مقالات وآراء

الاتفاق الإيراني السعودي والمتغيّرات في المنطقة

‭}‬ محمد حسن الساعدي
عمل العراق بكلّ الوسائل المشروعة، ليكون محطة مهمة من محطات الالتقاء لدى المجتمع الإقليمي والدولي، ولقد راهن على وسطيته واعتداله في هذا الملف المهمّ والحساس، والذي كان من أهمّ مصادر قوّته، فعقدت كثير من جلسات الحوار المهمة، بين قوى ودول مختلفة في ما بينها، وأثمر ذلك بأن يكون العراق محطة الحوار وتقارب وجهات النظر بين المملكة العربية السعودية وبين الجمهورية الإسلامية، الأمر الذي أكسبه أوراقاً مهمة إقليمياً ودولياً.
كانت الجهود العراقية منصبة على، إيجاد التقارب السياسي والأمني بين هذه الدول، والتي تربطها مصالح مشتركة، بالإضافة إلى المصير المشترك، أمام التقلبات الخطيرة في الوضع الدولي، وما خلفته الحرب الروسية على أوكرانيا من متغيّرات في العالم اجمع، وجعلت خارطته تتغيّر في طبيعة تحركها، الى جانب تغيّر طبيعة الاصطفافات السياسية في العالم، وتأثيرها في المشهد الدولي عموماً.
العراق بجهوده الدبلوماسية، استطاع تقريب وجهات النظر بين الدولتين، من خلال جلسات حوار مباشرة اتسمت بالشفافية، ومناقشة كافة الملفات العالقة بينهما، وبما يخدم مصالحهما، بعيداً عن لغة التخوين أو التدخل في الشؤون الداخلية، بالإضافة إلى توحيد الجهود والرؤى، والمواقف العربية والإسلامية أمام المتغيّرات، وأمام المخطط الذي تقوده «إسرائيل»، في تغيير خارطة المنطقة وبما يخدم مصالحها، وهذا ما سعت إليه مباشرة من خلال احتمالية توجيهها ضربة إلى مواقع محدّدة، داخل الأراضي الإيرانية، ما ينذر بدخول المنطقة والعالم اجمع، بحرب عالمية جديدة.
المساعي التي بذلتها الحكومةُ العراقيَّة، عبر استضافة بغداد، لجولات الحوار بين إيران والسعودية، وما رسَّخَتهُ من قاعدة رصينة للحوارات، ستنعكس على تكامل العلاقات بين الجانبين، وتعطي دفعة نوعيّة في تعاون دول المنطقة، وتدشين مرحلة جديدة فيها.
الاقتراب السعودي مع إيران يعني بقراءة تحليلية، انّ المنطقة تغيّرت حركة التمحور فيها، وانتهت خارطة اللوبي الواحد، لتنهض بذلك إرادات جديدة تقف بالضدّ من تمحور الغرب، وترفض هيمنة الأخير على مقدرات الشعوب، بل أنها ترفض ايّ رضوخ لهيمنتها، على حساب مصالحها ومصالح شعوبها…
لذلك كان التحرك الجديد هو بمثابة إعلان الخروج، من محور القوى الغربية التي تريد إركاع الأمة الإسلامية لهيمنتها، وبدأت مرحلة جديدة من الصراع القادم في منطقة الشرق الأوسط، وباتت واشنطن وحليفتها الكيان الصهيوني الأضعف في هذا الصراع.
دخول بكين على خط التقارب السعودي ـ الإيراني، يعطي رسائل مهمة بأنّ القطب الواحد وهيمنة القرار الواحد على العالم بات منتهي الصلاحية، وبدأ منتج جديد اسمه القوى الممانعة لهذه الهيمنة، لذلك كانت الصين هي اللاعب الأبرز، الذي استطاع بسرعة من دخول ساحة الشرق الأوسط، وتغيير المعادلة فيه، وسيكون له الأثر الأكبر في إفشال المخططات الغربية، الرامية إلى تفتيت محور الممانعة ضدّها .
يعتقد وبقراءة مبسطة أنّ منطقة الشرق الأوسط تتجه بعيداً عن مناطق الصراع، وأنّ الولايات المتحدة باتت تلعب لوحدها في هذه الساحة، ومن المرجح أنّ القوى التي تقف بالضدّ من نفوذ واشنطن في المنطقة، سيكون لها موقف جديد من هذا الوجود، وستعلن موقفها الرافض لهذه الهيمنة، وانّ على العراق أن يتخذ موقفاً سياسياً، ينعش فيه سيادته، ويدفع باتجاه القرار الوطني، ودوره المحوري في المنطقة، بعيداً عن سياسية الاستقطاب والمحاور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى