مانشيت

تصاعد الرفض لقرار البرلمان الأوروبي في ملف النزوح… فرنجية وباسيل وخليل لودريان متأخر عن الاثنين رغم التأكيدات بسبب عدم وجود مبادرة واضحة للحوار بحشد شعبي وعلمائي وإعلامي‪..‬ الجنوب وحزب الله يشيّعان الشيخ النابلسي… أحد مؤسسي المقاومة

‭}‬ كتب المحرّر السياسيّ
تصاعدت التفاعلات الداخلية مع القرار العدواني الصادر بحق لبنان عن البرلمان الأوروبي، والذي يكشف خلفية استعمارية وعنصرية في آن واحد، حيث الخلفية الحاضرة في التعامل مع لبنان تعبّر عن تعالٍ استعماري وتمادٍ في الاعتداء على السيادة والتصرف بعقل دول الانتداب والوصاية بعكس إرادة الدول المعنية، خصوصاً أن الدول الأوروبية تذرعت بحقوق الإنسان التي يمثلها اللاجئون السوريون وأوضاعهم الإنسانية، وهي معايير ترفض الدول الأوروبية تطبيقها على بلادها بداعي عدم القدرة على الاستيعاب والقلق على التركيبة الديمغرافية للسكان، فتفرض على لبنان قبول الإذعان لشروطها، بينما الشرط الإنساني الحقيقي الذي يتحقق بالعودة الآمنة والطوعية التي يقوم عليها المسعى اللبناني السوري، لا يزال موضع رفض أوروبي، وهو لا يحتاج إلا إلى نقل تمويل الذي يتمّ تقديمه للنازحين السوريين في لبنان، لتقديمه لهم في سورية كعائدين ضمن شروط واضحة لعودة آمنة وطوعية. وهذا يعني أن الهدف ليس أمن النازحين وحالتهم الإنسانية، بل رفض عودتهم الى سورية لأن بقاءهم هو علامة بقاء حال الحرب وتبرير العقوبات على سورية لمعاقبة الشعب السوري على كسر مشروع الإرهاب. وبالمقابل فإن إبقاءهم في لبنان للعبث باستقرار لبنان واستعمالهم كورقة للضغط السياسي والسكاني والأمني والاجتماعي، لكن الخلفية عنصرية وهي القلق العنصري من توجههم الى أوروبا في ظل منعهم من العودة الى بلدهم. وهذه الخلفيات الأوروبية حضرت في تعليقات سياسية بارزة جمعت مواقف المرشح الرئاسي الوزير السابق سليمان فرنجية، والنائب جبران باسيل والنائب علي حسن خليل.
في الملف الرئاسي أكدت المعلومات المتواترة من أغلب الجهات المعنية بمتابعة الاستحقاق الرئاسي داخلياً وخارجياً، ما سبق وكتبت عنه «البناء» لجهة تأجيل وصول المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لأسبوع على الأقل، في ظل عدم وضوح طبيعة المبادرة التي يحملها، وعنوانها الحوار الذي لم تتضح كيفية إجرائه في ظل مواقف رافضة للحوار أبرزها موقف القوات اللبنانية، وفي ظل عدم وضوح المضمون السياسي للمبادرة التي يمكن أن تجمع على تبنيها اللجنة الخماسية التي تستظل بها فرنسا وتضم أميركا والسعودية ومصر وقطر، في ظل تبني فرنسا لمعادلة تسوية رئاسية تقوم على ثنائية رئيسي الجمهورية والحكومة، وان لم يكن لسلة واحدة، بل أكثر من سلة على قاعدة تأمين النصاب والذهاب إلى التنافس في ظل توافق يضمن النصاب، بينما تتبنّى قطر الدعوة إلى البحث عن اسم ثالث غير المرشحين سليمان فرنجية وجهاد أزعور تمهيداً لجلسة انتخابية متعددة الدورات دون تعطيل النصاب، وتطرح ولو بصورة غير علنيّة اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، وتواجه دعوتها إشكالية التعديل الدستوري وصعوبة الإجماع على اسم قائد الجيش لتلافي التعديل الدستوري، كما حدث في انتخاب العماد ميشال سليمان، بالتوازي مع استحالة ضمان تأمين النصاب بدون توافق على اسم المرشح أو المرشحين المقبولين ضمن مفهوم السلة الفرنسية التي تقوم على معادلة رابح رابح.
في صيدا وبحضور شعبي وعلمائي وإعلامي لافت، شيّع الجنوب وحزب الله أحد مؤسسي المقاومة ورموز الثقافة المقاومة آية الله الشيخ عفيف النابلسي والد المسؤول الإعلامي في حزب الله الحاج محمد عفيف، وكان في مقدّمة المشاركين سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية مجتبى أماني، وقادة حزب الله رئيس الهيئة الشرعية الشيخ محمد يزبك ورئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين ورئيس المجلس السياسي السيد ابراهيم أمين السيد، وإمام مسجد القدس الشيخ ماهر حمود، وعدد من النواب ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط الحاج وفيق صفا، وتلقى أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله برقية تعزية من مرشد الثورة الإسلامية في إيران الإمام علي الخامنئي برحيل الشيخ النابلسي. كما تلقى الحاج محمد عفيف اتصالات تعزية من رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وعدد من الوزراء والنواب والشخصيات.
فيما شهدت الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة هدوءاً حذراً بانتظار الوساطات الأميركية والأممية لجهة انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قرية الغجر اللبنانية وموضوع الخيمتين في مزارع شبعا، تترقب الأوساط السياسية زيارة مبعوث الرئاسة الفرنسية جان إيف لودريان الى لبنان للكشف عما يحمله في جعبته من مبادرة أو اقتراحات جديدة، وبين هذا وذاك، بقي قرار البرلمان الأوروبي في ما يتعلق بالنازحين السوريين في لبنان في واجهة الاهتمام الرسمي، لما يشكله من اعتداء على السيادة اللبنانية وتدخّل في الشؤون الداخلية اللبنانية وعبث بتركيبته الداخلية وأمنه واستقراره، وفق ما تشير مصادر سياسية لـ»البناء» والتي استغربت صمت وتقاعس الحكومة اللبنانية التي لم تقم بأي إجراء أو خطوة ديبلوماسية باتجاه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ولا حتى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لبحث الملف، كما صمت المجلس النيابي، واقتصار الأمر على إطلاق المواقف السياسية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فيما المطلوب قرار من مجلس الوزراء برفض القرار الأوروبي وزيارة عاجلة الى سورية برئاسة رئيس الحكومة ووفد وزاري لإجراء محادثات لإعادة النازحين الى سورية تدريجياً. وحذرت المصادر من مشروع خطير يجري إعداده للبنان لمزيد من تدمير الاقتصاد عبر إغراق لبنان بتداعيات النزوح لفرض تنازلات سياسية على لبنان.
ويُحذّر خبراء في الشؤون الأمنية والعسكرية عبر «البناء» من دمج مليوني نازح سوري في المجتمع اللبناني ما يحمل مخاطر أمنية كبيرة لا سيما في حال أوقفت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مساعداتهم للنازحين وعمدت بعض الأجهزة الاستخبارية الى تسليح بعض المجموعات أو الخلايا الإرهابية وتكليفهم بمهمات أمنية لخلق فتن في لبنان، وتوقع الخبراء إعادة نشاط الهجرة غير الشرعية للنازحين السوريين الى أوروبا عبر البحر المتوسط. وحذر الخبراء الدول الأوروبية من أن قرارهم سيرتدّ سلباً على المجتمعات الاوروبية.
وأجمعت المواقف السياسية على استنكار القرار الأوروبي والتحذير من مخاطره.
وأشار رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، الى أنّ القرار «مخالف لسيادة لبنان». ولفت في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى «أننا إذ نرفضه رفضًا قاطعًا، ندعو الدولة الى استكمال العمل الجدّي لتأمين عودة اللاجئين إلى بلادهم».
بدوره، أكّد المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، أنّ «القرار‎ مجحف بشكلٍ متوازٍ بحق لبنان واللبنانيين وبحق سورية والسوريين، لكونه يضع عبئًا نأت على حمله قارة مثل أوروبا وتريد أن تلقي بثقله على لبنان».
ولفت إلى أنّ القرار «يحرّم السوريين من العودة إلى أرضهم وبلدهم ويريد أن يضعهم في ظروف هي أشبه بالإقامة الجبرية على الأراضي اللبنانية، لكي يضمن عدم تفكيرهم بالتوجه للبلدان الأوروبية عبر المتوسط»، مشددًا على أنّه «بئس القرار أن تضع مؤسسة التشريع الأوروبية اللبنانيين والسوريين، أمام خيارات كلها ساقطة بمفهوم السيادة الوطنية والقوانين الدولية».
كما اعتبر رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل أن «قرار البرلمان الأوروبي فيه ايجابية لناحية المطالبة بفرض عقوبات على المتورطين بالفساد ومعرقلي التحقيقات بقضايا الفساد المالي وانفجار المرفأ، وقد ذكر بالاسم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي».
وفي تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اشار باسيل الى ان «في القرار أيضاً سلبية مرفوضة وهي متعلقة بموضوع إبقاء النازحين في لبنان، فبأي حق يطلب ذلك وهو قرار سيادي لبناني، وبأي سلطة يفرض على لبنان ما لا يقبله على دول الاتحاد الأوروبي، فسقف الهجرة لا يتخطى الـ30 الفاً لكل اوروبا بينما في لبنان 2 مليون نازح»، متسائلاً: «هل يتجرأ البرلمان الأوروبي على الحديث مع تركيا باللهجة نفسها؟».
ورأى باسيل أن «ابتزاز لبنان بوقف المساعدة والتمويل لأزمة النزوح فهو مرفوض و»ما يربّحونا جميلة» فمساهمة لبنان من خلال خسارته 50 مليار دولار هي أكثر بأربع مرات من كل مساهمات الدولة المانحة والتي بلغت 12 مليار دولار»، متمنياً أن تتخذ الدول الأوروبية مثل هذا القرار فهو سيساهم اما بعودة النازحين الى بلادهم او التوجه لأوروبا وعندها «ما يطلبوا منا نكون خفر سواحل» لمنع توجّه قوارب المهاجرين باتجاه أوروبا.
وفي سياق ذلك، أفادت قناة «أن بي أن» نقلًا عن مصادر مطلعة، بأنّ سفير الاتحاد الأوروبي لدى لبنان رالف طراف كشف أمام المجلس الأوروبي معطيات هامة في ملف النزوح، منها على سبيل المثال أنّ ليس كل النازحين السوريين في لبنان بحاجة إلى الحماية السياسية، التي تعتمدها مفوضية اللاجئين حيال إعطاء صفة «لاجئ»، ومن هؤلاء السوريين عمال موسميون أو مهاجرون اقتصاديون، وبالتالي لا يجب اعتبارهم لاجئين ولا حق لهم في المساعدات التي حصلوا عليها، لافتة إلى أنّ «الشروط الأممية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، تكاد تكون غير قابلة للتحقيق».
وانتقد السفير طراف السياسة الفرنسية في لبنان، «والتفرد الفرنسي بالملف اللبناني، واصفًا الدور الفرنسي بأنّه يسير بمعزل عن موقف الاتحاد الأوروبي، وهو ما جعله يستبعد أن يصل الفرنسيون في لبنان الى النتائج المرجوة، رغم كل الجهود التي تبذل بغية إنجاح مسعى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون».
وشدّد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة على أن «لبنان يعيش بالتلاقي والتضامن والحوار، والمطلوب أن نحدث خرقاً وطنياً لأن السكوت والحياد السياسي وترك لبنان بغيبوبة، والإصرار على القطيعة السياسية، لا يمكن أن نسمّيه إلا خيانة، لأن البلد ينزلق باتجاه الأسفل أكثر، ومع ذلك فإننا في وضعنا الحالي تجاوزنا مرحلة لبنان يكون أو لا يكون».
واعتبر أن «داتا النزوح ضرورة وطنية، والنزوح أزمة إنهاكية لبنية البلد وتركيبته وأسواقه ويده العاملة، واليد الأجنبية تجتاح كل شيء، وما يجري كارثة في حق اليد اللبنانية وأصحاب العمل، فيما اللعبة الدولية تعمل على تغيير وجه لبنان الديموغرافي والاجتماعي». ووجّه قبلان خطابه للقوى السياسية والحكومة اللبنانية معاً بالقول: «إن الاتحاد الأوروبي يتآمر على لبنان بخصوص النازحين، والبرلمان الأوروبي يتعامل مع لبنان كمنفى للاجئين، ويقود حملة دولية لوصم لبنان بالعدائية والكراهية والعنصرية، بخلفية إبقاء النازحين بعيداً عن حدائق أوروبا، وأثبتت أوروبا في هذا المجال أنها نازية وفاشية وطاغية، وذات استبداد لا نهاية له». وأكد قبلان أن «المطلوب حماية لبنان من لعبة الأمم، وطريق بيروت – دمشق وسيلة إنقاذية استراتيجية، وكذلك العلاقة فوق العادة مع دمشق ضرورة حيوية لسورية ولبنان».
لا جديد رئاسياً بانتظار عودة لودريان الى لبنان، لكن لم يحسم موعد العودة ولا طبيعة مبادرته، ولا مكان الحوار وجدول أعماله، ولفتت مصادر «البناء» الى أن «لا مبادرة فرنسية جديدة ولا تراجع فرنسياً عن المبادرة المعروفة مع عدم التمسك بها بحال تمّ الاتفاق على تسوية أخرى عبر الحوار المرتقب». ورجّحت أن يكون الحوار في قصر الصنوبر ويضم ممثلين عن الكتل النيابية فقط.
وأشارت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، خلال حفل في قصر الصنوبر بمناسبة العيد الوطني الفرنسي، إلى أنّ «الوساطة الفرنسية ترمي إلى توفير الظروف الضرورية لإقامة حوار هادئ بين أفرقاء لا يتحدثون مع بعضهم»، وذكرت متوجهة إلى اللبنانيين أنّه «يمكنكم في لحظة يقظة جماعية أن تطلقوا العنان للتغيير».
وأوضحت أنّ «الخطوة التي قام بها رئيس الجمهورية عبر اقتراح وساطة جان-إيف لودريان، إنمّا تتوجّه إليكم، وإلى لبنان هذا بالذاّت. هي خطوة تهدف إلى جمع بلدان المنطقة والمجتمع الدولي التي ما زالت تهتمّ بمستقبل لبنان، وقد أصبح وجودها نادرًا. كما ترمي إلى توفير الظروف الضرورية لإقامة حوار هادئ بين فرقاء لا يتحدثّون مع بعضهم البعض، علماً أنه يقع على عاتقهم جميعاً انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة ليعملوا لمصلحة لبنان واللبنانيين. الهدف ليس الحلول مكانهم بل محاولة مواكبة إعادة إطلاق عجلة مؤسساتكم، فهذا شرط مسبق لا بدّ من توافره لكبح انهيار لبنان ودولته»
واعتبرت غريو أّنّ «لبنان يخسر، وكأنّه يتعرّض للبتر، قواه الحيّة وشبابه الذين يغادرونه بحثاً عن آفاق أكثر رأفة بهم لأنهم ضاقوا ذرعاً بأن تتمّ التضحية بهم على مذبح الإبقاء على نظام غير قادر على أن يتجددّ».
بدورها، دعت «لجنة المتابعة الوطنية اللبنانية» لمقرّرات وتوجُّهات الفاتيكان والأزهر الشريف، بشأن الأخوة الإنسانية والحوار الإسلامي – المسيحي، إلى «الحوار على أساس مرجعية وثيقة الوفاق الوطني والدستور، والتي لا يمكن أن تكون كذلك إلاّ في كنف المؤسسات الدستورية. وهذا المسار يبدأ حكماً بانتخاب رئيسٍ للجمهورية، غيرِ متحيّزٍ لفريقٍ أو محورٍ، ولكنه غيرُ محايدٍ بشأن مصلحة الدولة والتزام الدستور الذي سيُقسِم عليه».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى