنـا ارتـقــاءٌ دائــمٌ
وذُرى الـرقيِّ هِيَ المَـطـافُ الأدْوَمُ
فلـقـدْ وُلِـدنـا للحـيـاةِ ومـجـدِهـا
وبـنا الحـيــاةُ عـزيـزةً تَـتَـجَـسَّـمُ
ومـسـيرةُ الـعـزِّ العـظـيـمةُ نهضةٌ
لا تـكـتـفي بـصـمـودهـا وتُـقــاومُ
بل تسـتـمـرُ، وتسـتـمـرُ ريـاحُـهـا
أسـسَ الخـرافـةِ والخـمـولِ تُـهـاجـِمُ
مـيـلادُنـا عـزٌ بـه اخْـتُـصـِرَ العُـلى
وبـه العُـلى نورُ الكـرامـةِ مُـبـرَمُ
سـيـظـلُ مـيـلادُ الكـرامـةِ مـشـعـلاً
مُـتَـوهّـجـاً، مـتـعـاظـمـاً لا أقْـيَــمُ
حـتى يـعـي الإنـسـانُ أنّ حـيـاتَـه
بـالـعـزِّ والـوعيِ السـليـمِ تُـقَـيَّـم ُ
هــذا هــو المـيـلادُ نـبـعُ فـضـائـلٍ
حُسـنى تـشـعُ ونـورُهـا يـتـعـمـمُ
لا شيءَ في هذا الوجودِ سوى الهُدى
يَـجـتَـثُ ســلـطـانَ الظـلامِ ويَـعـدمُ
خـيـرُ الولادة في الحـيـاةِ تَـعَـبـقـرٌ
في الـوعي لا يخـبـو ولا يـتـقـزَّمُ
زلــزالُـنـا أبــداً بشــيـرُ تـحَـوّلٍ
في شـعـبـنا نحـو التَـفـوّقِ يُـلـهـمُ