أخيرة

دبوس

ثقوب سوداء تسير على قدمين

جان بول سارتر، وسيمون دي بڤوار، أرادا للإنسان أن ينصاع بكلّ أريحية لكلّ نداءٍ من المركز، أقميءٌ كان أم خيّر، من دون مقاومة او اعتراض، فهذه الدعوات الآتية من المركز، هي دعوات شرعية، وهي ناجزة، فأنا كما أنا، وليس كما يجب ان أكون، لم يلاحظا انّ على العقل الإنساني ان يتحرّى الدقة، ويقوم بعملية تمييز بين الخبيث من هذه الدعوات، وبين ما هو طيّب، وإلّا فإنّ الإنسان إذا ما اندفع بدون رقيب ولا حسيب نحو تلبية الرغبات والغرائز بلا مجادلة أو تمحيص، فهو لا يختلف عن أيّ حيوان يسير على أربع، أو ربما يزحف على بطنه كالأفعى.
الكون برمّته يخضع للتماثل ولقانون التكرار والتوحد، أكان صغيراً بحجم الذرة، او كان عملاقاً بحجم المجاميع الشمسية او المجرّات، لأنه خاضع لرب واحد، تكدّس في المركز، يمتلك قوة الجذب المركزي، وأجسام مبتعدة عن المركز تقاوم وتناقض الجذب المركزي، تمتلك قوة الطرد المركزي، وتحافظ على ابتعادها عن المركز.
يقول علماء الفلك انّ الثقب الأسود يطرأ فقط في نجوم تبلغ في الحجم مرتين ونصف من حجم الشمس او أكبر من ذلك، وان الذي يحدث هو تغلّب الطاقة الجاذبة المركزية في الذرات على القوة الطاردة المركزية التي تبقي الالكترونات في مداراتها بعيداً عن المركز، فيتأتّى حينئذٍ ما يُدعى بالانهيار الجذبي للمادة، Collapse of the matter، شخصياً، أسمح لنفسي بكلّ تواضع بأن أختلف مع علماء الفلك الذين يشترطون ان يحدث الثقب الأسود المرعب في نجوم تبلغ مرتين ونصف أو أكبر من حجم الشمس، وأعتقد بأنّ هذا الانهيار قد يحدث في أجسام أصغر بكثير من ذلك، كالإنسان مثلاً، فحينما يصبح العقل، والذي يمثّل الالكترون في الذرة، تابعاً لرغبات وإرادات المركز القابض، يخطط ويبرّر ويساعد في تلبية تلك الحاجات المارقة أحياناً، فإننا بإزاء انهيار جذبي للقوة الطاردة المركزية المتمثلة بالعقل، واستجابة لقوة الجذب المركزي، والفرق في هذه الحالة، انّ الانهيار الجذبي للمادة في تلك النجوم العملاقة يكون مدوّياً، بينما يكون صامتاً وئيداً في حالة الإنسان، ولعلّني لا أبالغ حينما أرى أنجلوساكسونياً يسير في الشارع قربي، فإنني أرى ثقباً أسود يسير على قدمين…
لقد ابتدعت إدارة كلنتون، وبعد تفكير عميق، ومناقشات فائضة لفلاسفة ومفكري هذه الإدارة، ابتدعت مبدأ don’t say don’t tell، لأولئك الذين ابتلوا بالشذوذ الجنسي، ويريدون الانخراط في الجيش الأميركى، وذلك في عام 1993، حتى قام أوباما بإلغائه سنة 2010.
منذ أربعة عشر قرناً، قال محمد قولاً أوسع شمولاً، وأكثر تغطية ليشمل كلّ المعاصي بما في ذلك الشذوذ الجنسي “إذا بليتم فاستتروا…”
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى