مقالات وآراء

الحال الفلسطيني…

‭}‬ سعادة مصطفى أرشيد*
تبدي المحافل (الإسرائيلية) مواقف وتقديرات متباينة تجاه الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة وحيال طرق التعاطي مع السلطة الفلسطينية، فاليمين الأكثر مغالاة وتطرفاً والمتمثل بالوزيرين بن غفير وسموتريتش لا يريد السلطة الفلسطينية ولا يجد لها مكاناً في «أرضهم التاريخية القومية»، وهي من لزوم ما لا يلزم، وانّ ميليشيات المستوطنين قادرة على السيطرة على (يهودا والسامرة) الضفة الغربية من دون الحاجة للسلطة الفلسطينية، ويعمل هؤلاء على تشكيل وفرض حقائق على الأرض تؤدّي في النهاية الى ضمّ الضفة الغربية وتقود الى الإعلان الرسمي والصريح عن مسألة قائمة منذ أكثر من عام في المسجد الأقصى وهي تقسيمه مكانياً وزمانياً بين الفلسطينيين واليهود. كما لا يرى هؤلاء من وجود لايّ تفاوض او مسار سياسي مع الفلسطينيين، لذلك لا يكترثون بما قد يعود على السلطة الفلسطينية من تدهور في مكانتها او تآكل في مشروعيتها.
أوساط اليمين الأخرى التي تسيطر على غالبية المجتمع الحاكمة منها والمعارضة، تمتاز عن الأولى بأنها أكثر احترافاً وأعمق معرفة في شؤون السياسة وأبعد عن المنطق الشعبويّ الناظر دائماً الى أصوات الناخبين مفضلاً على ذلك أن يأخذ بالاعتبار مسائل الأمن القومي ويعطيها الأولوية، ومن هؤلاء الجيش والأجهزة الأمنية الذين يبدون قلقاً واضحاً من الاوضاع المتردّية التي تعيشها السلطة الفلسطينية ومواطنيها في الضفة الغربية ولذلك ترى انّ عليها العمل على إنعاشها وإبقائها موجودة، فهي لا تزال بنظرهم شريكاً مفيداً يلتزم بالتنسيق الأمني والعمل المشترك على ضبط ظاهرة المقاومة وإن شاب ذلك بعض التردّد او شيء من العجز في المجال العملاني التنفيذي. ويرى هؤلاء أنّ انهيار السلطة الفلسطينية إنْ حصل والفراغ الذي سيعقب انهيارها لن تملأه إلا الفوضى التي لا مرجعيات لها او منظمات المقاومة التي يصعب التفاهم معها وهو ما يعود بالخطر عليهم، لذلك يكتفون بالضغط على السلطة الفلسطينية لبذل مزيد من الجهد في ضبط الأمن وتفكيك البنى المقاومة ووسائلها الآخذة بالتطور وصولاً الى ما يذكره إعلامهم من وجود ورشات تصنيع صواريخ بدائية ولكنها قابلة للتطور أطلق عدد منها من محافظة جنين باتجاه المستوطنات وكان آخرها يوم الثلاثاء الفائت.
في الضفة الأخرى من الصورة يبدي الرئيس الفلسطيني حيوية ونشاطاً برغم سنه المتقدّمة التي قاربت على التسعين، فقد استطاع جلب منظمات العمل الفلسطيني جميعاً باستثناء حركة الجهاد الإسلامي الى لقاء في القاهرة دون جدول أعمال او تحضير، استطاع خلاله أخذ الشرعية القيادية وانْ لم يحصل التوافق، وبهذه الشرعية المتجدّدة شارك في قمة العلمين التي دعا اليها الرئيس المصري وحضرها الملك الأردني عبد الله الثاني.
عنوان القمة كما ذكر الإعلام المصري يمكن اختصاره على أنه لبحث سبل تمكين السلطة الفلسطينية من استرجاع دورها الأمني والسياسي، وفي ذلك إشارات واضحة الى لقاءي العقبة وشرم الشيخ، تحدّث الرئيس الفلسطيني مطولاً عن جهود السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية للحد من تصاعد العنف (المقاومة) وأكد أنّ تطوير ذلك يحتاج الى مشاركة مصرية أردنية في مجال التدريب والى دعم فني ومالي من واشنطن، وأعرب عن أمله في ان تمارس واشنطن ضغطاً على تل أبيب لتقديم تسهيلات جديدة وفتح آفاق تفاوض. وهذه المسألة الأخيرة لا تملك واشنطن تقديمها لأبي مازن في ظلّ الحكومة الإسرائيلية الحالية، وقد لا نملك ترف الانتظار لحين سقوط الحكومة (الاسرائيلية) او انتخاب إدارة جديدة في واشنطن تملك من القوة والقناعة ما يدفعها للضغط على تل أبيب.
حتى ذلك الوقت، الى أين نحن ذاهبون؟
إلى الاشتباك الداخلي أم إلى الاشتباك مع الإسرائيلي؟
الاحتمالات واردة في الحالتين.
*سياسي فلسطيني مقيم في الكفير ـ جنين ـ فلسطين المحتلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى