مقالات وآراء

«إسرائيل» بين فكي كماشة التآكل الداخلي والتهديدات الخارجية!

‭}‬ رنا العفيف
دوامة انقسام شديدة دخلت فيها «إسرائيل» دون نقاط اللاعودة، في خضمّ الأزمات والمشاكل التي تتفاقم يوماً بعد يوم، إضافة لتصوّرات جديدة يتفرّد بها نتنياهو متزعّم عصر القوة التي تلاشت وتحوّلت إلى أزمة عميقة.
قراءة مصيرية تلخص واقع الخطر التي تعيشه «إسرائيل» باعتراف مسؤول «إسرائيلي» كبير من خلال مقال له نقلته صحيفة «هيوم» الإسرائيلية، مرتبط بالمسار الاستراتيجي وحكومة نتنياهو الفاشية، فما هي فكرة المقال والتصورات المستقبلية لواقع «إسرائيل» الداخلي والخارجي؟
لا شك بأنّ عواقب السياسة العدوانية التي تشتهر بها «إسرائيل» تجاه المنطقة ككلّ، لها انعكاسات داخلية وخارجية، بدأت تظهر إلى العلن، هذه السياسة المروعة التي تحكم استراتيجيتها، أفقدت «إسرائيل» ما يسمّيه الصهاينة «عنصر الحقّ»، كما تفشت ظاهرة التشظي الروحي، وتجذر ذلك في قضية الصراع التي حاولت «إسرائيل» إخفاءها وتمريرها من جيل إلى جيل، إلا أنها مع فقدان البصر والبصيرة ما زالت ترتكز على عنصر العنف والاستمرارية فيه لارتكاب الجرائم ولا شيء آخر، والجميع يلاحظ نهجها الوحيد حالياً الذي له مآلات ودوافع ارتدّ عليها بالمأزق، وهنا الحديث عن المأزق الحقيقي التي تخفيه «إسرائيل» عن الجميع بتصدير الأزمات وبنوعية العنف التي تمارسه على المنطقة والمحيط بالعموم من اعتداءات متكرّرة سواء كان على سورية أو على جنين او على لبنان، حتى أسهم ذلك في إظهار العجز «الإسرائيلي» المقرون بنهج حكومة نتنياهو المسؤول عن تأزم المأزق في الشارع أو انفجار الشارع في تل أبيب ومدن أخرى، معتبرة بذلك أنها تمتلك حلولاً، ولكن في الحقيقة لا تملك سوى خيار القوة والعنف، وبالتالي هي غير قادرة على جمع توحيد الشراكات، لذا اليوم تتفرّد بقرار متطرف لا يملك حلولاً لا على المستوى الداخلي ولا على مستوى المنطقة، وهذا أدى إلى تراجع كبير على مستوى صداقاتها حتى مع دول الخليج، عدا عن تلاشي حلم العلاقات مع السعودية وباقي الدول المناهضة لـ «إسرائيل» إنْ صحّ التعبير. وهذا بناء على الجرأة التي وصفها مسؤول إسرائيلي كبير وهو خبير في الشؤون العسكرية، إذ قال في مقال له في صحيفة «هيوم إسرائيل» وهو يكشف عمق أزمة الكيان المقدم على كارثة بحسب تعبيره…
انهم يلعبون بالنار، فالأعداء يرون المشاهد ويسمعون الأصوات، والأكثر إثارة للقلق هو لبنان حيث نصر الله المفعم بروح القتال والأكثر جرأة كما يصف، إذ توقع اشتعال جبهات متعدّدة بحجم أكبر بعدة مرات مما جرى مع غزة قبل ثلاثة أشهر، وفي توصيف دقيق له أكد على واقع خطير تتخبّط فيه «إسرائيل»، ويقول أيضاً إنّ الأميركيين ابتعدوا عن «إسرائيل» وهو ما يتجلى في ثقة الأعداء بأنها أصبحت بلا ظهير، عدا عن أنّ الحرب لم توحّد الإسرائيليين إنْ حصلت وهو رهان خاسر في ظلّ انكشاف كبير إنْ جرى تمرير مشروع قانون عدم المعقولية في الكنيست، وهذا سيسبّب توقف كتلة كبيرة من طياري الاحتياط والمتقاعدين في الخدمة وكذلك تشكيلات استخبارية سيبرانية ووحدات خاصة حيث ختم مقاله إنها ضربة قاضية وموجعة ما سيدفع إلى عدوانية أكبر بقتل المدنيين أكثر بكثير…
إذن… التوصيف الدقيق الذي أدلى به هذا المسؤول يعني بأنّ «إسرائيل» في ذروة المأزق في سياق التعبير الأقسى من خلال حكومة نتنياهو التي تمثل تيار الأغلبية الحاكمة في «إسرائيل» أيّ أغلبية تيار الدين المتطرف وهي أساس مساهم في انهيار صورة «إسرائيل» أمام نفسها وعند الجهة المناهضة لها التي أفقدت البصيرة الاستراتيجية وكسر أحلامها في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما أنّ الولايات المتحدة الأميركية تدير ظهرها لـ «إسرائيل» بأبعادها الاستراتيجية الهشة بالرغم من أنّ إدارة بايدن وبايدن نفسه يظهرون التزامهم ويؤكدون على دعم «إسرائيل»، وبالتالي نتنياهو جعل من السياسة العدوانية نزعة أدّت لشرخ كبير وتآكل مع تزايد قوة العنف لغاية تدور رحاها في الكينيست وقد لا تنتهي وإنما ستكون أشدّ وطأة من الانقسام خاصة أنّ احد قطبيها اليمين وأقساها الأكثر تطرّفا في مقابل تشبّث نتنياهو بالحكم خشية من المحاكمة بتهمة الفساد…
هذا طبعاً يؤدي إلى ضرب العلاقة مع الولايات المتحدة ما لم يكن تعريض واشنطن للخطر في سبيل إشباع غريزته السلطوية المعنّفة المرضية وإرضاء حلفائه الضامنين استمراره، معتبراً بذلك أنّ أيّ حرب سيخوضها سيربح ثغراتها في خضمّ مسار الحروب العدوانية التي يمارسها تجاه المنطقة إزاء التعامل مع التحديات الخارجية وهي تهدّد بالحسم العسكري؟ وذلك مستبعد لأنّ المسار الاستراتيجي لدى «إسرائيل» مصاب بالعجز الكلي وهو في حالة نقاط اللاعودة في نهاية المطاف الذي يدعو لواقع مرير يقع بين فكي كماشة التآكل الداخلي والتهديدات الخارجية إزاء سياسة العنف وهو السلاح الوحيد الذي تمتلكه بحوزتها، فهل «إسرائيل» قادرة على خوض أيّ معركة مقبلة في حال اندلعت…؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى