نقاط على الحروف

ما هو الجديد الذي ستخبرنا إياه جلسة اليوم؟

ناصر قنديل
– الأكيد أن جلسة اليوم لن تُخبرنا اسم الرئيس الجديد، طالما أن هذا هو عنوانها، وهذا هو الجديد الأهم المنتظر منها، والأكيد أنها لن تبلغنا مَن سوف يكون الرئيس الجديد من خلال قراءة الأرقام، لو افترضنا ان المرشح جهاد أزعور قفز فوق الـ 60 صوتاً والمرشح سليمان فرنجية بقي دون الـ 50 صوتاً، ففي عام 1970 نال المرشح الياس سركيس 45 صوتاً والمرشح سليمان فرنجية 38 صوتاً فقط، وتوزّع الباقي بين بيار الجميل وجميل لحود وعدنان الحكيم، لكن في الدورة الثانية نال فرنجية 50 صوتاً وسركيس 49 صوتاً، وأصبح فرنجية رئيساً، ولا شيء يمنع من تكرار المشهد فيفشل سركيس الذي كان بينه وبين الفوز خمسة أصوات، ويفوز فرنجية الذي كان بعيداً بثمانية عشر صوتاً عن الفوز، كما قد يكون المشهد اليوم تماماً.
– خرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعد الانتخابات النيابية يقول إن أياً من الفريقين لم يحقق الفوز بالأغلبية النيابية، أي أن حزب الله وحلفاءه بمن فيهم التيار الوطني الحر ليسوا أغلبية فليس الجديد اكتشاف أنهم لا يمثلون أغلبية وقد أصبحوا من دون التيار، لكن عند انتهاء الانتخابات النيابية قال رئيس حزب القوات اللبنانية ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ونواب ما سُمّي بالتغيير، أنهم نالوا اغلبية المجلس النيابي، أي 65 نائباً، ووعدوا أنفسهم بالفوز برئاسة الجمهورية على هذا الأساس، وكان نواب التيار الوطني الحر محسوبين على التحالف مع حزب الله وحلفائه، والجديد اليوم أنهم ومعهم التيار الوطني الحر يفشلون بتأمين غالبية الـ 65 صوتاً.
– الجديد الذي سوف نتعرّف عليه، يطال جبهات كانت غامضة لم تتعرّض لعمليات فك وتركيب بحجم ما سوف يظهر في جلسة اليوم، حيث المعسكر الغامض لنواب التغيير ومثله المعسكر الغامض للنواب المستقلين، تحت ضغط لا يتيح الحفاظ على الغموض، وهذه فرصة خبرية لمعرفة الهويات الحقيقية، عندما يضع الأميركي ثقله لفرض موازين قوى نيابية يريد استعمالها في التفاوض مع حزب الله على إيقاع المشهد الساخن جنوباً، فيخرج النائب ميشال ضاهر من التزام التصويت لصالح فرنجية سراً والورقة البيضاء علناً إلى الالتزام العلني بالتصويت لصالح أزعور، وهو ليس ملزماً إلا لأن جهة لا يمكن ردّ طلباتها ألزمته القول علناً، وربما يكون معذوراً بحكم حجم مصالحه في أميركا، لكنه دليل على أن الأميركي يرمي بثقله لإغلاء الهوامش الرمادية أملاً ببلوغ رقم الـ 65 صوتاً لصالح أزعور، مندهشاً من سبب صعوبة الأمر، وقد كان ممكناً قبل انضمام التيار الوطني الحر بنوابه الـ 17 إلى التقاطع، ويصير صعباً بعد الانضمام، بينما كانت التوقعات بتأمين النصاب إذا انضم التيار، ومثل النائب الضاهر النائب نعمت افرام، الذي بدل موقفه مرتين واستقر على القول إنه سيصوّت لصالح أزعور بناء على رغبة البطريرك بشارة الراعي بالسير في الإجماع المسيحي. وهذا يعني أمرين، الأول الحاجة للزجّ ببكركي لمنح التغطية للانزياحات التي يريدها الأميركي، والثاني الأميركي يائس من ضمّ الجماعات وبات يعمل بالحبّة حبّة.
– الجديد في تكتل نواب التغيير بعد إعلان انضمام ثلاثي مارك ضو ووضاح الصادق وميشال دويهي كبقايا لقوى 14 آذار إلى مربطهم الأصلي، انضمام بولا يعقوبيان ونجاة صليبا الى معسكر أزعور، لأن الدقّ محشور، ولا مجال لتحل الرمادية التي كانت ضرورية لتحتفظ يعقوبيان بمكانة المرشد الروحيّ لمجموعة الستة، التي تضم نواباً آخرين سوف يتعرضون فردياً لمزيد من الضغوط حتى اليوم، منهم ملحم خلف وإبراهيم منيمنة وياسين ياسين وفراس حمدان، بينما اضطرت صليبا تحت ضغط موقعها في الجامعة الأميركية، لمغادرة صيغة الثنائي المعتصم والمتماسك مع زميلها ملحم خلف لأن للضرورة أحكاماً. وهذا يكشف بالمقابل أن النواب الباقين الرافضين الانضمام إلى معسكر أزعور، ليسوا تحت الخيمة الأميركية بل قادرون على الصمود بوجه ضغوط الالتحاق بها، وهذا يستدعي إنصاف الباقين. عندما تنتهي جلسة اليوم ويبقون على صمودهم، مثل النائبة المحترمة حليمة قعقور والنائبة المفاجأة سينتيا زرازير، والمناضل المدني إبراهيم منيمنة والنقيب ملحم خلف، والناشط فراس حمدان، والمثير للجدل ياسين ياسين، واليساري الياس جرادة، هذا إضافة الى النواب أسامة سعد وعبد الرحمن البزري وشربل مسعد، الذين يجاهرون بأنهم لن يكونوا من معسكر تأييد فرنجية، ويعبرون عن انتقادهم للحلف الواقف وراء ترشيحه، لكن الجديد هو أنّهم أثبتوا أنهم ثبتوا عند استقلال قرارهم، وهذا بذاته مهم.
– الجديد هو ظهور مجموعة من النواب المستقلين، المستقلين فعلاً، أحد عشر نائباً منهم عبد الرحمن البزري، بينهم ممثل الجماعة الإسلامية النائب المخضرم عماد الحوت، ونائب المنية اللافت أحمد الخير، ونواب عكار وليد البعريني ومحمد سليمان والظاهرة سجيع عطية، والشخصية البيروتية نبيل بدر، والنائب جميل عبود، والنائب عبد العزيز الصمد والنائب أحمد رستم، وإذا صمدت هذه الكتلة اليوم أمام الضغوط وحافظت على استقلالها وتماسكها فسوف تكون هي أهم جديد تكشفه الجلسة، وتنقل إليها محورية دور بيضة القبان، ليس في الانتخابات الرئاسية فقط، بل في الكثير من التطورات اللاحقة سياسياً وبرلمانياً وحكومياً، وسوف تكون جائزة الاستقلال على الأرجح رئاسة الحكومة أو نيابة رئاسة الحكومة على الأقل، لأحد أعضاء هذه الكتلة.
– العين سوف تكون اليوم على مراقبة رقم أزعور لمعرفة هل نجح رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بتأمين الأصوات الـ 17 التي تعهّد بها لشركائه في التقاطع بتأمينها لحساب أزعور، الذي بات يجمع 45 صوتاً من دون تصويت التيار ونواب التكتل، ويفترض أن يقفز الى الـ 62 صوتاً إذا صوّت النواب الـ 17 لصالحه، لكن هذا النجاح سوف يعني الكثير بالنسبة لمستقبل حيوية الحياة السياسية في التيار الذي تميّز عن سائر الأحزاب بوجود قادة رموز فيه الى جانب رئيسه، الذي يتقدّمهم، لكنه لا يضعهم في جيبه عند المحطات التي تثير الإشكاليات، وكذلك إذا فشل باسيل بفرض موقفه بالتصويت لحساب أزعور، فتلك إشارة الى انقسام لا يمكن تجاهل مفاعيله على مستقبل التيار. وإذا تساكن معه باسيل سوف يسلّم بضعف قبضته على التيار، وإذا لجأ لمعالجته بإجراءات حزبية قاسية بحجم الفصل والطرد سوف يعرّض التيار لانقسام أكثر حدة.
– أشياء وأخبار جديدة سوف تقولها لنا جلسة اليوم، لكنها لن تقول لنا من هو الرئيس الجديد بكل تأكيد. ومن المهم أن يضطر الأميركي لكشف أوراقه المستورة ويعلمنا بخطأ الظن ببعض، وحسن الظن ببعض آخر.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى