مقالات وآراء

الاتفاق النووي… قدرة إيرانية وإستجابة أميركية

‭}‬ د. حسن مرهج*
الاتفاق النووي بين إيران والمجتمع الدولي بات قاب قوسين أو أدنى، إذ أنه ثمة مؤشرات عديدة، تؤكد قرب التوصل إلى اتفاق بين إيران والمجتمع الدولي، في سياق الاتفاق النووي والمُحدّد وفق الشروط الإيرانية، وعلى الرغم من مماطلة الولايات المتحدة، ومحاولتها عرقلة التوصل إلى اتفاق، إلا أنّ التقارير الغربية تؤكد وتتحدّث عن وصول الطرفين إلى اتفاق.
مؤشرات عدة برزت خلال الأيام القليلة الماضية. هي مؤشرات أكدت أنّ الوساطة العُمانية أثمرت بين طهران وواشنطن، لجهة عقد اتفاق نووي جديد، والأمر الآخر، هو تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ «أنّ تل أبيب تلتزم بحقها في التصرف منفردة حتى لو كان هناك اتفاق بين واشنطن وطهران».
الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت صراحة، التوصل إلى حلول للمسائل المعلقة مع إيران، خاصة في ما يتعلق بنسب تخصيب اليورانيوم، التي وصلت إلى 83 في المئة، بالإضافة إلى المسائل المرتبطة باكتشاف أنشطة نووية في بعض المواقع غير المعلنة من جانب إيران، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يعني أنّ المسائل الخلافية بين إيران والوكالة قد تمّ حلها.
ومن المؤشرات الأساسية أيضاً في سياق الاتفاق النووي، ما أكده المرشد الإيراني، عندما أشاد بقانون الخطوة الاستراتيجية، والذي أقرّه البرلمان الإيراني أواخر ولاية الرئيس حسن روحاني، والخاص بإلزام الحكومة عدم التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإزالة كاميرات المراقبة للوكالة مع رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة، حيث أقدمت إيران على تلك الخطوة في الوقت الذي كانت تجري محادثات مع الغرب في فيينا لإحياء الاتفاق النووي القديم.
الخطوة السابقة أدّت إلى تراكم مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، ووصل إلى ما يقارب 114 كيلوغراماً، بحسب مدير الوكالة الدولية، وهو أضعاف مضاعفة لما حدّده اتفاق 2015، في جانب آخر، ثمة اتهامات غربية حيال الأنشطة النووية الإيرانية، والتي بحسب التصريحات الغربية، أنها غامضة وتشوبها تفاصيل مبهمة، فضلاً عن الاتهامات بعرقلة وصول مفتشي الوكالة إلى المنشآت النووية، ودلالة تصريح خامنئي الإشادة بما وصلت إليه إيران الآن من موقف تغيّر معه الواقع النووي الإيراني.
التصريح الآخر لخامنئي وهو كاشف وله دلالاته أيضاً، حينما أخبر مسؤولي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بأنه يجب ألا تمسّ أيّ اتفاقات في شأن البرنامج النووي الإيراني البنية التحتية للبرنامج، وهو بمثابة ضوء أخضر نحو إتمام اتفاق قريب وهو أشبه بما حدث عام 2015 لإتمام الاتفاق النووي مع إدارة باراك أوباما.
في المقابل تستمرّ واشنطن وشركاؤها الأوروبيون في تكرار أن تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 في المئة هو خط أحمر لتفعيل آلية العودة للعقوبات الأممية «سناب باك»، متجاهلين أنّ إيران خلقت واقعاً نووياً جديداً تتفاوض الآن عليه، وأنّ التوصل إلى المعرفة النووية حتى من دون تصنيع القنبلة النووية هو ما تصبو إليه طهران لزيادة قدرات الردع لديها.
يؤكد ذلك ما صرّح به خامنئي خلال اجتماعه المُشار إليه حينما شدّد على أهمية الصناعة النووية على صعيد الوزن السياسي الدولي والعالمي لبلاده، وهو ما سيدفع المنطقة إلى سباق نووي، بحيث يصبح من حقّ جيران إيران ودول المنطقة زيادة قدراتهم النووية للحفاظ على توازن القوى وألا يختلّ لمصلحة إيران و»إسرائيل» فقط، فضلاً عن المعضلة الأمنية التي تعيشها المنطقة.
الواقع أنه إذا تمّ بالفعل توقيع اتفاق موقت بين إيران وواشنطن فهو يستهدف بالأساس مصالح الطرفين، سواء من ناحية العقوبات أو من ناحية تعاون روسيا وإيران في أوكرانيا، بما يعني أنّ الدوافع داخلية ترتبط كذلك بقرب انتخابات الولاية الثانية للرئيس جو بايدن.
الأمر المؤكد أنّ العنوان الأساسي لتعامل إدارة بايدن مع طهران هو التردّد، فبينما وعد الرئيس الأميركي بإحياء الاتفاق النووي مرة أخرى على أسس تضمن اتفاقاً أقوى وأشمل بحسب تعبيره، ليتضمّن منظومة الصواريخ الباليستية وسلوك إيران الإقليمي، ذهب كلّ ذلك في ظلّ واقع جديد خلقته إيران والحرب الروسية ـ الأوكرانية.
*خبير الشؤون السورية والشرق أوسطية ومدير شبكة فينيقيا للأبحاث والدراسات الاستراتيجية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى