نقاط على الحروف

نهاية القرن الأميركي… البريكس غدا

ناصر قنديل

– يؤرخ تاريخ ولادة البريكس كمنظمة للاستقلال السياسي والاقتصادي عن السياسات الأميركية، ضمّت روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، في عام 2006 لتاريخ الهزيمة التاريخية التي لحقت بالسياسات الأميركية الهادفة لشن هجوم معاكس يستعيد ما فقدته واشنطن من مهابة مع فشل حربها في العراق وأفغانستان، عندما نجحت المقاومة في لبنان بإفشال مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي خطّطت له وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الآتية من موقعها كمستشارة للأمن القومي الأميركي، عبر إطلاق يد كيان الاحتلال لشن أشرس حرب عرفتها المنطقة منذ حرب العراق، وتنعقد قمة “بريكس” في جنوب أفريقيا من 22 – 24 أغسطس، ووفق وزيرة خارجية الدولة المستضيفة، ناليدي باندور، تمّت دعوة قادة 67 دولة، و20 ممثلاً لمنظمات دولية، أكدت 34 دولة منها مشاركتها. وسوف تنظر القمة في طلبات مقدّمة من أكثر من 20 دولة للانضمام لعضوية التكتل الذي يأمل مؤسسوه الخمسة في أن يساهم هذا في إزاحة الولايات المتحدة عن عرش الاقتصاد العالمي.
– يأتي انعقاد قمة بريكس، وفق ما تقوله سكاي نيوز عربية التي لا تعتبر من مؤيدي بريكس والمشاركين فيها، أن هذه القمة تعلن التوازن في النظام العالمي سياسياً وعسكرياً واقتصادياً بين كتلتين، تضمّ كل منهما ثلاث دول نووية وجيوشاً تحتل مراتب أولى بين جيوش العالم واقتصادات متقدمة، وأحجاماً اقتصادية تمثل كل منها ثلث الاقتصاد العالمي نظرياً، مع تفوق نوعي في الإنتاج والتبادل التجاري لصالح دول البريكس، وكي لا ننخدع بمعنى كلمة توازن، فهي تعني أن المعسكر الذي كان يسيطر على العالم منذ نهاية الحرب البادرة قبل أكثر من ثلاثين سنة، قد فقد هذه السيطرة، أو نصفها الأهم على الأقل، لأن سيطرته على أسواق بلاده لا تعني سيطرة، طالما أن للسيطرة مفهوماً موجهاً نحو الخارج، وفقدان السيطرة ينمو ويكبر خارجياً. وهذا ما تقوله الساحات التي كان المعسكر يتصرّف معها باعتبارها حدائق خلفية، أو تحالفات موثوقة، أو ساحات تابعة لا يخشى تمرّدها.
– في العالم، الحديقة الخلفية للغرب تتمرّد، والوضع في أميركا اللاتينية غير مريح على الإطلاق، ومعلوم أن استعادة البرازيل مكانتها، وتعافي فنزويلا، وتموضع العديد من دول الجنوب الأميركية في التحالف الاستقلالي، لا دواء له، وفي أفريقيا حركة تمرّد على الغرب تتسع دائرتها باضطراد، وعجز غربي واضح عن التعامل مع هذا المتغير، بدءاً من مالي وبوركينا فاسو وانتهاء بالنيجر، بينما في الشرق الأوسط خزان المال والطاقة، فالحروب الأميركية باءت بالفشل، والصراع مع إيران فتح طريقاً إلزامية لتفاهمات، كما قال التفاهم الأخير الذي حررت بموجبه إيران أموالا يفترض أن كل نظام العقوبات عليها قد صمّم لحرمانها منها، بينما تجد عواصم الغرب نموذجاً جديداً من الحلفاء مع ظاهرتي تركيا والسعودية، حيث يتسع هامش الاستقلال، وتبني هذه الدول سياساتها بحسابات المصالح، وترفع سقوف شروطها التفاوضية مع واشنطن عند كل مفترق، بينما الحليف الموثوق الوحيد الذي يمثله كيان الاحتلال، والذي كان العصا الغليظة التي يتم التهديد بها بوجه كل من يشق عصا الطاعة، يعيش أزمة غير مسبوقة، وقد فقد مهابته وقدرته على الردع، ويواجه مقاومة فلسطينية متصاعدة يعجز عن احتواء تداعيات نموّها، ويعيش انقساماً يقول قادته إنه بداية لحرب أهلية.
– تقول صحيفة الأوبزرفر إن القرن الأميركي قد انتهى، لكن “الرئيس الأميركي جو بايدن واهم في اعتقاده أنه قادر على تسجيل ثلاثة أهداف دفعة واحدة، سلام إسرائيلي – سعودي، اختراق في الموضوع الفلسطيني، وتفاهم بشأن إيران، والسبب هو أن “القرن الأميركي قد مضى بلا عودة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى