مانشيت

الاشتراكي والقوات يتناوبان على إعلان الفشل في تسويق خياري معوّض وقائد الجيش / فرنجية: الحل بالعودة الى الدستور… ونصاب الثلثين يضمن الشراكة الوطنية / التيار: حان وقت الحوار والتفاهم الداخلي… لا لإملاءات الخارج… ولا لانتظاره /

 

كتب المحرّر السياسيّ
بات المشهد ممهداً أمام دعوة الحوار التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري منذ شهرين، وعلقها بانتظار الظروف المناسبة، وهو وفقاً لمصادر نيابية متابعة يجري حساباته بدقة لمعرفة مواقف الكتل النيابية من توجيه دعوة رؤساء وممثلي الكتل الى حوار في المجلس النيابي بلا شروط مسبقة، حيث المعايير لا صلة لها بمواقف الكتل من دعم مرشحين محددين أو عدم تأييدهم، بل من رؤية مواقف هذه الكتل من خيار الحوار، وهو ما يبدو أنه تغيّر جذرياً عما كان عليه قبل شهرين، فمن جهة لم يعد لجبهة داعمي ترشيح ثنائي النائب ميشال معوض قائد الجيش العماد جوزف عون، التي يشكل ثنائي الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية نواتها الصلبة، رهانات على الوقت، والرهان على زيادة مؤيدي انتخاب معوض التي بدأت بعدّ تنازلي مع انسحاب الحزب الاشتراكي منها، كما يصرح قادة ونواب الحزب بذلك علناً. أما الرهان على تمرير التداول بترشيح قائد الجيش دون تعديل دستوري، فقد انتهى وتوّج باعتراف القوات اللبنانية بأن تأييده صار مشروطاً بفرصة حصوله على التعديل الدستوري، كما قال رئيس حزب القوات سمير جعجع.
حول الموقف من الحوار الذي يدعو إليه الرئيس بري، يقف الحزب الاشتراكي في طليعة صفوف الداعين للاستجابة، بينما سبق للقوات إن رفضت لكن لم يعرف بعد موقفها في ضوء تراجع عدد مؤيدي المقاطعة، واستطراداً تعطيل النصاب، ما يعني أن مقاطعة عدد أقل من الثلث المعطل للنصاب يعني سقوط فرصة التلويح بالقدرة على تعطيل النصاب، فيما بدا التيار الوطني الحر الذي رفض الدعوة السابقة للحوار من دعاة الحوار والتفاهم الداخلي وفق بيان الهيئة السياسية للتيار، الذي دعا لاعتبار الحوار الطريق البديل لانتظار الخارج وإقفال الطريق على إملاءاته.
المرشح الوحيد المدعوم بثلث معطل أكيد الوزير السابق سليمان فرنجية، اختار المنصة الكنسية من دير مار جرجس في بلدة عشاش في قضاء زغرتا، لإطلالته الأولى بعد إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دعمهما لترشيحه، داعياً الى اعتماد الدستور كطريق للخروج من الاستعصاء الرئاسي، وترك التحليلات والاجتهادات الانتقائية والفئوية جانباً، طالما ان نصاب الثلثين يوفر الشراكة الوطنية في الاستحقاق الرئاسي.
وأكد رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، أن «موقفنا السياسي على جبيننا ولا نخجل به، لا بل نعتز، لأننا ما من يوم سعينا فيه الى الفتنة بل لطالما كنا منفتحين على الجميع وعملنا وسنعمل لكل لبنان».
وخلال تلبيته دعوة رئيس دير مار جرجس في بلدة عشاش قضاء زغرتا الأب كليم التوني الى مائدة الغداء رأى أن «مقاطعة جلسة النواب خطيئة مميتة وضد الدستور عند البعض، أما هذا البعض فإنه اليوم يعتبر هذه المقاطعة حقاً»، لافتاً الى ان «المسيحيين يتفقون على السيئ وليس على الإيجابي، وحبذا لو يتفقون لمرة واحدة على الايجابي وليكن الدستور هو الضمانة، اما اذا كانوا لا يريدون الدستور فلتكن لديهم الجرأة للمطالبة بتعديله، ولكن ان نكون مع الدستور عندما يناسبنا ونكون ضده اذا انتفت مصلحتنا فهذا لا يجوز».
وأضاف فرنجية: «علينا ان نطبق الدستور بالانتخابات الرئاسية»، لافتاً الى أنه «بعدم تطبيقه نكون كمجلس ملة بحيث تتفق الاحزاب المسيحية الاربعة على رئيس وعندها لا لزوم للانتخابات فهل هذا ما يريدونه؟».
وتابع بـ«انتخاب الرئيس يجب أن يتوفر حضور ثلثي المجلس ما يعني ضرورة حضور نصف النواب المسيحيين للجلسة وهذا يؤمن الميثاقية»، مشيراً الى «اننا مسيحيون عروبيون ونحن من بيت عربي نؤمن بالعروبة وبالحوار وبأفضل العلاقات مع الجميع لان مستقبل البلد بوحدته وبالعيش المشترك»، مؤكداً أننا «تحت سقف الكنيسة التي تنظر الى كل رعاياها».
ونشطت الاتصالات واللقاءات على الخط الرئاسي بعد إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دعم ترشيح فرنجية، ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن «الجهود ستتركز بعد كلام السيد نصرالله والرئيس بري على الحوار مع كتلة اللقاء الديموقراطي وكتلة الاعتدال الوطني لمحاولة التوصل الى تفاهم على دعم ترشيح فرنجية لتأمين أكثرية نيابية الـ 65 على أن تنصب الجهود لاحقاً على عقد تفاهم مع كتل أخرى لتأمين نصاب انعقاد الجلسة». ولفتت المصادر الى أن «الحوار نشط أيضاً بين الثنائي حركة أمل وحزب الله وبين فرنجية للعمل على حشد الدعم النيابي لإيصاله الى رئاسة الجمهورية»، لكن المصادر شددت على «وجود حاجة لتذليل بعض العقبات الخارجية وتحديداً مع السعودية التي تملك مونة على بعض الأطراف السياسية الداخلية والكتل النيابية لا سيما كتلتي الاعتدال الوطني واللقاء الديمقراطي».
وأشارت أوساط الحزب الاشتراكي لـ»البناء» الى أننا دعمنا ترشيح النائب ميشال معوض لأننا نرى فيه مرشحاً يملك مواصفات معينة لا سيما السيادة، لكننا لم نستطع توفير الأكثرية النيابية له ولا التوافق الوطني لتأمين النصاب على مدى 11 جلسة، ما دفعنا الى الحوار مع قوى أخرى لا سيما مع الرئيس بري للبحث عن خيارات أخرى. ومن هذا المنطلق طرح رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط 3 مرشحين على ثنائي حركة أمل وحزب الله للتوافق على اسم واحد، لكن لم ينجح بذلك»، مشددة على «أننا منفتحون على كافة الخيارات التي تتواءم ومواصفاتنا الرئاسية وإذا كان يؤمن التوافق الوطني والأكثرية والنصاب المطلوبين، ومن ضمنهم فرنجية، ولسنا ضد وصوله بالمطلق ولم ندعمه حتى الآن والأمور رهن الحوار للتوافق».
وقد استقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وفداً من كتلة «الاعتدال الوطني»، وقال النائب وليد البعريني بعد اللقاء: «تداولنا في أمر انتخاب رئيس جمهورية، لملء الشغور، وقد أكد المفتي كما أكدنا أيضاً أن التسمية تأتي تحت سقف المواصفات التي اتفقنا عليها وأجمعنا عليها سابقاً في دار الفتوى، وزميلنا النائب أحمد الخير وبتكليف من التكتل أكد ذلك، وشددنا على أن يتم إنجاز هذا الاستحقاق في أسرع وقت ممكن لعدم قدرة الشعب والمواطنين على تحمل هذا الشغور وتبعاته. ونحن على مسافة واحدة من الجميع، وهذا موقعنا الطبيعي، ولسنا مع أي طرف إلا لصالح البلد، فأي إنسان يريد أن يشدنا يميناً أو يساراً سنبقى في مكاننا، أعلنا عن رأينا وكل إنسان يؤيد هذا الرأي سنكون إلى جانبه، ولن نكون معطلين لأي جلسة ولن نكون واقفين مع طرف ضد آخر».
وقال النائب نبيل بدر: «رفضنا ترشيح النائب ميشال معوض في السابق لأننا نعتبره مرشح تحدٍّ والأمر نفسه اليوم ينطبق على ترشيح سليمان فرنجية. وبالتالي نرفض ترشيحه».
وأعلن النائب سجيع عطية «أننا نسير باسم فرنجية في حال لم يكن هناك «فيتو» سعودي عليه».
وتشير أوساط سياسية لـ«البناء» الى أن «لا موقف سعودي رسمي برفض فرنجية للرئاسة، ولا حتى من السفير السعودي في لبنان، وكل ما ينقل بشكل غير رسمي عن السعودية والسفير السعودي يندرج في إطار تموضع السعودية التفاوضي مع حزب الله لنيل مكتسبات في ملفات اقليمية لا سيما في اليمن مقابل الموافقة على فرنجية»، مشيرة الى أن «السعودية لا تريد منح حزب الله هدية بانتخاب فرنجية من دون نيل ما تريده في ما يخص الأمن السعودي والخليجي لا سيما من اليمن ومن جهة إيران».
ويرفض التيار الوطني الحر خيار حزب الله والثنائي الشيعي بدعم ترشيح فرنجية، وللطريقة التي تم طرحه فيها، من دون التنسيق مع التيار، وبالتالي خيار الحزب لا يمثلنا ولا يلزمنا، ولن نسير بمرشح لا يتوافق مع الأولويات الرئاسية التي وضعها التيار. وعلمت «البناء» أن التيار قد يعلن عن خيارات رئاسية في الوقت المناسب وربما يطرح أسماء مرشحين للتوافق.
ورأت الهيئة السياسية للتيّار الوطنيّ الحرّ في بيان بعد اجتماعها الدوري برئاسة النائب جبران باسيل أن «الانتخابات الرئاسية هي أولوية مطلقة دستورياً ووطنياً، مما يوجب بذل كل الجهود اللازمة لانتخاب رئيس يجسّد مشروعاً إنقاذياً إصلاحياً متكاملاً على غرار ما ورد في ورقة الأولويّات الرئاسية التي طرحها التيار، وان يضمن تنفيذه حكومة إصلاحية تتعاون مع مجلس نيابي ملتزم بإقرار القوانين الاصلاحية اللازمة؛ وعدا عن ذلك يكون الانتخاب استحقاقاً شكلياً، ولو لازماً، دون ان يشكّل وقفاً للإنهيار ولا استنهاضاً للوطن».
ولفت الى أن «التعامل مع انتخابات الرئاسة كاستحقاق لبناني سيادي، لا يتعاطى فيه الخارج، غرباً او شرقاً، إلا من خلال مصلحة لبنان ومساعدة اللبنانيين على الاتفاق في ما بينهم، وليس من خلال مصالحه وفرضها عليهم. لذلك حان وقت التحاور والتفاهم في ما بيننا كلبنانيين دون انتظار الخارج، ودون القبول بأن يفرض علينا احدٌ من الخارج او من الداخل قراره؛ ونحن في التيار، وفي مطلق الأحوال، لن نسير الاّ بقناعاتنا التي دفعنا، وسوف نبقى ندفع في سبيلها، غالياً».
بدوره، أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أنّ «معادلة مخايل الضاهر او الفوضى في العام 1988 أعيدت عبر كلام الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، عبر معادلة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية او الفوضى، لكننا نرى بأنّ الفريق الممانع لن يستطيع تأمين النصاب لانتخاب مرشحه، وبالتالي فإن تأمين 65 صوتاً له اصبح شبه مستحيل. لانّ المضي بمرشح حزب الله يعني انّ درب الجلجلة طويل الأمد، ومواجهتنا ستكون سياسية دستورية». معتبراً أنّ «حزب الله يخشى اي رئيس آخر غير فرنجية، فوضع الحزب ضعيف لأنه لا يثق بمرشح سوى فرنجية». ورأى انه «في حال تمكن قائد الجيش جوزيف عون من جمع الأصوات المطلوبة عبر تعديل الدستور، فالقوات اللبنانية لن تمانع وصوله الى سدة الرئاسة».
وبعد الحديث عن توقف وزارة الدفاع عن استقبال البريد من قيادة الجيش، جمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزيف عون، في مكتبه في السراي الحكومي لاحتواء الخلاف بينهما، وجرى الاتفاق على حل التباينات بروح التعاون حفاظاً على الجيش ودوره وعلى العلاقة الوطيدة بين وزير الدفاع وقائد الجيش. كما تمّ خلال الاجتماع «عرض أوضاع المؤسسة العسكرية والعلاقة بين وزارة الدفاع وقيادة الجيش».
وكان ميقاتي رأس اجتماعاً يضم وزير الدفاع الوطني موريس سليم، وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، قائد الجيش العماد جوزف عون، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، المدير العام للأمن العام بالوكالة العميد الياس البيسري والمدير العام لوزارة المال جورج معراوي.
وعلمت «البناء» أن الاجتماع بحث مخاطر تردي الأوضاع الاجتماعية للعسكريين في مختلف الأسلاك العسكرية والأمنية بعد رفض منصة صيرفة الى 70 ألف ليرة وارتفاع سعر الصرف بالسوق السوداء وبالتالي ارتفاع كل المواد الغذائية والسلع ما فقد المزيد من القدرة الشرائية للموظفين، وذلك بعد تقارير أمنية عن تململ في صفوف العسكريين وازدياد حالات الفرار وتقديم طلبات التسريح من الخدمة والسفر الى الخارج، وقد تم البحث بسبل تصحيح الرواتب لتفادي انعكاس الأوضاع على أداء ودور الأجهزة الأمنية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى