أولى

ميثاق جديد (2)

‭}‬ مأمون ملاعب
بعد زيارة العماد ميشال عون التاريخية إلى الشام (قبل أن يكون رئيساً) قيل الكثير آنذاك بأنه يقود المسيحيين شرقاً. اما اتفاقية مار مخايل فقد وضعت التيار الوطني الحر في خانة الصف الوطني بعيداً عن الانعزالية السياسية، والتي كانت السمة العامة للأحزاب الطاىفية المسيحية.
ما أن وصل العماد عون إلى سدة الرئاسة حتى حصد حكم التيار أول انتصاراته بمحاكمة حبيب الشرتوني غيابياً في قضية قتل بشير الجميّل. يحمل هذا الحدث الكثير من الدلالات والتي صمت عنها الحلفاء آنذاك! وبعضهم برّر للتيار حاجته إلى التعاطف مع القاعدة الشعبية المسيحية!
*هل أراد التيار تأكيد ثوابته الانعزالية بعد وصوله إلى سدة الرئاسة؟
*هل أراد التيار استقطاب المسيحيين بغطاء الانعزالية السياسية؟ لأنه لا يستطيع ذلك من خلال النهج الوطني العام؟
*هل فعلاً كان التيار يقود، أم كان مقوداً؟ وهل هو عاجز عن الاحتفاظ بشعبيته إذا سار في خطه الجديد المعلن؟
*استمرّت بعض خطابات المنابر في احتفالات التيار بذكر كلمات: «الاحتلال السوري» والمقاومة اللبنانية له وتمجيد معركة تشرين!
لم يتوقف حلفاء التيار عند كلّ ذلك، ومع هذا فإنّ التيار كان يتراجع في الانتخابات في مناطق نفوذه وتتقدّم القوات اللبنانية على حسابه، خصوصاً في كسروان، جبيل وبعبدا والمتن.
وصل ميشال عون إلى سدة الرئاسة عبر توافقين واحد مع الحريري والآخر مع جعجع. من البديهي أن تكون الحكومة بعد ذلك جامعة إضافة إلى التيار والثنائي الشيعي، المستقبل والقوات والجنبلاطي، ايّ أنها حكومة بدون رؤية استراتيجية ودون توافق على القضايا الكبرى وترتكز على توافق داخلي قوامه المحاصصة في السلطة. طوال العهد المنصرم لم ينفتح لبنان على سورية، لم يقم اتفاقية اقتصادية مع أحد فبقي مرتبطاً بالغرب، لم يقبل هبة إيرانية ولم يدرس أيّ مشروع صيني أو روسي في الكهرباء او غيرها. لا يذهب في التطبيع ولا يقبل الممانعة، وبقيت الدودة في قلب الثمرة تنخر حتى تلفت كلها. وهنا يبرز السؤال هل شعار الإصلاح الذي رفعه التيار وقال إنه تعذر بسبب رفض الآخرين هل هذا الإصلاح هو طريق بناء الدولة أو شعار استعادة صلاحيات الرئيس المسلوبة بالطائف؟
هذا الأمر ينطبق قناعة في المرحلة السابقة ومحاولة لتعزيز وضع التيار على الساحة المسيحية. اما من منعوه فهم الشركاء الذين تفاهم معهم للوصول إلى رئاسة الجمهورية.
يتعذر اليوم انتخاب رئيس للجمهورية وبذلك تتعطل عجلة الدولة خصوصاً في ظلّ حكومة تصريف الأعمال. والدولة وصلت إلى شفير الانهيار بسبب الاصطفاف الداخلي وتراجع الدور الخارجي عن قدرة الحسم خاصة في ظلّ متغيّرات دولية وإقليمية مما يعزز الأزمة إلى مدى غير منظور. أمام التيار الوطني الحر فرصة الإبقاء على النظام الحالي الطاىفي المهترئ وإنعاش الدولة المشلولة وذلك برفعه لمصلحة الكيان فوق مصالحه الفئوية وانتخاب سليمان فرنجية.
موانع ذلك…
*خوف باسيل على زعامته المسيحية (علماً أن جعجع شريك له في الزعامة)، فهو إذا انتخب فرنجية يفرغ ساحة المعارضة المسيحية لخصمه وشريكه الحالي في الاعتراض جعجع.
*خوف باسيل على نفوذه ونفوذ التيار في الشمال اللبناني، إذا أصبح فرنجية رئيساً خصوصاً في البترون ثم عكار والكورة.
*خوف باسيل من تقلّص دوره في عهد فرنجية بعد خصومة سنوات.
كل هذه الموانع هي فردية أو فئوية لذلك وجد التيار موقعاً له إلى جانب خصومه القوات والكتائب (الانعزالية التاريخية) ومتحالفاً مع بقايا 14 آذار والتغيريين الجدد وأصحاب التطبيع المغلف بالحياد. إنهم جميعاً يغامرون بالنظام اللبناني ككلّ، لا من طائف جديد مطروح ولا دوحة ولا اخواتها…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى