أولى

التدمير الفلسطيني الذاتي!

‭}‬ د. عدنان منصور
مما لا شك أنّ الفصائل المسلحة الفلسطينية التي تتقاتل داخل مخيم عين الحلوة منذ أيام، تخفف العبء الثقيل عن العدو وتريحه، وتنوب عنه بالمهمة التي تقوم بها على أرض المخيم.
كم هو الفرق كبير بين داخل فلسطين وخارجها. في الداخل يستميت الفلسطينيون البواسل في الدفاع عن قضيتهم، وعن حريتهم ووجودهم، ويستشهدون من أجل تحرير الأرض والإنسان من المحتلين. أما في الخارج، يتقاتل عناصر الفصائل المسلحة في ما بينهم، في الوقت الذي يرفعون فيه جميعاً راية تحرير فلسطين.
أيها السادة! إعلموا أنّ فلسطين تتحرّر بالنضال من الداخل، ولا تتحرّر بالاقتتال في الخارج.
إذا كان مبرّر وجود السلاح داخل المخيمات لحمايتها من ايّ تهديد او عدوان، فمن يحمي اليوم سكان مخيم عين الحلوة من الذي يجري على الأرض؟
قولوا لنا من الأوْلى اليوم بأمن المخيمات؟! الجيش الوطني اللبناني ام المتقاتلون المتناحرون الذين لم يتوقفوا من آن الى آخر، عن الصراع في ما بينهم، وعن الاشتباكات، والعبث بأرواح، وأمن، وحياة، وسلامة سكان المخيم ومحيطه!؟
كم يفرح ويغتبط العدو وهو يشاهد ما يشاهده على أرض عين الحلوة، عندما يُقتل الأبرياء، وتدمر البيوت، وتُشرّد الأسر! لقد كان النزوح الفلسطيني الى المخيمات يتمّ على يد جيش العدو. أما اليوم أصبح النزوح يتمّ خارج المخيمات، على يد أبناء وأصحاب القضية وللأسف الشديد!
يبقى على الفصائل المسلحة في مخيم عين الحلوة، ان تقول للعدو، لا داعي بعد اليوم، بأن يقوم جيش الاحتلال بالاعتداء على المخيمات، إذ هناك من ينوب عنه من خلال الاقتتال الدموي الذاتي، وهو اقتتال مشين مرفوض بالشكل والأساس. اقتتال برسم المنظمات، وقادة الفصائل والحركات، وقادتها الذين يرفعون نظرياً شعاراً فلسطينياً واحداً، فيما عملياً يغتالون بأيديهم القضية، ويدفنونها في تراب المخيمات!
توقفوا عن الإساءة إلى القضية، والعبث بها وتشويهها.
قد يعلم أو لا يعلم المتقاتلون أنهم باقتتالهم المقيت، يقدّمون خدمة كبيرة مجانية للعدو. فما يعجز عن القيام به، يفعلونه من تلقاء أنفسهم، بإرادتهم، وبالإنابة عنه.
إنّ الاقتتال بين أبناء القضية المصيرية سيبقى وصمة عار في جبين المتقاتلين، وفي سجل تاريخ النضال الفلسطيني، أياً كانت الحجج والتبريرات التي يتذرّع بها هذا التنظيم أو الفصيل المسلح أو ذاك.
الى متى سيظلّ الإخوة أبناء البيت الواحد يتقاتلون، ومن أجل من؟! من أجل فلسطين؟! فلسطين الواحدة تريد أبناء موحدين صفاً وهدفاً، ولا تريد أخوة أعداء لبعضهم البعض.
أيها المتقاتلون خارج فلسطين، كونوا على الأقلّ أوفياء لدماء شهداء الداخل الفلسطيني، لأسرهم، لذويهم، لجرحاهم، لمعوقيهم، فهؤلاء يصنعون فجر فلسطين بالعرق والدم والدموع والروح، ولا يصنعونه كما تفعلون باقتتالكم العبثي الذي لا جدوى منه سوى جلب المزيد من المآسي لشعب صامد عظيم تحمّل الكثير من الويلات والخلافات، وموت الأبرياء.
فيا أصحاب القضية كفى…!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى