أخيرة

نافذة ضوء

حالة المجتمعات العربية
تتلاعب بها الثورات الرجعية

‭}‬ يوسف المسمار*

ان حال الأقطار العربية في هذه الأيام العصيبة تتلاعب فيها ثورات الرجعة الانحطاطية حكاماً وشعوباً، فلا الحكام يرون خلاصاً لأنفسهم خارج الاستقواء بالأعداء، ولا الشعوب العربية تدرك سفينة نجاتها الا بالعودة والرجعة الى جاهلية بائدة كانت وتبقى وسوف تستمرّ ناراً ودماراً ووبالاً عليها حاضراً، ومحواً لكل جيّد وجميل من تاريخها، وقضاءً على كل أمل بمستقبل ٍ زاهرٍ لها.
فيا أبناء الحياة ثوار النهوض والتقدم أين أنتم؟ وماذا تفعلون؟ وما الذي أصابكم فذهلتم عما يجري لبلادكم وشعوبكم؟
ويا أيها المتعلمون المثقفون ماذا تعلمتم؟ ولماذا تثقفتم؟ وما قيمة علمكم وثقافتكم إذا لم يكن لكم موقف واضح مما يحدث في بلاد العرب؟
قولوا بربكم أية ثورة تؤيدون؟ والى أي جانب تقفون؟ ولأي جهة تعملون؟ أما آن الأوان ليكون لكم كلمة وموقف وفعل؟ ألم تدركوا ما فعل بنا الأعداء عندما مزقوا بلادنا وشعوبنا؟ ألم تتعظوا بعد ما حلّ بنا من ويلات وكوارث على أيدي مصاصي دماء الشعوب وناهبي خيراتها اليهود وحكومات العدوان الأميركانية والانكليزية والفرنسية؟
ألم تروا وتشاهدوا كيف تمكن أعداؤنا الاستعماريون من تهويد وصهينة أبنائنا من مسيحيين ومحمديين فهجروا تعاليم السيد المسيح المبنية على المحبة وسنة النبي محمد القائمة على الرحمة، واستبدلوا تعاليم الإنجيل والقرآن بسموم الكراهية والحقد والفتن والعقوق بالأهل وخيانة الشعب والوطن والمصالح الحيوية خدمةً لمصلحة أعداء الإنسان والإنسانية؟
ألم تكتشفوا بعد أنهم يخططون للقضاء علينا وإبادتنا واستملاك أرضنا بأسلحة الإبادة التي يحملون، وبوسائل التضليل التي يطوّرون وبأسلحة الجهالة والغباء التي نتمسك بها؟
ألم تلمسوا وتقتنعوا بأن المكروب السرطاني الصهيوني الذي زرعوه في قلب بلادنا هو للفتك بنا والقضاء علينا بحيث لا تقوم لنا قائمة في مقبل الأيام.
أعزائي أيّها الأحرار الشرفاء في بيئة بلاد الشام وأرض الرافدين وفي كل بلاد العرب: مَن غيركم يحمي حمى الأوطان؟
ومَن غيركم تناديه شعوبنا في أزمنة الشدة والمحن؟
ومَن غيركم يستجيب لنداء الحق والواجب الذي يتفجر من حناجر أجيالنا الآتية التي لا تزال في رحم المستقبل البعيد؟
هل تعون ما سوف يحصل لو سقطت سورية في أيدي شذاذ الآفاق المارقين؟
ألم تنطلق كل الرسالات الإنسانية الأرضية والسماوية من سورية أرض الحضارة والمدنية لتعمّ العالم بكامله؟
أليس سقوط سورية في أيدي الهمجية الصهيونية هو سقوطنا جميعاً، وسقوط القيم والمثل الإنسانية وعودة بالانسان الى عصور الظلمات التي تمتد الى ما قبل عهود البهيمية؟
ألم تشاهدوا ما خلفته مكروبات الأعداء وجراثيمهم ونجاساتهم على أراضي فلسطين وبلاد الرافدين وليبيا في زماننا؟
وما خلفته أحقادهم في مدن صور وصيدا وبابل وقرطاجة ونينوى وآكاد وأوغاريت وتدمر والقدس وعكا وغزة وغيرها… من مناراتنا في سالف الأزمان؟
فمتى نلتحق جميعنا في مواكب الثورة الحقيقية التي هي ثورة النهوض والتقدم والرقي على الجهل والعبودية والفوضى والتخاذل والضعف التي ترفع الإنسان الى ما فوق مستويات الملائكة بدلاً من ثورة الانحطاط والرجعة التي تهوي بالإنسان الى ما دون دركات البهائم؟
*باحث وشاعر قومي مقيم في البرازيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى